رسالة إلى مبارك . . . . رَهين المحبسين .
----------------------------------------
بعيداً عن
السب والشتم اللذان ليسا من طبائع العقلاء ولا الحكماء ولا المثقفين ولا
المتحاورين المحترمين . . أقول لمبارك بملئ فمى وأسأله ، ولى عليه حق السؤال
وعليه وعلى أنصاره ومؤيديه كلهم فرد فرد واجب الرد والجواب . . لماذا فعلت
كل هذا بنا يا مبارك ؟ ألم نكن نحبك ونعتز بك وبتاريخك العسكرى الناصع
؟ ألم نكن نعتبرك الرمز الذى لا يجب الإقتراب منه أو المساس به ؟ بحكم
سنوات عمرى التى تجاوزت الخمسين . . عاصرت عبد الناصر والسادات من قبلك . . أحَب المصريون عبد الناصر حَباً لم ينله أحد
قبله ولا بعده ،
وبكوه قائداً وزعيماً و إنساناً
ورجلاً من أعز وأغلى الرجال ، ما زلت أذكر جنازته وكأنها
كانت بالأمس ، أذكر كيف كان الرجال ينهارون ويتساقطون فى الشوارع فاقدى
الوعى من شدة الحزن عليه ، ما زالت كلمات رثائه مسجلة على بعض جدران
مدينتنا ، مازال حياً فى قلوبنا وعقولنا ، غفرنا له كل أخطائه وسامحناه لحظة موته ، حتى النكسة التى كان المسئول الأول
عنها بحكم منصبه
غفرناها له ، إنخلعت لموته كل
قلوب المصريين ، وما زلت أذكر كيف شعر
المصريين باليتم الحقيقى عندما
مات ناصر ، لماذا بكى المصريون عبد الناصر ولم يبكوا عليك
؟ أعتقد أنك تعرف الإجابة جيداً يا مبارك وأنت اليوم طريح الفراش ، مريض
سقيم ، تنتظر كلمة الله فيك وحكم التاريخ إما لك أو عليك ! ! لقد ولاك
الله علينا ثلاثين عاماً ( عهدى ناصر والسادات معاً ) ، ماذا فعلت يا مبارك
من أجل هذا الشعب الطيب طوال عهدك ؟ نعم لك تاريخ عسكرى مشرف كافحت وناضلت
فيه من أجل هذا الوطن ، ونحن نذكره لك ونقدره ، وسوف يسجله لك التاريخ
العسكرى بأحرف من نور ، وهذا حقك علينا ، ولكن فى المقابل أين حقنا نحن عليك ؟ هل وُليت علينا يا مبارك ولست بخيرنا ؟
هل إتقيت الله فينا ؟
هل أخذ ت بيد هذا الشعب إلى غد
أفضل مثلما فعل عبد الناصر حتى نبكيك ؟ هل عِشت بيننا يا
مبارك مثلما كان يفعل ناصر والسادات أم إتخذت لنفسك بطانة سوء وسلمت
زمامك وزمام شعبك لسيدتك الأولى ولإبنك الدلوع ؟ أتذكر يا مبارك يوم أن خرجت إليك الملايين الطيبة تهنئك بسلامتك من
محاولة إغتيالك فى
أثيوبيا ؟ كم عاماً إنقضى منذ
تلك الحادثة لم تفعل فيها لشعبك ما يستحقه ؟ أتذكر يا مبارك
يوم أن مات حفيدك ورأيناك تبكى فبكيناه معك رغم أن أطفالنا يموتون كل يوم
بالمئات إما للفقر أو إنعدام الرعاية الصحية لهم فى مستشفيات نظامك ؟ إنها
الولاية يا مبارك ، وإنها يوم القيامة لخزى وندامة ( هكذا قال رسولنا
الكريم ) ، هل إتقيت ربك فينا يا مبارك وأنت حاكم علينا ولك علينا حق
الطاعة والولاء ؟ أم تركت حاشيتك ورجال قصرك يسرقون وينهبون وينهشون لحم
المصريين ويشربون دمائهم تحت عينك وبصرك ؟ ألا تذكر يامبارك يوسف والى الذى
سرطن أجساد شعبك والجميع يصرخ وأنت تحميه ؟ ألا تذكر حبيب العادلى
وزيرداخليتك الجلاد السفاح الذى كان أبناء شعبك يئنون تحت سياط زبانيته فى أقسام الشرطة وأمن الدولة على مدى 14
سنة وأنت تصفق له وتمتدحه
؟ ألا تذكر .
. ؟ وألا تذكر . . ؟ وألا تذكر . . ؟ ورغم كل هذا أحزننى بشدة سقوطك يا مبارك هذا السقوط المريع، ما كنت أتمنى لك
هذا السقوط المدوى
، كنت أفضل
ألا تطمع فى كرسى الحكم و تظل حاكماً لمصر كل هذه السنوات ، حتى صرت كالأسد
العجوز أمام إمرأتك وولدك وحاشيتك الفاسدة ، وأيقن الجميع أن لا طائل من
بقائك يامبارك ، فخرجت عليك الجموع من شعبك ، من الشباب الضائع ،
والرجال والنساء والشيوخ ، والقضاة والمحامون والأطباء والمهندسون والعمال والموظفون وكل طوائف الشعب ، خرجوا عليك لينزعوا
عنك رداء الشرعية
الذى ألبسوك إياه طويلاً ، دون
فائدة - ما عادت ترجى من ورائك . بعد كل ذلك يا مبارك
،هل كنت زعيماً أم كنت موظفاً بدرجة رئيس ؟ وإذا كنت أنت الزعيم بعد كل
ما فعلت وما لم تفعل . . فماذا نطلق إذن على زعماء مصر الحقيقيين ؟
أعتقد أن التاريخ سوف يقف عندك طويلاً ليسجل لك بطولاتك وإنجازاتك ،
ولكنه سوف يقف طويلاً طويلاً طويلاً ليسجل أخطاءك وإخفاقاتك وخطاياك . .
. أما اليوم فنرجو لك ومنك أن تذهب وترحل فى هدوء ، وأترك التاريخ يحكم إما لك أو عليك . . عاشت مصر وعاش شعبها
الطيب . . وإلى
مقال آخر إن شاء الله .