الخميس، 20 ديسمبر 2012

رسالة ودعاء . . . . . إلى صديقة عزيزة ! !


رسالة ودعاء . . . . . إلى صديقة عزيزة  ! !
------------------------------------------
عن عائشة رضى الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها إئتلف ، وما تناكر منها إختلف " صدق رسول الله.

عاش وليد سنوات عمره بأكملها ، محبوباً من الجميع . . كان منذ الصغر يحرص دائماً على كسب ود وحب كل من حوله ، وكان يتعامل مع الجميع وهو مؤمن بأن حب الناس هو كنز كبير ، يجب الحرص عليه أياً كان الثمن . . وظلت علاقته بكل من حوله تسير على هذا النحو ، يقتربون منه ويقترب منهم ، يشاركهم أفراحهم وأطراحهم ، حتى عرفها.

إنها عبير . . هذه الإنسانة الجميلة والرقيقة ، التى عرفها منذ أسابيع قليلة ، من خلال أحد مواقع التواصل الإجتماعى . . قرأ لها سطوراً وكلمات وحروفاً ، وقرأت له قصصاً ومقالات ، بادلها الرأى وبادلته التعليق ، وربط بينهما الحوار . . إنه لم يرها بعينيه ، ولم يسمع صوتها بأذنيه ، ولكنه مال إليها بالروح والكيان والوجدان . . إنه ما عرف من قبل ، أن الأرواح تتآلف إلا معها ، فقد كان يؤمن دائماً بأن النفوس لا تهدأ ، وأن القلوب لا تميل ، إلا إذا تلاقت العيون . . تلك كانت القاعدة فى حياته ، وكم سار على هذا النهج ، كل سنوات عمره ، حتى كانت هى وكان تعارفهما.

فى بادئ الأمر . . ظل يراود نفسه وتراوده ، يحدثها وتراوغه ، ويميل بها إلى حيث إعتاد الحياة وتعانده . . إنه يريد القرب منها – من عبير – ولكنه ما إعتاد قط على مصادقة النساء ، فهو رجل شرقى ، ويعيش فى مجتمع شرقى ، ويعرف القيود والأغلال التى تحد من صداقة الرجال بالنساء . . صحيح ، هو إنسان راشد وعاقل ورزين ، ويعرف تماماً كيف يضع الأمور فى نصابها . . ولكن . . أياً كان الحال ، هناك القيود وهناك الأغلال .

تردد كثيراً فى التقرب إليها ، والدنو منها ، حتى ولو عن بعد . . لا لشئ ، سوى من فرط حرصه عليها ، وقد أنس إليها وتآلف معها . . ولكنه لم يستطع إلا أن يقترب وأن يدنو ، وأسعده كثيراً أنها رضيت بهذا القرب وذاك الدنو ، وإرتاحت إليه ، وعبرت له مراراً عن ذلك الإرتياح .

مرت الأيام . . يوم بعد يوم . . ومع كل صباح ومساء ، كان بينهما لقاء من بعيد . . يتمنى لها نهاراً كله جمال ، وتأمل له مساءً كله خير . . هكذا كان الحال بينهما على مدى الأيام ، إلى أن جاء يوم لم يتلقى منها أى شئ ، ولم تكتب ولو كلمة واحدة ، ولم يصلها منه جميل الصباح ، ولا هى أرسلت له أمل المساء . . أرسل لها سائلاً عن أخبارها ، وما أتاه الجواب
ومر اليوم الثانى . . والحال هو ذات الحال ، والقلق فى صدره يزداد ويزداد . . حتى المساء . . ما أتى إليه بجديد .

وفى صباح اليوم الثالث . . جاءته منها رسالة تحوى كلمات قليلة ، تخبره فيها بأنها مريضة تلازم الفراش ، وأنها ما إستطاعت حتى أن تكتب إليه أو تتواصل معه ، خلال الأيام الماضية . . جاءت كلماتها قليلة العدد ، ولكن كان وقعها على نفسه  قوياً وشديداً .
وعلى الفور . . كتب إليها يتمنى السلامة ، ولم يرد أن يظهر لها ، ما يخبئه فى جنبات صدره ، ولا فى أعماق فؤاده . . لقد أراد أن يتماك نفسه فى رسالته إليها ، ولكنه أبداً ما إستطاع . . خانته الكلمات وباحت بسره ، الذى ما كان يبتغى له بواحاً . . وبدون أن يدرى ، خرجت منه الكلمات ، وقال لها :
        
              " صديقتى العزيزة . . توأم العقل والفكر والروح ، آلمنى وأحزننى كثيراً خبر مرضكِ . . كم دعوت الله ألا يصيبك أى مكروه ، وكم تمنيت لو أننى كنت بديلاً عنكً فى مرضكِ ، ولكن ما باليد حيلة ، إنها إرادة الله ومشيئته ، ولا راد لمشيئته . . كل يوم يمر وأنتِ ما زلتِ تعانى ، أشعر أننى أعانى معكِ . . أشعر أن كل جزء فى كيانى ، يتألم مثلما أنتِ تتألمين ، وتلك حقيقة لا أبوح بها إلا إليكِ أنتِ وحدكِ . . أشعر أنى أتقاسم معكِ المرض ، وأشاطركِ الألم ، وأعانى مثلما تعانى . . دعوت الله لكِ بسرعة الشفاء والسلامة ، كى تشفى نفسى وتسلم روحى بشفائكِ وسلامتكِ . . لم أكن أعلم أن صلتى بكِ وصداقتى معكِ صارت هامة فى حياتى إلى هذا الحد ، إلا عندما علمت بمرضكِ ، رغم قصر تعارفنا ، ورغم أنى لم أراكِ ولم أسمع صوتكِ . . ولكنى قرأت كلماتك وحروفكِ ، فمال إليكِ عقلى وفكرى وروحى . . أرجوكِ عودى ولا تطيلى الغياب ، كى يعود إلىّ معكِ كل شئ جميل ، وأشعر أنا بطعم الحياة . . سَلمتِ صديقتى ، وأسلمت لكِ الدنيا بأسرها . . . . . . . وختاماً لكِ السلام  "

هكذا خرجت الكلمات ، وقال لها ماقال ، ولكنه لم يقل كل شئ . . لم يخبرها بأنها صديقته الوحيدة ، وأنه من أجل ذلك إنشغل بالسؤال عنها كثيراً ، وكم أحس بالوحدة حين غابت عنه ، وشعر بالغربة فى الحياة حين إنقطعت أخبارها  . . إنه قال القليل ، ولم يقل الكثير . . ولكنه فى كل الأحوال تمنى شيئاً . . تمنى لو أنها قرأت ما بين السطور ، وفهمت ما خلف الكلمات ، وأحست بما لم تنطق به الحروف ، كى تصلها معانى التعبيرات ، التى سكت اللسان عن النطق بها ، مراعاة لأمور عدة تخصها .

والآن . . هى لا تزال تتألم من من وجع المرض ، وهو لا يزال يعانى من أجلها ، ومن أجل البعاد . . يدعو لها ، صباح مساء ، وليل نهار ، ومع كل صلاة وأذان ، أن يشفيها الله من مرضها وسقمها ، حتى تهدأ نفسه ، ويستريح الفؤاد .

وبينما هو يدعو ويدعو . . تذكر أنه ذات مرة . . أمسك بالقلم ، وكتب قصة أسماها " عندما تستجيب السماء . . . لدعاء المحبين " . . . لقد كانت قصة من وحى الخيال . . أما الآن . . فقد إستحال الخيال إلى واقع وحياة . . وأصبح هو يدعو الله ، أن تستجيب السماء لدعاء الصديق ، كما إستجابت من قبل لدعاء الحبيب ! ! ! !
                                                                      وإلى مقال آخر إن شاء الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق