الأحد، 30 سبتمبر 2012

رسالة إلى مبارك . . . رهين المحبسين .


 رسالة إلى مبارك . . . . رَهين المحبسين .
----------------------------------------

بعيداً عن السب والشتم اللذان ليسا من طبائع العقلاء ولا الحكماء ولا المثقفين ولا المتحاورين المحترمين . . أقول لمبارك بملئ فمى وأسأله ، ولى عليه حق السؤال وعليه وعلى أنصاره ومؤيديه كلهم فرد فرد واجب الرد والجواب . . لماذا فعلت كل هذا بنا يا مبارك ؟ ألم نكن نحبك ونعتز بك وبتاريخك العسكرى الناصع ؟ ألم نكن نعتبرك الرمز الذى لا يجب الإقتراب منه أو المساس به ؟ بحكم سنوات عمرى التى تجاوزت الخمسين . . عاصرت عبد الناصر والسادات من قبلك . . أحَب المصريون عبد الناصر حَباً لم ينله أحد قبله ولا بعده ، وبكوه قائداً وزعيماً و إنساناً ورجلاً من أعز وأغلى الرجال ، ما زلت أذكر جنازته وكأنها كانت بالأمس ، أذكر كيف كان الرجال ينهارون ويتساقطون فى الشوارع فاقدى الوعى من شدة الحزن عليه ، ما زالت كلمات رثائه مسجلة على بعض جدران مدينتنا ، مازال حياً فى قلوبنا وعقولنا ، غفرنا له كل أخطائه وسامحناه لحظة موته ، حتى النكسة التى كان المسئول الأول عنها بحكم منصبه غفرناها له ، إنخلعت لموته كل قلوب المصريين ، وما زلت أذكر كيف شعر المصريين باليتم الحقيقى عندما مات ناصر  ، لماذا بكى المصريون عبد الناصر ولم يبكوا عليك ؟ أعتقد أنك تعرف الإجابة جيداً يا مبارك وأنت اليوم طريح الفراش ، مريض سقيم ، تنتظر كلمة الله فيك وحكم التاريخ إما لك أو عليك ! ! لقد ولاك الله علينا ثلاثين عاماً ( عهدى ناصر والسادات معاً ) ، ماذا فعلت يا مبارك من أجل هذا الشعب الطيب طوال عهدك ؟ نعم لك تاريخ عسكرى مشرف كافحت وناضلت فيه من أجل هذا الوطن ، ونحن نذكره لك ونقدره ، وسوف يسجله لك التاريخ العسكرى بأحرف من نور ، وهذا حقك علينا ، ولكن فى المقابل أين حقنا نحن عليك ؟ هل وُليت علينا يا مبارك ولست بخيرنا ؟ هل إتقيت الله فينا ؟ هل أخذ ت بيد هذا الشعب إلى غد أفضل مثلما فعل عبد الناصر حتى نبكيك ؟ هل عِشت بيننا يا مبارك مثلما كان يفعل ناصر والسادات أم إتخذت لنفسك بطانة سوء وسلمت زمامك وزمام شعبك لسيدتك الأولى ولإبنك الدلوع ؟ أتذكر يا مبارك يوم أن خرجت إليك الملايين الطيبة تهنئك بسلامتك من محاولة إغتيالك فى أثيوبيا ؟ كم عاماً إنقضى منذ تلك الحادثة لم تفعل فيها لشعبك ما يستحقه ؟ أتذكر يا مبارك يوم أن مات حفيدك ورأيناك تبكى فبكيناه معك رغم أن أطفالنا يموتون كل يوم بالمئات إما للفقر أو إنعدام الرعاية الصحية لهم فى مستشفيات نظامك ؟ إنها الولاية يا مبارك ، وإنها يوم القيامة لخزى وندامة ( هكذا قال رسولنا الكريم ) ، هل إتقيت ربك فينا يا مبارك وأنت حاكم علينا ولك علينا حق الطاعة والولاء ؟ أم تركت حاشيتك ورجال قصرك يسرقون وينهبون وينهشون لحم المصريين ويشربون دمائهم تحت عينك وبصرك ؟ ألا تذكر يامبارك يوسف والى الذى سرطن أجساد شعبك والجميع يصرخ وأنت تحميه ؟ ألا تذكر حبيب العادلى وزيرداخليتك الجلاد السفاح الذى كان أبناء شعبك يئنون تحت سياط زبانيته  فى أقسام الشرطة وأمن الدولة على مدى 14 سنة وأنت تصفق له وتمتدحه ؟ ألا تذكر . . ؟ وألا تذكر . . ؟ وألا تذكر . . ؟  ورغم كل هذا أحزننى بشدة سقوطك يا مبارك هذا السقوط المريع، ما كنت أتمنى لك هذا السقوط المدوى ، كنت أفضل ألا تطمع فى كرسى الحكم و تظل حاكماً لمصر كل هذه السنوات ، حتى صرت كالأسد العجوز أمام إمرأتك وولدك وحاشيتك الفاسدة ، وأيقن الجميع أن لا طائل من بقائك يامبارك ، فخرجت عليك الجموع من شعبك ، من الشباب الضائع ، والرجال والنساء والشيوخ ، والقضاة والمحامون والأطباء والمهندسون والعمال والموظفون وكل طوائف الشعب ، خرجوا عليك لينزعوا عنك رداء الشرعية الذى ألبسوك إياه طويلاً ، دون فائدة - ما عادت ترجى من ورائك . بعد كل ذلك يا مبارك ،هل كنت زعيماً أم كنت موظفاً بدرجة رئيس ؟ وإذا كنت أنت الزعيم بعد كل ما فعلت وما لم تفعل . . فماذا نطلق إذن على زعماء مصر الحقيقيين ؟ أعتقد أن التاريخ سوف يقف عندك طويلاً ليسجل لك بطولاتك وإنجازاتك ، ولكنه سوف يقف طويلاً طويلاً طويلاً ليسجل أخطاءك وإخفاقاتك وخطاياك . . .  أما اليوم فنرجو لك ومنك أن تذهب وترحل فى هدوء ، وأترك التاريخ يحكم إما لك أو عليك . . عاشت مصر وعاش شعبها الطيب . .                                                     وإلى مقال آخر إن شاء الله .

الرجل المتخاذل . . . أسوأ أنواع الرجال .



الرجل المُتخاذ ل . . . أسوأ أنواع الرجال .
--------------------------------------

بالأمس وصلتنى رسالة بالبريد الألكترونى من إحدى العزيزات المحترمات ، أثنت فيها – من فيض كرمها – على مقالة سابقة لى ، طالعَتها للتو وبادرتنى بالقول : لقد كتبت مقالة بعنوان " المرأة الحمقاء . . أسوأ أنواع النساء " ، أسهبت فيها وأطنبت فى وصف تلك المرأة الحمقاء ، وأبرزت كم هى سيئة إلى حد أنها صارت فى رأيك هى أسوأ النساء ، فماذا إذن عن الرجال ؟ أليسوا بشراً مثل النساء ، ومنهم من يستحق أن يوصف بالأسوأ كما النساء تماماً ، أم أنك رجل ومتحيز للرجال ؟ ثم طلبت فى نهاية رسالتها أن أكتب مقالة عن أسوأ الرجال .

وللحق أقول . .  أنى لم أتردد – ولو لدقائق معدودة – فى الإجابة بداخلى على هذا السؤال ، فمن كثرة ما تعاملت مع أنواع كثيرة من بنى البشر على مدار سنوات عمرى كان الجواب حاضراً فى ذهنى ، قلت لنفسى تواً : إنه الرجل المُتخاذ ل . وقررت على الفور أن أكتب عنه ، كما كتبت سابقاً عن المرأة الحمقاء . . ولكن . . من هو ذلك الصنف من الرجال ؟ وكيف نعرفه ؟

لقد شاءت إرادة المولى عز وجل أن يكون أول خلقه من بنى البشر هو سيدنا آدم عليه السلام وليس حواء ، ولم يكن ذلك الأمر عبثاً – حاشا لله – وإنما كان لحكمة أرادها الله سبحانه وإحتفظ بها فى علمه ولم يخبر بها حتى ملائكته العابدين الساجد ين الراكعين ليلَ نهار ، وإلا كيف نفسر قول الله تعالى " وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة ، قالوا أتجعل فيها من يُفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، قال إنى أعلم ما لا تعلمون " صدق الله العظيم . . . وكان سبحانه وتعالى قد خلق آدم بيديه من طين ثم نفخ فيه من روحه ، وإستخلفه فى الأرض لإعمارها هو وذريته من بعده حتى يوم القيامة ، وتلك هى أمانة المسئولية التى فرضها الله سبحانه على الإنسان وقَبِلها ، ولم يكن يدرى ما بها من المصاعب والمشقة ، وإلا كيف نفسر قول الله تعالى " إنا عَرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال ، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ، إنه كان ظلوماً جهولا " صدق الله العظيم .

فقد خلق الله سبحانه آدم ، وخلق من بعده ذريته رجالاً ونساءً، وفرض على ذرية آدم من الرجال مسئوليات جسيمة ومضاعفة تتجاوز مسئوليات النساء ، فالرجل فى نطاق الأسرة مسئول عن رعاية أفراد أسرته وتنشئة الأبناء ، وهذا هو دوره الأسرى ، أما فى نطاق المجتمع فهو مسئول عن العمل والسعى والبناء للنهوض بالمجتمع من أجل إعمار الأرض وبقائها إلى أن يشاء الله .
وتلك بلا شك مسئولية جسيمة وعظيمة تقع على كاهل الرجل ، فيها من المشقة والمكابدة والمعاناة ما لا تقوى على تحمله أقوى النساء ، وأشدهن بأساً وصلابة ، وأمضاهن عزيمة .

وكم قابلت فى حياتى رجالاً ليس لهم من وصف الرجال إلا هيئاتهم وأسماءهم فحسب ، فالرجولة مسئولية عظيمة فى الحياة ، مسئولية تخفى فى باطنها العديد من المسئوليات ، مسئولية الموقف الصلب والجاد الذى لابد أن ينجلى وقت الأزمات ، ومسئولية القرار الذى لا مناص من صدوره ساعة الحاجة إلى قرار ، ومسئولية الكلمة والرأى الذى لا يحيد عن الحق ، ومسئولية المواجهة وعدم الفرارعندما تستعر معارك الحياة ويشتد وطيسها ، ومسئولية الزود والدفاع عن الحرمات .
أما ذلك النوع من الرجال . . . الذى تبحث عنه فلا تجده  عندما يعز الرجال ، والذ ى يتخاذل ويتراجع ويتوارى خلف النساء ، إما لضعف كينونته وذاته أو لأنانية متأصلة فى أعماقه تدفعه إلى التراجع والتقهقر إلى الوراء ، كى لا يُقحم نفسه أويُرهق نفسه أو يتحمل مسئولية ذاته أو من عداه ، فذلك هو الرجل الطامة ، الرجل الذى لا طائل من ورائه ، الرجل المتخاذل ، الرجل السئ . . . لا وألف لا . . . بل أنه – على الإطلاق – أسوأ الرجال .    وإلى مقال آخر إن شاء الله .

الجمعة، 28 سبتمبر 2012

وضاعت . . . من بين أصابعه .


وضاعت . . . من بين أصابعه .
-----------------------------

عرفها وعرفته منذ سنوات قليلة مضت ، عرفها فى بادئ الأمر من بعيد ، وظلت عيناه ترقبها وتتفحصها فى كل مرة يراها ،وكأنه كان يتوقع أن يقتربا من بعضهما ذات يوم من الأيام ، عرفها منذ البداية بسيطة ، تلقائية ، هادئة ، كتومة ، رقيقة الحال ، مظهرها يُنبئ عن مستوى إجتماعى متواضع جداً ، ولكنها كانت طموحة ، حالمة ، تسعى إلى رفع مستواها فى كل شئ .

وذات يوم من الأيام ، شاءت إرادة الله أن يتلاقيا عن قرب ، وأن يجمعهما مجال عمل واحد ، فكانا يلتقيان كل يوم بحكم العمل ، فرأى هو ذلك فرصة سانحة لكى يتعرف إليها عن قرب وأن يتعاملا بصورة مباشرة ، ولم تتردد هى طويلاً فى أن تحقق له ما يريد ، تركته يُمسك بمقبض باب حياتها ليكون أول رجل يفتحه ويدخل إلى تلك الحجرة الصغيرة المظلمة التى لم يدخلها أحد من قبله ، تركته ليدخل ويفتح النوافذ كلها ليندفع نسيم الحياة إليها ، ولتشرق فيها الشمس من بعد طول ظلام ، سمحت له أن يعيد ترتيب وتنسيق كل ما بداخلها حسب هواه وإرادته ، تركته يتسلل إلى قلبها الصغير يلهو ويلعب ويمرح ويتعب فيجلس ويستريح ، يأخذها ذات اليمين وذات اليسار وهى تتمايل بين ذراعيه مثل تمايل أغصان الشجر بفعل الرياح ، كما يشاء هو وكما تحب هى .

وفجأة . . بعد عدة أسابيع إنقضت ، أيقنت أنها قد وقعت فى شباك هواه ، وأصبحت لا تطيق الحياة بدونه ، فقد أضحى بالنسبة لها هو الماء والهواء ، وهو الليل والنهار، وهو الشمس والقمر، وهو الحلم والأمل ، وهو ترياق الحياة ، ولم لا ؟ وقد تركته يفكر لها ، ويخطط لها، وينفذ لها ، ويرتب وينسق كل كبيرة وصغيرة فى حياتها ، تركته يفعل بداخلها وخارجها كل ما يريد ، وقتما يريد ، وأينما يريد ، وكيفما يريد ، لم تعارض إرادته ذات مرة قط ، ولم تخرج عن طوع بنانه قط ، وكانت تسير معه دوماً وفق هواه لا تُمانع فى شئ ، وكانت تحب كل ما يحب ، سايرته كثيرأ فى رغباته ، ورضيت كثيراً عن تجاوزاته ، لم تكن ترغب فى إغضابه وكانت تحرص دوماً على إرضائه ، كان بالنسبة لها الحاكم الآمر الناهى لأنها تركته يمتلك قلبها وعقلها وكل كيانها ووجدانها وجوارحها ، ولم يترك لها شيئاً تتملكه ، فأمست عاجزة عن الوقوف فى مواجهته .

أما هو . .  فقد كان على النقيض تماماً ، كان رجلاً أنانياً ، لا يرى إلا نفسه ولا يعشق سواها ، ولا يبحث إلا عن ذاته ولا يعنيه ما عداها  . .  حقاً أعطاها الكثير ولكنه كان يعطيها من أجل أن يأخذ منها الكثير والكثير والكثير ، كان الأمر يبدو له وكأنها صفقة  تجارية يبرمها ويتعامل معها بمنطق المكسب والخسارة ، ونسى أو تناسى متعمداً أنه يتعامل مع إنسانة ذات قلب ومشاعر وأحاسيس وعواطف ، إنسانه تفرح وتحزن وتتألم وتتوجع ، بل وتصرخ أحياناً من شدة الألم وقسوة الحبيب ، تعامل معها بعقله أكثر مما تعامل بقلبه ، ووضع سقفاً منخفضاً لتنازلاته معها ومن أجلها ، وفرض على نفسه قيداً ألا يتعداه أو يتجاوزه . . أما هى فلتضحى بلا حدود، وتتنازل بلا قيود ،  وتعطى بلا شروط ، وإن لم تفعل فلتذهب إلى الجحيم  ! ! فقد كان يعلم جيداً أن لكل طريق بداية ونهاية ، وقد وضع بنفسه نهاية لطريقه معها ، فأعد العُدة وهيأ نفسه للحظة النهاية .

وعندما حانت اللحظة الحاسمة فى علاقتها به ، طالبته بأن يتقدم خطوة للأمام ويضحى من أجلها ، ولكنه أبى ورفض ، وإنفرط العقد الذى ربط بينهما لسنوات بين يوم وليلة ، وذهب كل منهما إلى غايته ، وكأن القدر أراد أن ينقذها من براثنه ، وبعد أن مضت إلىغيررجعة وذهبت بعيداً بعيداً ، أيقن أنه فقدها وضاعت منه بعد أن كانت فى قبضته ومِلك يمينه ،رحلت إلى الأبد بغيررجعة ، وبعد أن كانت فى راحتيه . . ضاعت من بين أصابعه . . وإلى مقال آخر إن شاء الله


الخميس، 27 سبتمبر 2012

مصر الآن . . . تبحث عن الزعيم .


مصر الآن . . . تبحث عن الزعيم
-------------------------------

قبل ثورة 25 يناير 2011 التى فجرها وأشعل شرارتها بعض من شباب مصر الأوفياء المخلصين ، كانت مصر تغلى من داخلها وباطن ترابها مثل البركان الذى ظل كامناً فى باطن الأرض لسنوات وسنوات ، حتى جاءت اللحظة الحاسمة التى إنفجر فيها ذلك البركان عبر فتحة صغيرة ضيقة فى قمته ، لتنطلق منها الحمم المنصهرة والغازات المنبعثة إلى عنان السماء ، لتعلن للجميع أن بركاناً قد إنفجر بعد أن فاض به الكيل وظل كامناً فى باطن الأرض يغلى ويموج لعقود وعقود من الزمان ، لا يشعر به أحد ولا يرى أحد ما يجرى بداخله .
وهكذا جاءت ثورة 25يناير ، عندما إنفجر بركان المصريين عبر فتحة صغيرة هى بضعة آلاف من الشباب الأذكياء النابهين ( شباب الإنترنت والفيسبوك ) لتخرج كل هموم المصريين وآلامهم وأحزانهم وإخفاقاتهم ، وتبرز على السطح حمم مشكلاتهم وأزماتهم المتراكمة عبر سنوات عديدة من اللامبالاة وعدم الإكتراث من قِبل حفنة من الحكام ، كان شاغلهم الأكبر والأوحد هو نهب ثروات هذا البلد العظيم وتدمير مستقبل أجياله القادمة من خلال توريثهم تركة سوداء ثقيلة من الفساد والظلم والفقروالجهل والمرض والإحباط والتخلف والإنكساروالديون الضخمة المتراكمة .

وكان من الطبيعى أن تخرج كل مشكلات مصر ( الداخلية والخارجية ) إلى السطح ، وتنكشف فى العراء ليراها ويشعر بها كل ذى بصر وبصيرة ، وكانت المفاجأة المفجعة لجموع المصريين أن مشكلات بلدهم الحبيب قد بلغت هذا الحجم الضخم الهائل وعمت كافة المجالات ، مشكلات فى التعليم والصحة والإقتصاد والأمن والمرور والصناعة والزراعة والبيئة والتجارة الداخلية والخارجية والأمن القومى ومياه النيل ، وحتى فى التأمينات التى نهب المفسدون أموالها ، وفوجئ المصريون أن مصرهم التى سلموها – بل غفلوا عنها – وتركوها فى يد عصابة من اللصوص المفسدين الأفاقين الكاذبين المضللين الخونة للعهد والوعد والأمانة ، فوجئوا جميعاً بأن مصر قد صارت مثل الثوب المهلهل القديم الذى بَلى من كثرة الثقوب وأضحى خرقة بالية لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء ، ولا يُجدى لها نفعاً أى ترقيع أو ترميم أو إصلاح .
لقد فوجئ المصريون أن مصر بحالتها قبل 25 يناير لم تعد تصلح بعد 25 يناير لأن يحتموا بها ، وأنهم بحاجة إلى مصر جديدة قوية شديدة عَفية مرتفعة الرأس والهامة كما كانت عقب آخر إنتصاراتها فى حرب أكتوبر العظيم ، وأقسم المصريون الشرفاء ألا يغمض لهم جَفن ولا يهدأ لهم بال حتى تنهض مصرهم الحبيبة من عثرتها وكبوتها وتتعافى من سقمها ومرضها وتسترد عافيتها ، لأن مصر كبيرة عريقة والكبير يمرض ولا يموت ، وأيقن المصريون حينئذ أنهم فى حاجة إلى قائد مُلهم حالم مصرى وطنى خالص . . إلى زعيم . ., ولكن من أين يأتى الزعيم ؟

إن الزعماء فى تاريخ الأمم والشعوب لا يتكررون كثيراً ، الرؤساء كثيرون أما الزعماء فهم  نادرون ، لأن الزعامة لا تُكتسب إنما هى موهبة فطرية يهبها الخالق سبحانه لأشخاص بعينهم ليكونوا زعماءً لشعوبهم ، يحلمون معهم ويشعرون بآلامهم وأوجاعهم ، يعشقون الأوطان ولديهم الحلول السحرية الغير تقليدية للمشاكل والأزمات ، يلهبون حماس الجماهير ويستنهضون همتهم ، يفكرون ويخططون ويتقدمون الصفوف من أجل تحويل الأحلام إلى حقائق على أرض الواقع ، يتكلمون كثيراً ولكنهم يفعلون أكثر ، يحشدون الجماهير حول مشروعات قومية حالمة ، وفى تاريخ مصر الحديث كان محمد على زعيماً باعث نهضة مصر الحديثة ، وكان سعد زغلول زعيماً ، وكان جمال عبد الناصر زعيماً ، وكان السادات زعيماً ، كلهم كانوا زعماء بالفطرة ، حققوا لمصر الإنتصارات العظيمة ، لم يكن أى منهم موظفاً بدرجة رئيس ، والآن مصر فى حاجة إلى واحد من هؤلاء ، إلى من يأخذ بيد أبنائها ، إلى قائد ، إلى ملهم ، إلى منقذ ، إلى حالم ، إلى وَفى ، إلى نقى ، إلى مُخلص ، مصر الآن فى حاجة إلى زعيم .. وإلى مقال آخر إن شاء الله.

الأربعاء، 26 سبتمبر 2012

المرأة الحمقاء . . . أسوأ أنواع النساء .


المرأة الحمقاء . . . أسوأ أنواع النساء .
-----------------------------------

تتعدد طبائع البشر وتتنوع خصالهم تعدداً وتنوعاً واسعاً لا حصر له ، وتلك هى سنة الله فى خلق عباده ، ولو شاء الله لخلقهم جميعاً على وتيرة واحدة متشابهون فى كل شئ ، وما أعجزه ذلك ، فهو سبحانه – جل شأنه وعلا قدره القائل للشئ كٌن فيكون ، ولكن لحكمة يعلمها شاءت إرادته أن يخلقنا على هذا التعدد والتنوع والتباين والإختلاف ، فنسعى جميعاً إلى التكامل والتكافل والتآزر ، فيُكمل بعضنا بعضاً ويشد بعضنا من أزر بعض ، وإلا كيف كنا نفسر قول المولى عز وجل " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا . . . " صدق الله العظيم 

وإعمالاً لهذه السنة الإلهية فى الخلق ، نجد فينا الإنسان المحب للخير والباغى للشر، والإنسان الأمين والخائن ، والإنسان الوفى المخلص والغادر ، والإنسان المؤثر غيره على نفسه والأنانى ، والإنسان الحكيم العاقل والأحمق . . . . إلخ .
وفى هذا الإمر لايختلف الرجل عن المرأة ، فكلاهما خُلق على ذات الأساس ونفس القاعدة ( تعدد الطبائع وتنوع الخصال ) ، وليس الأمر مقصوراً على أحدهما دون الآخر ، فالرجل والمرأة تقاسما ذات الطبائع ونفس الخصال ، لأن أصل الخلق كله واحد " كلكم من آدم وآدم من تراب " .

وبحكم عملى ومهنتى وسنوات عمرى قابلت وتعاملت وإقتربت – بدرجات متفاوتة – مع كل أنواع البشر رجالاً ونساءً ، كباراً وصغارا، شباباً وشيوخاً ، ولا أستثنى أحداً ، وإستهوتنى معرفة طبائع البشر وخصالهم ، وتعمقت فى دراسة وتحليل شخصية كل من أتعامل معه ، فأضع المقدمات ثم أستخلص النتائج وأفتعل المواقف إفتعالاً وأنتظر ردود الأفعال كى أؤكد لنفسى صدق توقعاتى التى تأتى صحيحة فى أغلبها إلا نادراً ، وربما كان لوالدتى – رحمها الله – الفضل الأكبر فى ذلك ، فقد أورثتنى القدرة على الغوص داخل أعماق الناس ومعرفة طبائعهم وخصالهم وفهم وتحليل شخصياتهم ثم التوقع الصائب لردود أفعالهم وتصرفاتهم فى شتى المواقف والمناسبات . وقد علمتنى الكثير والكثير فى السنوات الأخيرة من عمرها الذى ناهز الخامسة والثمانين عاماً جعلتها كنزاً من الخبرة والحنكة بلا حدود تعلمتها كلها من مدرسة الحياة وتجاربها

ولقد قابلت فى حياتى – ضمن من قابلتهم – إمرأة رغم عمرها الذى جاوز الثلاثين عاماً ، لم تكن تحسن التفكير ولا تحسن التعبير ولا تحسن التصرف فى الكثير من المواقف ، كانت ريفية من قرية صغيرة ، نالت شهادة جامعية من كلية نظرية مجرد حبر على ورق ، كان تفكيرها محدوداً جداً بحدود القرية التى تقطنها ، وكانت فى ناظراى نموذجاً للمرأة الحمقاء ، التى إذا حاولت التفكير ضل عقلها طريقه إلى الصواب ، وإذا رغبت فى التعبير أعجزتها الكلمات فصارت كمن سكت دهراً ثم نطق كٌفراً ، وإذا أرادت التصرف أساءت الفعل والتحرك ، وكانت غالباً ما تظهر مثل الكائن العشوائى الذى يتخبط يميناً ويساراً ، ولكنه سائر فى طريق الحياة كغيره من الكائنات التى خلقها الله ، وكثيراً ما كنت أتأملها وأقول فى نفسى سبحان الله الخالق لو أراد لها أن تكون غير ذلك ما أعجزه شئ ، ولم تكن نصائحى لها تُجدى نفعاً ، إختلفت معها كثيراً وكثيراً حتى صار الخلاف والإختلاف هو العامل المشترك الأكبر بيننا ، فتلك طبيعتها وعلى ذلك جُبرت ، وظلت على ذات النهج حتى وصل قطار حياتها إلى محطة هامة وفارقة ، إلا أنها لم تغيرمن أمرها شيئاً ، فأساءت التفكير كسالف عهدها لتضل الطريق ، وأعجزها التعبير عما بداخلها لتزيد الأمر سوءاً ، وأخطأت التصرف بالرعونة والتهور لتقطع آخر حبال الود والمحبة فيما بيننا ، فكانت نهاية الطريق معها ضياع أحلام وفقدان آمال وخُسران سنوات وأعوام ، وذهبت بعيداً لتخلف وراءها عُشاً مهجوراً وأرضاً محروقة وحُزناً دفيناً وجرحاً عميقاً سوف يبقى طويلاً ، وصدق من قال " لا تعاشر الأحمق ولو كان ذا مال " . . . . وإلى مقال آخر إن شاء الله .


الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012

عندما يجتمع الجمال والذكاء فى إمرأة واحدة .


عندما يجتمع الجمال والذكاء فى إمرأة واحدة .
------------------------------------------

من أجل حكمة لا يعلمها إلا الله جل شأنه وعلا قدره ، خلقنا سبحانه من أجناس متعددة وألوان شتى وأنعم علينا بنعم كثيرة ، لم يهبها لإنسان واحد من خلقه إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فجعل بعضنا يختلف عن بعض فى أمور عديدة ليكمل بعضنا بعضاً ، وربطنا سبحانه برباط الحاجة لا برباط الفضل كى لا يستغنى بعضنا عن بعض ، وتلك سنة الله فى خلقه عز وجل .
ويقيناً أن نعم الله على عباده كثيرة وكثيرة لا تحُصى ، مصداقاً لقوله تعالى فى محكم آياته " وأن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " ، فقد أنعم الله على بعض من عباده بنعمة المال ، وآخرون بنعمة الصحة ، وغيرهم بنعمة الجمال ، وسواهم بنعمة العقل والذكاء ، وعداهم بنعمة الذرية الصالحة ، وهكذا إلى بقية نعم الله التى لا تُحصى .

والمرأة باعتبارها الكائن البشرى الذى خلقه المولى سبحانه من أجل أن يسكن إليها الرجل وتسكن إليه وجعل بينهما مودة ورحمة وصولاً إلى إعمار الأرض بذريتهما معاً ، تلك المرأة أعطاها الله سبحانه من النعم الكثير وإن إختلفت هذه النعم من إمرأة إلى أخرى ، فهناك المرأة الجميلة ، والمرأة النابهة الذكية ، والمرأة الولود ، والمرأة الخلوق . . . . . إلخ .

وفى رأيى أن نعمة الجمال هى من أفضل نعم الله على المرأة ، فالجمال الإلهى الطبيعى فى المرأة من شأنه أن يفتح أمامها كل الأبواب المغلقة ويهبها القبول بين الناس من أول لحظة تبصرها العيون ، فكم لاحظت – طوال سنوات عمرى التى جاوزت الخمسين – كيف أن جمال المرأة له مفعول السحر فى كل آن وكل مكان تطأه قدماها ، وكيف أن أبواب النجاح الموصدة قد فُتحت على مصراعيها لإمرأة لا لشئ يميزها سوى جمالها اللافت وحسنها الفائق ، وقد صدق قائل العبارة المشهورة " ثلاث يُذهبن الحزن ، الخضرة والماء والوجه الحسن " .
أما ذكاء المرأة فحدث عنه ولا حرج ، فقد إمتلأت الحياة بنساء كثيرات كان حظهن من الجمال قليلاً ، إلا أن ذكاءهن الفطرى ساعدهن كثيراً على النجاح فى التعليم والعمل ،والوصول إلى غايتهن ، لاأقول بكل سهولة ويسر ولكن بشئ من الإصرار والعزيمة .
فنعمة جمال المرأة – وحدها – هى بلا شك نعمة عظيمة ، ونعمة ذكاء المرأة – وحدها – هى بلا شك أيضاً نعمة عظيمة . ولكن ما هو أعظم وأبهى وأرقى أن يجتمع الجمال الإلهى الطبيعى مع الذكاء الفطرى فى إمرأة واحدة . . . فتلك قصة أخرى وحكاية أخرى ورواية أخرى .

فمنذ أكثر من عشرسنوات  مضت شاءت الأقدار أن تقترب منى وأقترب منها فتاة من ذلك النوع الذى إجتمع فيه الجمال والذكاء معاً فى آن واحد ، إقتربنا لمدة ثلاث سنوات ، ولست أنسى كيف كان جمالها ساحراً وذكاؤها مبهراً ، كنت أرى الناس من حولها – كبيرهم وصغيرهم- يتهافتون عليها ، يرغبون فى التقرب منها والتودد إليها ، وكيف كان الجميع يحسدوننى على قربى منها ، وكيف كانت إبتسامتها الجميلة تفتح أمامها الأبواب الموصدة ، وكيف كان ذكاؤها النابه يرفع الحواجز من طريقها . كل شئ فيها كان جميلاً ، حتى النساء والفتيات كن يغرن من جمالها . كانت فى حياتى كالحلم الجميل الذى مر وإنقضى سريعاً وكأنه ثلاثة أيام لا ثلاث سنوات . كان عطرها يفوح فى كل حياتى كعطر الياسمين ، وكنت أشُبهها باليمامة البيضاء فى جمالها وهدوئها ، لم ألتقى قبلها ولن ألتقى بعدها بمثلها ، لأن مثلها لايتكرر فى حياة إنسان واحد مرتين . كم تمنيت أن أظل برفقتها بقية عمرى مهما كلفنى الأمر ، وحزنت على فراقها حزناً لم أحزنه من قبل ولم أحزنه من بعد ، ولكن هيهات هيهات . . فليس كل ما يتمناه المرء يدركه .
لقد كان زواجنا غير جائز شرعاً . . بسبب الرضاع .               وإلى مقال آخر إن شاء الله .


الاثنين، 24 سبتمبر 2012

السياسة فى الفضائيات والقاعات المغلقة .


السياسة فى الفضائيات والقاعات المغلقة
-------------------------------------

قديماً . .  قالوا أن السياسة هى فن الممكن فى ظل ظروف الواقع ، أى أن السياسة لا تمُارس ولا تبُاشر إلا بين جموع الناس ( المواطنين ) فى الشوارع وعلى المقاهى وفى المنتديات والنقابات وبين الطلاب فى الجامعات وفى الأحزاب السياسية ، ولا تنجح ممارسة السياسة إلا إذا قدمت الحلول الناجحة لمشكلات الفرد والأسرة والجماعة والمجتمع والوطن فى حدود الإمكانيات المتاحة التى تفرضها ظروف الواقع وملابساته وليس الوهم والخيال أو النظريات و الإفتراضات

وأننى أتعجب بشدة حين أرى كثيراً ممن يمارسون العمل السياسى ويدعون أنهم من محترفى السياسة – سواء على المستوى الفردى المستقل أو على المستوى الجماعى الحزبى – أتعجب حين أراهم يماسون السياسة أو العمل السياسى بطريقتهم الخاصة الفاشلة فقط أمام الكاميرات وفى أستوديوهات القنوات الفضائية المتناثرة هنا وهناك أو فى القاعات المغلقة المكيفة سواء فى أرقى الفنادق ذات الخمس نجوم أو فى مقار بعض الأحزاب الكرتونية الهشة التى ليست أحزاباً بالمرة ولكن القانون فرض لها تلك التسمية الوهمية ، ونجدنا نرى ذات الشخص الذى يدعو نفسه أو يدعوه الجهلاء مفكراً سياسياً أو مثقفاً أو نخبوياً من دعاة الثقافة والفكر ، نراه يتنقل بين الفضائيات المختلفة عدة مرات فى اليوم الواحد كى يكرر على مسامعنا ما قاله بالأمس وأول أمس والأسبوع المنصرم بل والشهر الماضى فيذكرنا بالنموذج من البشر الذى قيل عنه " أنه رجل إعتاد أن يفتح فمه فى كل مجلس ثم يتركه مفتوحاً وينصرف " ، وتنفض الجلسة تلو الجلسة تلو الجلسة ولا يقدم مفكرنا الجليل ومثقفنا الداهية أية حلول لأية مشكلات نعانى منها جميعاً لكونه وأمثاله ونظراؤه من مُدعى الفكر والثقافة منفصلون عن بقية جموع الناس وواقع حياتهم اليومية ومشكلاتهم المعيشية حتى ضاق بهم الناس ذرعاً وما عادوا يلتفتون إلى ما يردده هؤلاء الثرثارون السفسطائيون الفقاقيع ، بل أن الأمر وصل بالبعض من الناس أن يتداخل معهم فى الحوار لا من أجل أن يتفاعل معهم أو يمتدحهم وإنما ليسخر منهم ويلقى عليهم المسئولية عن حالة التيه والضياع وفقدان ملامح الطريق الذى يسيرون عليه من كثرة التخبط فى الرؤى والتشكيك فى الآخر وتسفيه الآراء المضادة والخلاف والإختلاف حول كل كبيرة وصغيرة .

وبالأمس قرأت خبراً تناقلته وسائل الإعلام المختلفة حول تشكيل تحالف سُمى " تحالف الأمة المصرية " من عدة قوى وطنية وأحزاب سياسية وجماعات لا نعرف عنها شيئاً تدعى أنها ليبرالية ويسارية وديمقراطية ومد نية ومواطنية حسبما يطلقون هم على أنفسهم ، وكان لى شرف مطالعة صور إجتماعهم الميمون الذى تقرر فيه تشكيل ذلك التحالف الجديد ، فنظرتهم عينى يقبعون فى مقاعدهم الفخمة داخل قاعة فاخرة مكيفة بمقر حزب الباشوات والباكوات ( الوفد ) حول طاولة واسعة مستطيلة يرتدون البدل الأنيقة والقمصان ذات الياقات المكرفتةبالكرفتات ذات الماركات العالمية وأمامهم زجاجات المياه المعدنية وعبوات العصائر والبيبسى كولا الأمريكانية ، يتبادلون الإبتسامات والأحضان والقبلات ،وكل منهم إعتاد أن يفتح فمه فى كل مجلس يحضره ليلقى فى وجه الحاضرين كلمات وكلمات حفظها عن ظهر قلب وكرهها الناس منه سمعاً ونطقاً ، لأن هؤلاء الباكوات والباهوات الجدد قد ملهم الناس ونفروا منهم لأنهم إنفصلوا عن واقع الناس وحياتهم وسموا أنفسهم بالنخبة المفكرة المثقفة وما هم بمفكرين ولا مثقفين ولا نخبويين .
فيا سادة . . ياباكوات ويا باهوات ، السياسة لا تمُارس فى الفضائيات ولا فى القاعات المغلقة المكيفة أو فى الفنادق الفاخرة ، وإنما تمُارس بين الناس فى شوارعهم وحواريهم وأزقاتهم وعشوائياتهم وقراهم وكفورهم ونجوعهم . . أفيقوا أيها السادة من غيبوبتكم العميقة قبل أن ينصرف عنكم كل الناس .                              وإلى مقال آخر إن شاء الله .

الخميس، 13 سبتمبر 2012

سياسة الأرض المحروقة فى الحرب غالباً . . وفى الحب أحياناً



سياسة الأرض المحروقة فى الحرب غالباً . . وفى الحب أحياناً
---------------------------------------------------------- 

قديماً قالوا أن كل شئ مباح فى الحب والحرب ، وتلك كلمات أفرزتها صروف الزمن وأحداث السنين الطوال ، ومفادها أن فى الحروب يتواجه عدوان كلاهما يكره الآخر ويبغضه ويحرص كل الحرص على إبادته وفنائه ، فيسعى جاهداً قدر إستطاعته – بعد أن يعد العدة للقضاء عليه وإزالته من الوجود ، ويصبح ذلك كل هدفه ومبتغاه ، ويظل رابضاً متيقظاً متربصاً له ومتأهباً للإنقضاض عليه والوصول إلى غايته ، وبما أن الغاية تبرر الوسيلة – عند ميكيافيللى – فإن كل وسيلة فى الحرب تفضى إلى النصرهى من قبيل المباح ، بصرف النظر عن مدى طهارتها أو مشروعيتها ، فليس بعد الحرص على القتل والدمار والفناء شئ فى الوجود يبقى ذات معنى .

وفى الحب لا يختلف الحال كثيراً وإن إختلفت الغاية والوسيلة ، فغاية المحب العاشق هى إسعاد المحبوب المعشوق وإشاعة الأمل والرجاء فى نفسه وإحاطته بالعطف والحنان وإشباع دنياه بالبهجة والسرور ، وتلك غاية لاشك نبيلة وغالية وعزيزة يحرص المحب العاشق على تحقيقها والوصول إليها ، ويسعى قدر المستطاع إلى تحويلها من حلم وأمل إلى واقع وحياة سعيدة يهبها راضياً مختاراً إلى محبوبه ومعشوقه ، ولا يدخر فى ذلك جهداً ولا يبخل بأى غالى أو نفيس يؤدى إلى إسعاد المحبوب المعشوق ، ولا يعدم وسيلة فى سبيل تحقيق ذلك ، وتصبح كل الوسائل مباحة ما دامت تسعد المحبوب ، فليس بعد الحب شئ فى الوجود يستحق العناء .


ومنذ أن نشبت الحروب بين بنى البشر من قديم الزمان لا نجد لها قانوناً يحكمها سوى الرغبة فىالدمار والخراب
وإبادة الطرف الآخر ، فإن كان للمعتدى ما أراد أعلن إنتصاره وإستتب له الأمر برمته ووضع يده على كل ما يخص المهزوم وصار الأمر الواقع إحتلالاً ، أما إن إشتدت المقاومة فى وجه المعتدى وأجُبر على الجلاء وترك الديار، عاث فيها فساداً ، يحرق الأخضر واليابس ويُهلك الزرع و الضرع ويقضى على كافة أشكال الحياة ولا يبقى وراءه سوى الخراب والدمار، وتلك هى سياسة الأرض المحروقة فى الحروب ، مثلما فعل التتار بالبلاد التى غزوها ، وقد إتبع من بعدهم أقوام آخرون نفس سنتهم فى الحرب إمتلأ بهم تاريخ الحروب بين بنى البشر .

أما فى الحب . . فلا مجال للشرور بين الأحباب ولا للخراب أو الدمار ، بل الورود والأزهار هى التى تسيطر على علاقة المحب العاشق بالمحبوب المعشوق فى كل الظروف والأحوال ، ولا يُستثنى من ذلك إلا حالة وحيدة فقط ، يفلت فيها الزمام وتخرج الأمور عن السيطرة وتتبدل المشاعر من النقيض إلى النقيض تماماً ، تلك هى خيانة المحبوب للعهد والوعد ، والحب والعشق ، والأيام الجميلة والذكريات ، هنا لك فقط يُمسى المحب العاشق كمن تلقى طعنة موجعة من وراء ظهره ، وممن ؟ من الحبيب الغالى ، من روح الفؤاد ، من قرة العين ، من أغلى وأعز الناس ، فيستحيل إلى أسد جريح يزأر بصوت عالى رهيب تهتز له الأرجاء ، ويفزع منه كل كائن من كان ، ولا ينتابه إلا شعور بالغضب الشديد ، فتسيطر عليه شهوة الإنتقام من طاعنه حتى ولو كان الحبيب المعشوق ، فيطغى الغضب ويسود الإنتقام ، ويصبح الثأر ممن خان هو الغاية التى تبرر كل وسيلة ، ويصير كل شئ مباح فى سبيل الوصول إليها ، حتى ولو إقتضى الأمر إحراق كل الذكريات ، ومحاولة نسيان كل ما فات ، فيذهب الحب إلى غير رجعة ، ويذهب معه كل شئ جميل ، الماء الغدير والهواء العليل والأخضر الفسيح ومعهم جميعاً يذهب كل الحبيب .
ولا تبقى إلا رائحة الدخان الكثيف و الأرض المحروقة . 
                                                                      وإلى مقال آخر إن شاء الله .

الأربعاء، 12 سبتمبر 2012

يا عزيزى . . . كلنا فاسدون إلا قليلاً ! !


يا عزيزى . . . كلنا فاسدون إلا قليلاً ! !        
قديماً . . كان الأجداد والآباء حريصين على تنشئة الأبناء والأحفاد على حب الفضيلة ومكارم الأخلاق ، وكان الشعار الثابت الذى تتوارثه الأجيال جيل بعد جيل هو ذلك البيت من الشعر المأثور " إنما الأمم الأخلاق ما بقيت  . . فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا " ، وكنا قليلاً ما نجد شخصاً ينحرف فى سلوكه بالقول أوالفعل عن الطريق القويم ، وكان جزاء مثل هذا الشخص أن يعيش منبوذاً ومكروهاً من الجميع ، ينفر منه الأقربون والأبعدون ، ولا يقترب منه أو يقترن به أو يرافقه إلا رفقاء السوء من أمثاله .

ولم تكن الفضيلة قاصرة على إلتزام السلوك القويم فى أمر بعينه ، وإنما كانت تعنى إلتزاماً فى كافة الأقوال و الأفعال ، فكانت الفضيلة فى الكلمة الطيبة ، والنصيحة المخلصة الصادقة ، والتفكير الصائب الجاد ، وطهارة اليد ويقظة الضمير، وصفاء النفس تجاه الآخرين ، والقناعة والرضا ولو بالقليل ، والأمانة والشرف والنزاهة ، والحق والعدل ، وكانت الفضيلة فى كافة صورها وألوانها تنبع من إيمان صادق عميق بالقيم العليا فى المجتمع كالحق والخير والجمال ، تلك القيم التى إجتمعت عليها جميع الديانات السماوية والشرائع الإلهية ، وفى هذا الخصوص لا
نستطيع أن نغفل قيمة التدين الحقيقى والخوف من عقاب الله أو الطمع فى ثوابه فى إستقرار الفضيلة فى نفوس البشر من بنى الإنسان .

ولم يكن المصريون بمعزل عن تلك القيم النبيلة على مدار تاريخهم العريق حتى ما يقرب من نصف قرن من الزمان أو أقل قليلاً ، فمع منتصف السبعينات من القرن الماضى ومنذ بداية الإنفتاح الإقتصادى فى مصر على يد الرئيس الراحل أنور السادات ، طفت على السطح أخلاقيات التجار والأسواق ، وصدق رسولنا الكريم حين قال " أشر بقاع الأرض الأسواق . . . " وبين عشية وضحاها أصبح كل شئ فى مصر قابلاً للشراء والبيع بالمال ، فسيطر الطمع والجشع وتوارت القناعة والرضا ، كما إختفت طهارة اليد ويقظة الضمير ، وتدريجياً شعر المصريون أن الفضائل تنسحب من حياتهم رويداً رويداً وأن الرذائل تحل محلها بخطى بطيئة كالسلحفاة حتى سادت الرذائل فى المجتمع المصرى على مدار السنوات المتعاقبة ، وأضحى مألوفاً للجميع رؤية الإنحرافات والتجاوزات الجسيمة والجرائم المخلة بالشرف والأمانة حتى تعايشوا معها ، بل والأكثر من ذلك أن غالبية الشعب المصرى إستمرأت هذه الرذائل ، وإنغمس معظمهم فى مكاره الأخلاق وبرعوا فى إختلاق المبررات لتصرفاتهم المنحرفة التى لا يقبلها شرع ولا قانون .

وفى العقدين الأخيريين عمت الإنحرافات والتجاوزات كل طوائف الشعب المصرى ، حتى صارت فساداً له جذور فى باطن المجتع المصرى يصعب إقتلاعها ، وتنوع الفساد ما بين فساد مالى وإدارى وأخلاقى ودينى وسياسى . . . إلخ ، كما تنوعت درجاته ما بين فساد الفقراء وفساد الطبقة المتوسطة ( الموظفين ) وفساد قممى فى أعلى مستويات المجتمع المصرى .
وللحق أقول . . . أن الفساد بين المصريين أصبح كالماء والهواء ، الكل يحتاج إليه كى يروى ظمأه للسلطة والجاه والنفوذ ، والجميع يتنفسه ليحيا حياة الطامعين التى يملؤها الجشع وعدم القناعة وعدم الرضا ، وتلك حقيقة من حقائق النفس البشرية التى ورد فيها قول الحق سبحانه " إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى . . . "    صدق الله العظيم .
فيا عزيزى . . . كلنا فاسدون إلا ما رحم ربى .
ويا عزيزى . . . كلنا فاسدون إلا قليلاً . 
                                                                وإلى مقال آخر إن شاء الله .

الأربعاء، 5 سبتمبر 2012

عندما يحنو الرجال . . وتقسو النساء


عندما يحنو الرجال . . وتقسو النساء
---------------------------------

شاءت إرادة الله العلى القدير أن يسبق سيدنا آدم حواء فى الخلق ، ولو أراد الله لكان غير ذلك ، فقد خلق الخالق سبحانه آدم بيديه ثم خلق حواء بعد خلق آدم بزمان من الوقت ، وخلقها سبحانه من ضلع أعوج من ضلوع آدم ، عندها إستيقظ آدم من نومه فوجد حواء إلى جواره ، تؤنس وحدته وتملأ عليه حياته ثم يتزوجا لتعمر الأرض بذريتهما حتى قيام الساعة .

ولقد أوجبت شريعة الله فى خلقه أن يختلف دورالرجل فى هذه الحياة عن دور المرأة ، فقد أراد الله للرجل – لحكمة لا يعلمها إلا هو – أن يكون له دور مزدوج ، أحدهما دور إجتماعى يتمثل فى وجوب سعيه من أجل الرزق له ولزوجته ولأبنائهما وذلك بالعمل والكد ، أما الدور الآخر فهو دور أسرى يتمثل فى مشاركة حواء رعاية الأبناء داخل نطاق حياتهما الخاصة .
أما المرأة فلم يكن لها إلا دور واحد فقط هو كل رسالتها فى الحياة وهو دور أسرى فقط يتمثل فى رعاية كل أفراد الأسرة وشئون حياتهم الخاصة .

وبسبب إختلاف دور كل من الرجل والمرأة وتيسيراً من الخالق سبحانه عليهما ، كان لابد أن يختلفا من حيث الطبيعة النفسية والتكوين الفسيولوجى الجسدى ، فجاءت طبيعة الرجل خليطاً من العقل والعاطفة وللعقل الغلبة كى يتسنى له مواجهة مشكلات الحياة المختلفة والتى تتطلب حلولاً تقوم على التفكير والتعقل ، كما جاء تكوينه الفسيولوجى الجسدى أقوى وأشد من تكوين المرأة كى يقوى على القيام بالأعمال الشاقة التى تحتاج إلى قوة وجلد .
أما المرأة فقد خلقها الله سبحانه تغلب عليها العاطفة بدرجة كبيرة لأنها الزوجة الرقيقة والأم الحنون التى ترق مشاعرها وتحنو فى أغلب الأوقات ، ولذلك كان الأصل عند الرجل هو القوة والشدة والقسوة أحياناً ، وكان الأصل عند المرأة هو الضعف والرقة واللين والحنان .

ولما كانت الحياة ليست على وتيرة واحدة بل سمتها التغير وعدم الثبات ، فقد يأتى الزمان بمواقف تستلزم أن يتخلى الرجل عن بعض من قوته وشدته ويغلب عاطفته على عقله فيظهر حانياً رقيقاً لين الجانب ، وفى المقابل قد تتعرض المرأة لأزمات صعبة تخرج خلالها عن طبيعتها الرقيقة الضعيفة والحانية فتستعير من الرجل شدته وقسوته .
وهنا يختلف الرجل والمرأة فى حدود تقمص كل منهما لدور الآخر، فعندما يستعير الرجل من المرأة لينها وحنوها فإنه وبحكم تكوينه الذى يغلب عليه التعقل يضع حداً فى لينه أو حنانه لا يتعداه مهما حدث كى لا يفقد السيطرة على الأمور أو يفلت منه الزمام أو يختل توازن الأشياء ، أما المرأة فلا يمكنها فعل ذلك لأنها بحكم تكوينها الذى تغلب عليه العاطفة لا تضع حداً لشدتها أو قسوتها فتفقد السيطرة على الأمور ويفلت منها الزمام ويختل توازن الأشياء ، وهو ما يؤدى إلى أن تتعقد المشكلات وتتوارى الحلول وتتفاقم الأزمات وقد ينتهى الأمر بكارثة أو مصيبة .

وأنى أتعجب أشد التعجب حين أرى المرأة فى شدتها وقسوتها تفوق الرجل أحياناً ،وأحزن بشدة حين أرى أماً أشد وأقسى على ولدها من أبيه ، وأعتبر أن ذلك أمراً شاذاً غير مألوف ويخفى وراءه علة نفسية تستدعى الوقوف والإنتباه والفحص والدراسة من أجل تشخيص الداء والعلاج ، فعندما يقسو الرجال وتحنو النساء لاضير فى ذلك ، ولكن الهول كل الهول عندما يحنو الرجال وتقسو النساء لأن الأمر حينئذ يكون غير مألوفاً وينذر بكارثة لا يكون منها خلاص إلا برجوع النساء إلى طبيعتهن التى خُلقن عليها وعندئذ فقط تحل السلامة على الجميع .
                                                                   وإلى مقال آخر إن شاء الله .