الخميس، 9 أغسطس 2012

خبرة السنين . . حصاد تجارب و أخطاء الماضى

ينتابنى فى بعض الأحيان شعور بالحنق و الضيق عندما أقابل شاباً فى مقتبل عمره يأبى أن يستمع إلى رأى أو توجيه أو حتى نصح أو إرشاد صادر عمن هو أكبر سناً ذو خبرة فى الحياة لمجرد رغبة ذلك الشاب فى إثبات للذات - على حد قوله - والحقيقة آنذاك لا تكون كذلك ، ولكنه الإصرار و العناد والرغبة فى التمرد والعصيان والخروج على كل الثوابت والأصوليات التى إستقر عليها السابقون الأولون جيل بعد جيل ..
وبعيداً عن التفسيرات  المختلفة التى أطلقها علماء النفس و الإجتماع فى شأن عدم إصغاء الصغار لنصائح الكبار من ذوى الخبرة و الحنكة ، فإننى بعد دراسة متأنية و متعمقة فى هذا الموضوع أنظر إلى هذه الظاهرة الإجتماعية الخطيرة من زاوية مغايرة تماماً ، هى زاوية العقل و الحكمة و الفطنة و الذكاء ، وتلك جميعها أمور لو إتصف بها أى شخص مجتمعة لكان حريصاً كل الحرص على إحترام آراء الكبار و الإستفادة من خبرات الآخرين التى هى حصيلة تجاربهم وأخطائهم على مدى سنوات أعمارهم وبقدر المواقف التباينة التى عايشوها من نجاح وفشل أوصعود وهبوط أو حزن وفرح أو ضيق وفرج أو حب وكره أو أمن وخوف أو حرب وسلام إلى آخر ذلك من الأحوال والظروف التى يتعرض لها كل إنسان بصفة دائمة
وقديماً قال أجدادنا فى الأمثال : ( الأكبر منك بيوم . . يعرف عنك بسنة ) ، ولم تكن تلك مقولة عفوية بل لها أصل ثابت فى يقين الناس وعقولهم وتناقلها الأجيال المتعاقبة جيل بعد جيل حتى ترسخت فى الأذهان وصارت قولاً مأثوراً تغلفه الحكمة والعقل ، وهذا القول المأثور يعطى دلالة واضحة على أن من وُلد قبل غيره ولو بيوم واحد فمن المؤكد أنه قد رأى وشاهد وعاصر ولاحظ وعرف وعلم بما لم يعلم به هذا الغير الذى وُلد متأخراُ عنه ولو بيوم واحد ، فما بالنا لو كان هذا الفارق فى العمر سنوات عدة تراكمت خلالها الخبرات من خلال تعدد تجارب الحياة التى قد يصيب الشخص فى بعضها و قد يخطئ فى البعض الآخر ، ولكنه فى جميع الأحوال يخرج - وبلا شك - من تلك التجارب بالدروس المستفادة والعبر والعظات كى لا يكرر أخطاءه ولا أخطاء الآخرين أو يتسبب فى ضياع الوقت والجهد بلا طائل أو فائدة .
ولابد أن نؤكد فى هذا الخصوص على أن الإنسان الذكى النابه النابغ هو من يبدأ فى كل شئ وأى شئ من حيث إنتهى الآخرون ، ويستفيد من إنجازات ونجاحات من سبقوه سواء فى مجال عمله أو فى حياته العامة أوالخاصة حتى يكون مفيداً لنفسه وللناس ، ويجب أيضاً على كل منا ألا يبخل بخبراته فى شتى مجالات الحياة المختلفة ويضن بها على من هم بحاجة إليها ، وألا يتردد كل منا فى عرض تجاربه على من حوله كى يستخلص الجميع منها ما يفيدهم فى حياتهم وشئونهم الدنيوية .
وأخيراً . . صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : " كان الله فى عون العبد ما دام العبد فى عون أخيه " ، وبذلك ينهض الفرد ويسمو المجتمع وتتقدم الأمة بأسرها على طريق الرقى والنجاح .    وإلى مقال آخر إن شاء الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق