الخميس، 27 سبتمبر 2012

مصر الآن . . . تبحث عن الزعيم .


مصر الآن . . . تبحث عن الزعيم
-------------------------------

قبل ثورة 25 يناير 2011 التى فجرها وأشعل شرارتها بعض من شباب مصر الأوفياء المخلصين ، كانت مصر تغلى من داخلها وباطن ترابها مثل البركان الذى ظل كامناً فى باطن الأرض لسنوات وسنوات ، حتى جاءت اللحظة الحاسمة التى إنفجر فيها ذلك البركان عبر فتحة صغيرة ضيقة فى قمته ، لتنطلق منها الحمم المنصهرة والغازات المنبعثة إلى عنان السماء ، لتعلن للجميع أن بركاناً قد إنفجر بعد أن فاض به الكيل وظل كامناً فى باطن الأرض يغلى ويموج لعقود وعقود من الزمان ، لا يشعر به أحد ولا يرى أحد ما يجرى بداخله .
وهكذا جاءت ثورة 25يناير ، عندما إنفجر بركان المصريين عبر فتحة صغيرة هى بضعة آلاف من الشباب الأذكياء النابهين ( شباب الإنترنت والفيسبوك ) لتخرج كل هموم المصريين وآلامهم وأحزانهم وإخفاقاتهم ، وتبرز على السطح حمم مشكلاتهم وأزماتهم المتراكمة عبر سنوات عديدة من اللامبالاة وعدم الإكتراث من قِبل حفنة من الحكام ، كان شاغلهم الأكبر والأوحد هو نهب ثروات هذا البلد العظيم وتدمير مستقبل أجياله القادمة من خلال توريثهم تركة سوداء ثقيلة من الفساد والظلم والفقروالجهل والمرض والإحباط والتخلف والإنكساروالديون الضخمة المتراكمة .

وكان من الطبيعى أن تخرج كل مشكلات مصر ( الداخلية والخارجية ) إلى السطح ، وتنكشف فى العراء ليراها ويشعر بها كل ذى بصر وبصيرة ، وكانت المفاجأة المفجعة لجموع المصريين أن مشكلات بلدهم الحبيب قد بلغت هذا الحجم الضخم الهائل وعمت كافة المجالات ، مشكلات فى التعليم والصحة والإقتصاد والأمن والمرور والصناعة والزراعة والبيئة والتجارة الداخلية والخارجية والأمن القومى ومياه النيل ، وحتى فى التأمينات التى نهب المفسدون أموالها ، وفوجئ المصريون أن مصرهم التى سلموها – بل غفلوا عنها – وتركوها فى يد عصابة من اللصوص المفسدين الأفاقين الكاذبين المضللين الخونة للعهد والوعد والأمانة ، فوجئوا جميعاً بأن مصر قد صارت مثل الثوب المهلهل القديم الذى بَلى من كثرة الثقوب وأضحى خرقة بالية لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء ، ولا يُجدى لها نفعاً أى ترقيع أو ترميم أو إصلاح .
لقد فوجئ المصريون أن مصر بحالتها قبل 25 يناير لم تعد تصلح بعد 25 يناير لأن يحتموا بها ، وأنهم بحاجة إلى مصر جديدة قوية شديدة عَفية مرتفعة الرأس والهامة كما كانت عقب آخر إنتصاراتها فى حرب أكتوبر العظيم ، وأقسم المصريون الشرفاء ألا يغمض لهم جَفن ولا يهدأ لهم بال حتى تنهض مصرهم الحبيبة من عثرتها وكبوتها وتتعافى من سقمها ومرضها وتسترد عافيتها ، لأن مصر كبيرة عريقة والكبير يمرض ولا يموت ، وأيقن المصريون حينئذ أنهم فى حاجة إلى قائد مُلهم حالم مصرى وطنى خالص . . إلى زعيم . ., ولكن من أين يأتى الزعيم ؟

إن الزعماء فى تاريخ الأمم والشعوب لا يتكررون كثيراً ، الرؤساء كثيرون أما الزعماء فهم  نادرون ، لأن الزعامة لا تُكتسب إنما هى موهبة فطرية يهبها الخالق سبحانه لأشخاص بعينهم ليكونوا زعماءً لشعوبهم ، يحلمون معهم ويشعرون بآلامهم وأوجاعهم ، يعشقون الأوطان ولديهم الحلول السحرية الغير تقليدية للمشاكل والأزمات ، يلهبون حماس الجماهير ويستنهضون همتهم ، يفكرون ويخططون ويتقدمون الصفوف من أجل تحويل الأحلام إلى حقائق على أرض الواقع ، يتكلمون كثيراً ولكنهم يفعلون أكثر ، يحشدون الجماهير حول مشروعات قومية حالمة ، وفى تاريخ مصر الحديث كان محمد على زعيماً باعث نهضة مصر الحديثة ، وكان سعد زغلول زعيماً ، وكان جمال عبد الناصر زعيماً ، وكان السادات زعيماً ، كلهم كانوا زعماء بالفطرة ، حققوا لمصر الإنتصارات العظيمة ، لم يكن أى منهم موظفاً بدرجة رئيس ، والآن مصر فى حاجة إلى واحد من هؤلاء ، إلى من يأخذ بيد أبنائها ، إلى قائد ، إلى ملهم ، إلى منقذ ، إلى حالم ، إلى وَفى ، إلى نقى ، إلى مُخلص ، مصر الآن فى حاجة إلى زعيم .. وإلى مقال آخر إن شاء الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق