الرجل
المُتخاذ ل . . . أسوأ أنواع الرجال .
--------------------------------------
بالأمس
وصلتنى رسالة بالبريد الألكترونى من إحدى العزيزات المحترمات ، أثنت فيها – من فيض
كرمها – على مقالة سابقة لى ، طالعَتها للتو وبادرتنى بالقول : لقد كتبت مقالة
بعنوان " المرأة الحمقاء . . أسوأ أنواع النساء " ، أسهبت فيها وأطنبت
فى وصف تلك المرأة الحمقاء ، وأبرزت كم هى سيئة إلى حد أنها صارت فى رأيك هى أسوأ
النساء ، فماذا إذن عن الرجال ؟ أليسوا بشراً مثل النساء ، ومنهم من يستحق أن يوصف
بالأسوأ كما النساء تماماً ، أم أنك رجل ومتحيز للرجال ؟ ثم طلبت فى نهاية رسالتها
أن أكتب مقالة عن أسوأ الرجال .
وللحق أقول
. . أنى لم أتردد – ولو لدقائق معدودة –
فى الإجابة بداخلى على هذا السؤال ، فمن كثرة ما تعاملت مع أنواع كثيرة من بنى
البشر على مدار سنوات عمرى كان الجواب حاضراً فى ذهنى ، قلت لنفسى تواً : إنه
الرجل المُتخاذ ل . وقررت على الفور أن أكتب عنه ، كما كتبت سابقاً عن المرأة
الحمقاء . . ولكن . . من هو ذلك الصنف من الرجال ؟ وكيف نعرفه ؟
لقد شاءت
إرادة المولى عز وجل أن يكون أول خلقه من بنى البشر هو سيدنا آدم عليه السلام وليس
حواء ، ولم يكن ذلك الأمر عبثاً – حاشا لله – وإنما كان لحكمة أرادها الله سبحانه
وإحتفظ بها فى علمه ولم يخبر بها حتى ملائكته العابدين الساجد ين الراكعين ليلَ
نهار ، وإلا كيف نفسر قول الله تعالى " وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى
الأرض خليفة ، قالوا أتجعل فيها من يُفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس
لك ، قال إنى أعلم ما لا تعلمون " صدق الله العظيم . . . وكان سبحانه وتعالى
قد خلق آدم بيديه من طين ثم نفخ فيه من روحه ، وإستخلفه فى الأرض لإعمارها هو
وذريته من بعده حتى يوم القيامة ، وتلك هى أمانة المسئولية التى فرضها الله سبحانه
على الإنسان وقَبِلها ، ولم يكن يدرى ما بها من المصاعب والمشقة ، وإلا كيف نفسر
قول الله تعالى " إنا عَرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال ، فأبين أن
يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ، إنه كان ظلوماً جهولا " صدق الله
العظيم .
فقد خلق
الله سبحانه آدم ، وخلق من بعده ذريته رجالاً ونساءً، وفرض على ذرية آدم من الرجال
مسئوليات جسيمة ومضاعفة تتجاوز مسئوليات النساء ، فالرجل فى نطاق الأسرة مسئول عن
رعاية أفراد أسرته وتنشئة الأبناء ، وهذا هو دوره الأسرى ، أما فى نطاق المجتمع
فهو مسئول عن العمل والسعى والبناء للنهوض بالمجتمع من أجل إعمار الأرض وبقائها
إلى أن يشاء الله .
وتلك بلا
شك مسئولية جسيمة وعظيمة تقع على كاهل الرجل ، فيها من المشقة والمكابدة والمعاناة
ما لا تقوى على تحمله أقوى النساء ، وأشدهن بأساً وصلابة ، وأمضاهن عزيمة .
وكم قابلت
فى حياتى رجالاً ليس لهم من وصف الرجال إلا هيئاتهم وأسماءهم فحسب ، فالرجولة
مسئولية عظيمة فى الحياة ، مسئولية تخفى فى باطنها العديد من المسئوليات ، مسئولية
الموقف الصلب والجاد الذى لابد أن ينجلى وقت الأزمات ، ومسئولية القرار الذى لا
مناص من صدوره ساعة الحاجة إلى قرار ، ومسئولية الكلمة والرأى الذى لا يحيد عن
الحق ، ومسئولية المواجهة وعدم الفرارعندما تستعر معارك الحياة ويشتد وطيسها ،
ومسئولية الزود والدفاع عن الحرمات .
أما ذلك
النوع من الرجال . . . الذى تبحث عنه فلا تجده
عندما يعز الرجال ، والذ ى يتخاذل ويتراجع ويتوارى خلف النساء ، إما لضعف
كينونته وذاته أو لأنانية متأصلة فى أعماقه تدفعه إلى التراجع والتقهقر إلى الوراء
، كى لا يُقحم نفسه أويُرهق نفسه أو يتحمل مسئولية ذاته أو من عداه ، فذلك هو
الرجل الطامة ، الرجل الذى لا طائل من ورائه ، الرجل المتخاذل ، الرجل السئ . . .
لا وألف لا . . . بل أنه – على الإطلاق – أسوأ الرجال . وإلى مقال آخر إن شاء الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق