عندما
يذوب الحنين . . . . . . عشقاً ! ! ( بقلم : د . وحيد الفخرانى ) .
--------------------------------------
شاءت إرادة
الله العلى القدير . . أن يخلق المرأة ومن على شاكلتها من النساء ، رقيقة المشاعر
، عطوفة وحانية ، حالمة وهائمة ، فى دنيا الرومانسية والهوى والغرام .
ويقيناً .
. أن الخالق سبحانه ، قد إبتغى من وراء ذلك حكمة يعلمها ، وغاية يريدها ، حين خلق
المرأة على هذا النحو من الرقة والحنان . . . مصداقاً لقوله تعالى ، فى كتابه
العزيز : " وخلق كل شئ ، فقد ره تقديراً " صدق الله العظيم .
ولقد
صادفنى كثيراً . . عبر سنوات حياتى ، نساء ونساء ، كن على قدر كبير من جمال الروح
وصفاء النفس ، وطيبة القلب ، ورقة العواطف والمشاعر ، وربما فاق جمالهن هذا ، جمال
جميلة الجميلات ، وأروع الفاتنات .
وبنفس
القدر ، وربما يزيد ، قابلت نساءً ونساء ، لهن من جمال الوجه ورشاقة الأجساد ، ما
فاق كل وصف وخيال ، ولكنهن كن كتمثال من حجر صنوان ، أحسن النحات صنعه بدرجة فائقة
من الفن والإتقان ، فجعله ذات مقام عال من الحسن والبهاء ، ولكنه فاقد الروح أصم ،
كما الأصنام ، لا نشعر له بنبض ولا حياة .
وبين هؤلاء
وهؤلاء . . هناك فئة قليلة من النساء والفتيات ، تجمعن بين جمال الأرواح وجمال
الوجوه والأجساد ، يشعر المرء منا حين يلقى إحداهن ، أنه يقيناً أمام ملاك ، لا
يشبهها ولا يدانيها واحدة من جنس حواء ، إلا ما شاء الرحمن فى خلق الأشباه ،
بقدرته التى لا تدنوها ولا تعلوها أى من القدرات .
ولقد كانت
فاتنتى . . هى إحدى الفتيات النادرات ، اللاتى جمعن بين الجمال والجمال وروعة
القلب ورقة الإحساس .
عرفتها منذ
سنوات مضت . . فى إحدى ليالى البرد والشتاء ، ولم يكد يمضى على تعارفنا سوى يومان
، حتى صرت محباً لها ، بعدما كنت أكتفى بالقرب منها أو نيل الوفاق ، ولكننى حين
إقتربت منها على مدى القليل من الأيام ، أحسست أن قلبى قد تعلق بحبها ، وقد مال
إليها بالعشق والغرام ، وصارت هى عندى كل الحياة ، وأضحى جمالها هو سر كل الجمال ،
وأمست هى فاتنتى التى فاقت بسحرها ودلالها كل الفاتنات .
أما هى . .
فقد كانت فى غاية الروعة والرقة والحنين والحنان ، وكنت أشبهها دوماً ، بعروس من
ورق السوليفان ، وكم كنت أخشى عليها حتى من نفسى ، حين تشتد بيننا الأزمات ، فهى
فى ناظرى ، رقيقة المشاعر حالمة ، ولا تقوى على تحمل الصعاب الجسام .
ومضت
الأيام تلو الأيام . . وإزداد بيننا الحب ، وإشتعل العشق ، وتوالت الأحلام ، حتى
صار كل منا يأبى الحياة ، بلا رفيقه ومؤنس وحدته فى دنياه .
وذات يوم
من الأيام . . زرع الشيطان بيننا بذرة الخلاف ، حول أمر هو فى حقيقته من أمور الحب
والغرام ، حسبته أنا حب وخوف وحرص من الأشرار ، وحسبته هى شك وغيرة وإنعدام ثقة
بلا أساس .
وكعادتها
حبيبتى ، لم تتوانى فى النيل لذاتها وكبريائها ، وأبت الإنصياع ، لصوت يصدر من
القلب والوجدان ، ينادى بأعلى صوت : أيها العشاق . . لا يطيحن بحبكم العناد ، وكعادتى
أنا كنت معها صبوراً طويل البال ، حتى هدأت العاصفة وإنقشعت الغيوم وسكنت الرمال ،
وجلس كل منا إلى حبيبه ليعاتبه ، فما وجدنا للعتاب من كلمات ، وتساقطت الدموع من
مآقينا ندماً على ما ضاع وفات ، من ساعات وأيام ، هى فى حكم الزمان من أغلى وأثمن
الأيام ، وعاد كل منا ثانية ، ليسبح فى عيون الحبيب العاشق الولهان ، وذابت
الكلمات ، وذابت معها كل أوجاع الخصام .
ولكنها لم
تذب وحدها ، بل ذاب معها الحنين ، وإستحال عشقاً ، لا يضاهيه فى العشق ، سوى عشق
الوحيد ولوعة الحنين الفتان .
وإلى مقال آخر إن شاء الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق