الثلاثاء، 1 يناير 2013

ولم يكن يدرى . . . . أنه بذلك يحبها ! !


ولم يكن يد رى . . . . أنه بذلك يحبها ! !    ( بقلم : د . وحيد الفخرانى )
--------------------------------------
عرفها . . مثلما يتعارف الكثيرون منا الآن ، كانت هوايته مطالعة المواقع الإلكترونية المختلفة . . وذات يوم من الأيام ، جلس وحيداً ، يتابع ما قد تأتى به تلك المواقع ، ولفت إنتباهه صورة ، إتخذتها رمزاً لصفحتها الخاصة . . لقد كانت الصورة قريبة الشبه من إنسانة عرفها ، وإقترب منها منذ سنين طويلة ، فسيطر عليه حب الفضول ، وأسرع مقتحماً صفحتها ، ليتابع ما بها ، ويقف على حقيقة من تكون صاحبة الصورة . . لكنه فوجئ بتعليقاتها الرقيقة ، وآرائها التى حازت على إعجابه ، وحتى إختياراتها للكثير من منشوراتها ، كانت رائعة . . وبدون أن يدرى ، إرتبط بصفحتها الخاصة ، إرتباطاً شديداً ، وصار بينهما حوار من بعيد ، ولقاء متكرر بلا موعد ولا رقيب .  

إنها مصرية مثله تماماً ، وسنوات عمرها تقارب سنوات عمره ، أفكارها قريبة الشبه من أفكاره ، هدوءها وطيبتها تبرزان من كلماتها ، وجمالها ورقتها تنطق بهما حروفها ، وعطرها وعبيرها يفوحان من بين سطورها . . أحب قراءة ما يكتبه قلمها ، وعشق قلمه التعليق على ما تكتبه يدها ، وبين عشية وضحاها ، تأكد له أن شيئاً ما يربط بينهما ، لم يشأ أن يسمه فى بادئ الأمر ، ولكنه ترك العنان لمشاعره ، كى تختارما تريد ، وأطلق سراح عقله وقلبه ، خارج رأسه وصدره ، وحطم كل القيود والأغلال ، التى طالما منعته القرب  من أشخاص لا يعرفهم من قبل ، ولم ترى وجوههم عيناه ، ولم تسمع أصواتهم أذناه .

كل ذلك . . حدث فى أيام وأسابيع قليلة ، وإنتهى به الحال ، أن أرسل إليها ، طالباً صداقتها ، وآملاً أن تدوم ، وكم أسعده كثيراً أنها قبلت طلب الصداقة ، ورحبت بها . . حينها فقط أحس انه قد نال ما يريد ، وأنه قد وضع يده على نصفه الآخر فى هذه الحياة .
لقد كانت أولى المرات فى حياته ، التى يؤمن فيها بأن الأرواح حقاً ، هى جنود مجندة ، ما تآلف منها إجتمع ، وما تناكر منها إختلف ، فكانت روحها توأم روحه ، وسكنت إليها نفسه ، وإرتاح فؤاده ، رغم أنه لم يرى منها سوى صورة ، ربما لم تكن صورتها الحقيقية . . ولكنه عرفها من خلال سطورها وكلماتها وحروفها ، تلك السطور التى تخفى بينها ، كل ملامح كيانها ، وتلك الكلمات التى تكشف عن أسرار نفسها ، وتلك الحروف التى تفضح مكنونات صدرها .

عرفها . . وسكنت إليها روحه ، وتآلفت معها ، ولم يختلف حالها كثيراً عن حاله ، فقد إرتاحت روحها إليه ، وهدأ فؤادها ومال إليه ، وصارت تهتم لأمره كما يهتم ، فكلاهما كان يكمل للآخر ، ما يفتقر إليه . . تراضيا وتوافقا على أن يكون ما بينهما هو الصداقة ، ولم تكن الحياة تسمح لهما بغير ذلك ، وتلك كانت إحدى سخريات القدر ، أن يُكتب علينا اللقاء ، بأناس نسكن إليهم ، ويسكنوا إلينا ، ونألفهم ويألفوننا ، ونجد معهم كل جميل ويجدونه معنا ، ثم لا يكون بأيدينا سوى القيود والأغلال ، التى تعجزنا عن فعل كل شئ ، حتى أن نبوح بما فى صدورنا تجاه أحبائنا .

وكان غريباً . . أن تقوى بينهما الصلة ، وتتعمق الصداقة ، فى أيام وأسابيع قليلة . . لقد صار هو مهتماً بها ومشغولاً بأحوالها ، وصارت هى فى دنياه الصديقة الوحيدة ، وشطره الجميل الذى يملأ عقله وقلبه وروحه وفؤاده . . صحيح ، لها عالمها الخاص بها ، حياتها وأولادها . . وصحيح أنه أيضاً له عالمه الخاص به ، حياته وأولاده . . ولكن الصحيح كذلك ، أنهما قد إلتقيا على شئ واحد ، بدون أن يعلنا لبعضهما ذلك . . لقد إلتقيا على الود ، وإتفقا على المحبة ، و تراضيا على الصداقة . . ولكن هل كان هذا حقاً هو ما يريدان ؟ ؟ المرأة بطبيعتها يقيدها الحياء ، وتلك فضيلة كبرى فيها . . أما الرجل ، فحياؤه أقل ، وصراحته مع نفسه أقوى وأشد .

لقد جلس ذات مساء . . يحادث نفسه وتحادثه ، يسألها وتجاوبه ، ترى ؟ ؟ ماذا ألم بى منذ أن عرفتها ؟ أنا لست ممن تحكمهم النزوات ، ولا تسيطر عليهم الرغبات ، وقد تجاوزت سنوات عمرى كل الهفوات ، ترى ؟ ؟ ماذا حدث لى ؟ ؟
لقد صار لا يقوى على البعاد ، رغم ما يفصل بينهم من مسافات ومسافات ، ولكنها مسافات واهية ، تتجاوزها كل المشاعر والآهات . . إنها كانت بالنسبة له هى الصديقة الوحيدة ، الصديقة العزيزة ، ولكنها الآن ، ما عادت كما كانت . . لقد أصبحت أكثر من ذلك بكثير . . بدأ يشعر أن شيئاً مل قد تبدل بداخله ، زاده إرتباطاً بها وتمسكاً .

وذات مرة . . غابت عنه يومان ، لمرض ألم بها ، فما أغمضت عيناه فى غيابها ، وما هدأ فؤاده فى بعادها ، وما سكنت روحه بدونها . . لقد أدرك حينها ، أنها ما عادت صديقته فحسب ، ولكنها أصبحت بالنسبة إليه إكسير الحياة . . حاول مراراً أن يكبح جماح مشاعره تجاهها ، ولكنه ما أفلح قط . . وصارت بالنسبة إليه هى الصديقة ، وهى الأخت والرفيقة ، وهى الحبيبة ، وهى كل شئ فى الوجود .

وبالأمس . . قضى ليلته وحيداً فى هدوء وسكون ، وتجاذب مع نفسه أطراف الحديث ، صارحته نفسه بما كان منه ووقع ، ولم يكن بقادر على أن يظل هكذا ، ينكر حقيقة ما حدث بداخله . . وإلا . . فما سر تعلقه بها ؟ وما سبب إهتمامه بشئونها ؟ لقد إرتاحت نفسه إليها ، من قبل أن يرى صورتها ، وإزداد تعلقه بها بعد أن رأى وجهها . . لقد أحب فيها كل ما نطقت به عيناها ، وقسمات وجهها وإبتسامتها ، وهدوئها وطيبتها ، وكل شئ حولها . .

لقد تعلق عقله وقلبه بها ، وحرص كثيراً على الكتابة لها . . لقد كان يريدها فى بادئ الأمر مجرد صديقة . . والآن ، بعدما سكنت العقل والفؤاد ، تبدل الحال ، وصار غير الحال . . لقد إقترب منها ، وإبتغى ودها . . وها هو الآن قد تعلق قلبه بها . . ولم يكن يدرى ، أنه بذلك يحبها .
                                                                         وإلى مقال آخر إن شاء الله .  

هناك تعليق واحد:

  1. كما انت رائع دائما فى اسلوبك الرقيق وفى سردك للحوار وماوراء الحوار وفى الواقع تلك من سخريات القدر ماخطه قلمك وبالفعل المقوله الرائعه انه من الممكن ان تنقلب الصداقه الى حب هذه المقوله اتضح انها فى بعض الاحيان تكون واقع نظرا لتقارب الارواح وتشابهها وتالفها وهذا يكون نادرا ولكنه يحدث فى بعض الاحيان ويكون هذا بتدبير الهى قدره الله ولا راد لاراده الله فانه يقول للشى كن فيكون , اذا هى مقدرات وعلى الانسان الواعى المتفهم للحياه أن يشكر الله كثيرا على هذه الاراده التى وهيها الله لمن اراد ولكن هنا دعنى اقول واسمح لى ان القدر احيانا يكون رحيما وهنا أجد الالفه والرحمه والصداقه التى لاغنى عنها وجميل انها تتبلور فى حب هو بالقطع حب رائع لانه ليس حب الهوى أو التعلق السريع بانسان ثم نسيانه والتباكى على فقدانه ولكنه حب راسخ على مر الزمان تبتسم رغما عنك وتشكر الله على انه زرعه فى قلبك رغما عنك وبالرغم من ان هناك واناس فى حياه الفرد يحبهم ايضا ويملاون حياته ولن يتغير بالنسبه لهم الا ان هذا الحب هو حب الارواح بعضهال بعض بمعنى انك تسعد لسعاده من تحب والعكس صحيح وتخاف على من تحب وتغار عليه ايضا ولكن بالقدر الذى لايؤذى مشاعر الطرف الاخر اذا بماذا نسمى هذا الحب هو الرفيق وتؤم الروح وهو نسمه من نسمات الحياه بها الروح تسعد وبها الفؤاد يخفق وبها نلتمس الود والراحه فى ايامنا كما تسر بنا نسمه هواء رقيقه فى يوم غممته اشعه الشمس الحارقه -انها مشاعر رائعه وراقيه وما أحوجنا جميعا هذه الايام الى ان نلتمس هذه النسمات الرائعه ولكن بالقدر الذى يسعدنا وايضا مع مراعاه شعور من نحب ومن يحبوننا ايضا جميل تلك المشاعر الراقيه ودائما استاذ وحيد قلمك يكتب كل بديع وفريد مودتى

    ردحذف