ثوابت
فى الحب والغرام . . بين الأحبة والأحباب ! ! ( بقلم : د . وحيد الفخرانى )
--------------------------------------------
---
عندما خلق
الله سبحانه – جَل فى علاه – هذا الكون الفسيح ، أرسى فيه من السنن الكونية ،
العديد والعديد . . تلك السنن التى أراد بها الله ، أن يدير حركة الكون ، منذ بدء
الخلق حتى يوم القيامة . . وإذا نظرنا من حولنا ، فسوف نجد العديد من تلك السنن ،
فمثلاً سنة التغيير والتبديل التى أرادها الله سبحانه لحركة الحياة ، والتى تتبدى
فى طلوع الشمس وسطوع القمر ، وتعاقب الليل والنهار ، وفناء كل المخلوقات ، وغير
ذلك من السنن ، التى تسير الحياة فى الكون وفقاً لها .
وإذا كنا –
نحن بنى الإنسان – جزءً من هذا الكون العظيم فى الخلق ، فإن الله العلى القدير ،
قد كتب علينا الخضوع ، لذات السنن الكونية التى فرضها على سائر خلقه ، وصارت هذه
السنن الحياتية ، هى بمثابة الثوابت الثابتة ، التى لا يجب علينا ، ولا يمكن لنا
أن نخرج عنها أو نخالفها ، لأنها بمثابة ناموس الكون ، وإلا خرجنا عن الطريق
القويم ، وضاع منا الصواب ، وكانت عاقبتنا شراً وخيماً أهلكنا ، لا محالة .
ولما كانت
حركة الإنسان فى حياته ، تشمل كل أقواله وأفعاله وتصرفاته ، وتعم علاقاته بربه وبالناس
من حوله ، فإن العلاقات الإنسانية والإجتماعية ، على وجه الخصوص ، لابد لها كى
تستقيم ، وتثمر وداً وترابطاً ، أن تخضع لمجموعة من الثوابت ، التى يتعين مراعاتها
دائماً ، فى كل وقت وحين ، وتكون تلك الثوابت بمثابة المرجعية ، التى يعود إليها
الإنسان ، وقت حاجته ، أو وقت أن يضل طريقه ، فيستهدى بها ، ويسترشد بنورها ،
وعندئذ ، تزول الغمة ، وتعود الأمور إلى نصابها الصحيح .
والحقيقة
أقول . . . أنه عبر سنوات عمرى الماضية ، والتى أحطت فيها بالكثير والكثير . .
لأشد ما أزعجنى ، وآلم نفسى مراراً وتكراراً ، أنى وجدت أمامى أحبة وأحباباً ،
رجالاً كانوا أم نساءً ، بدأت علاقاتهم وهاجة ولا معة ، يكسوها الحب والوئام ،
ويحيط بها الغرام والهيام ، ثم ما لبث أن إختلف الإثنان حول أمر ما ، وضل كل منهما
طريقه نحو الآخر ، وإختلفت العقول ، بعد أن إنطفأت أضواء الحب بينهما ، وضاع
الغرام ، وذهب الهيام إلى غير رجعة ، ومضى كل منهما فى طريقه بعيداً ، فى طريق لا عودة منه . . . وفى يقينى أن ما
حدث ، ما كان ليحدث ، لو أنهما توقفا قليلاً ، وتأملا ما يحدث لهما ، وتنبها إلى
أن كل منهما قد خالف – عن قصد أو غير قصد – أموراً ثابتة وهامة فى الحب والغرام ،
ما كان لهما أن يخالفاها أبداً مهما جرى ، ولو أنهما إلتزما تلك الثوابت فى حبهما ،
لكان هذا الحب وذلك الغرام ، ما زالا يحيطان بهما حتى الآن . . وكم أحزننى هذا
الإختلاف ، وآلم نفسى ذلك الفراق والبعاد .
ومن أجل
ذلك . . أقول لكل المحبين ولكل الأحباب . . إن السفينة وهى فى عرض البحار ، وقت أن
تهب عليها ريح عاتية ، أو تكاد تعصف بها أمواج عالية ، وتوشك أن تغرقها ، وتذهب
بها إلى عالم الضياع الذى لا رجوع منه . .
حينذاك . . بماذا يهتدى الربان ؟ وبم يسترشد كى يعود إلى المسار ؟ . . إنه ضوء
الفنار ، فى وسط الضباب والأمواج ، الضوء الذى يهدى السفينة التائهة ، نحو النجاة
من الضياع .
وهكذا فى
الحب والغرام . . وبين الأحبة والأحباب ، لابد من الإهتداء بأضواء الشموع ، وسط
ظلام الخلاف والإختلاف . . تلك الشموع ، هى التى أسميها أنا " الثوابت فى
الحب والغرام . . . بين الأحبة والأحباب " .
وذات يوم
من الأيام . .
سألتنى
حبيبتى : هل للحب قانون وأحكام ؟ وهل فيه ثوابت مرعية ، بين الأحبة والأحباب ؟
قلت ( على
الفور ) : نعم يا حبيبتى . . هناك العديد من الثوابت فى الحب والغرام ، لا يجب أن
يغفل عنها كل الأحبة والأحباب .
قالت ( وهى
ترجونى ) : إخبرنى ما هى . . كى لا أضل عنك الطريق ، أو يقع بيننا الفراق .
قلت : أنا
فى حبى لكِ . . أحرص دوماً على خمس منها ، ولا أغفل عنها ، ويا ليتكِ تفعلين مثلى
.
قالت (
متلهفة ) : ما هى ؟ خبرنى . . فأنا أحبك ، ولا أبغى عنك فراقاً ولا بعاداً .
قلت : أهم
ثوابتى فى حبى هى الثقة بلا حدود . . ثقتى بكِ ، وبكل كلمة تنطقها شفتاكِ
الجميلتان ، وبكل فعل تأتيه يداكِ الغاليتان ، وبكل فكرة تنبع من فكرك وعقلكِ ،
وبكل نظرة ، وبكل همسة ، وبكل حركة ، وبكل سكنة من سكنات هدوءكِ الذى يقتلنى حباً
فيكِ . . الثقة بيننا يا حبيبتى ، هى أمان وإطمئنان يملأ نفوسنا ، وهدوء وراحة بال
لا غنى عنهما لنا . . والثقة هذه لا تكون بيننا إلا إن كنا أهلاً لها ، بإلتزام
الوضوح والصدق فى القول والفعل ، والبعد عن مواطن الشبهات التى تثير الشكوك فى
النفوس . . وأنا يا حبيبتى ، ممن يميلون إلى الثقة الكاملة بلا نقصان ، فيمن أحبها
و تحبنى ، حتى يثبت أنها لم تكن أهلاً لها ، وحينذاك ، لا تسألى أين ذهبت الثقة .
. فالثقة عندى لا تتجزأ أبداً ، فهى إما تكون ، أو لا تكون . . فإحرصى على كمالها
قدر إستطاعتك .
قالت :
وماذا يلى الثقة عندك . . . يا حبيبى ؟
قلت : حبى
لكِ بلا حدود . . فالحب عندى كله عطاء ، ولا أخذ فيه إلا بقدر ما يجود به
الحبيب . . وما دمت أحببتكِ بلا حدود ، سأعطيكِ أيضاً بلا حدود ، ولن أبخل بكل ما
عندى ، فأنا منكِ وأنتِ منى . . وما دمت أحببتك بلا حدود ، فسوف أنسى كل شئ من
أجلكِ حتى نفسى ، مادام يخصنى وحدى ولا يخص غيرى . . لن أقول لكِ أنا ، ولكنى أقول
أنتِ ثم أنتِ ثم أنتِ ، وبعدها أقول نحن أنا وأنتِ ، ولكنى لن أقول أبداً أنا وحدى
.
قالت (
بشغف شديد ) : هات ثالثها . . أيها الحبيب .
قلت : خوفى
وقلقى عليكِ بلا حدود . . فالحب عندى يا حبيبتى ، ما هو إلا إهتمام وإعتناء
بالحبيب ، وما دمت أحببتكِ ، أهتم بكِ وأعتنى وأرعى كل شئ هو منكِ ولكِ ، وأخاف أن
ينالكِ أدنى أذى ، حتى نفسى أكاد أخاف عليكِ منها ، إن هى جارت عليكِ ، فلا أطيق
لكِ ضراً أبداً ، ولا أحتمل أن يقلقنى عليكِ أمر أبداً . . إن غابت عنى أخبارك ،
ساورتنى القلاقل ، لا منكِ بل عليكِ ، ولا يهدأ لى بال ، ولا يستقر لى وجدان ، إلا
إذا أيقنت أنكِ صرتِ فى أمان . . ذاك هو الحب عندى يا حبيبة قلبى . . خوفى عليكِ
وقلقى ، قد يدفعنى إلى نصحكِ ، فتقبلى نصحى ، لأن مبعثه هو حرصى وحبى . . وتقبلى
بعض القيد منى ، فى أمور قد تضر بكِ وتقلقنى .
قالت : وما
رابعها . . يا عزيزى ؟ زدنى من فرط قيودك
.
قلت : مراعاة
ظروفكِ ، وإحترام خصوصياتكِ بلا حدود . . فأنا أؤمن يا عزيزتى ، أن لكل منا
بعض من أموره الخاصة ، وأقر بواجبى نحوها ، ومراعاتها وإحترامها ، ما دامت فى
حدودها ، حرصاً منى على كيانكِ ووجودكِ بجانبى . . فالحب عندى ليس قيداً مطلقاً فى
حياتى ، وليس أسراً وراء قضبانى ، بل هو شعور إختيارى وإحساس إرادى ، حتى ولو غلب
إرضاء الحبيب.
قالت :
وخامسها – أقصد أخيرها – يا حبيبى العزيز . . . ما هو ؟
قلت : إنه
سعادتى بحبكِ وقربكِ بلا حدود . . فالحب بيننا يختصر المسافات ، مهما بعدت . .
والقرب منكِ هو غايتى دائماً وأبداً . . والسعادة هى حالى ، ما دام حبكِ فى قلبى
وغرامكِ فى فؤادى . . الدنيا معكِ هى كل الدنيا عندى ، والقرب منكِ هو غاية أملى ،
وحبكِ أسعد أيامى وأسعدنى .
قالت ( وهى
تضحك ) : ما أحلاها من ثوابت فى الحب بينى وبينك . . أراك ما أجلستنى لتحدثنى عن
ثوابت فى الحب بين الأحبة ، ولكن لتحدثنى عن حبك لى وغرامك بى . . وبحديثك هذا
إزداد لك حبى وفاض غرامى . . دعنى الآن
أمضى واعفو عنى . . فقد نال منى حديثك
وملكت عقلى وقلبى ، ولم أعد أملك إلا روحى ، وإليك أهدى ! ! وإلى مقال آخرإن شاء الله
لقد جعلت للحب روائع وليس ثوابت وما أجملها من ثوابت لو تم تنفيذها لعاش الاحباب فى سرور وهناء -بارك الله لك اسلوبك أكثر من رائع وسردك للحوار له جاذبيه وسلاسه وكما عودتنا دائما للابداع استاذ وهاهو انت ملك الابداع مودتى لك وشكرا
ردحذف