الثلاثاء، 2 أبريل 2013

عطاء الرجل وأنانية المرأة . . . فى الحب والغرام ! ! ( بقلم : د . وحيد الفخرانى ) .


عطاء الرجل وأنانية المرأة . . . فى الحب والغرام ! ! ( بقلم : د . وحيد الفخرانى )
-----------------------------------------------------------------------------
من أجمل الصفات الحسنة . . التى يهبها الله للإنسان – رجلاً أو إمرأة – هى القدرة على المنح والعطاء . . وقد إمتلأت الحياة منذ بدء الخليقة حتى الآن ، بنماذج كثيرة ، ضربت للبشرية جمعاء المثل والقدوة ، فى القدرة على العطاء والمنح بسخاء ، والتضحية بالغالى والنفيس من أجل غيرهم من الناس . . وتلك فضيلة عظيمة توافرت لهؤلاء العطاؤون المضحون المتفانون من أجل غيرهم . . وهم الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اليد العليا خير وأحب إلى الله من اليد السفلى "  صدق رسول الله . . واليد العليا هى اليد تعطى وتمنح ، أما اليد السفلى فهى التى تأخذ أكثر مما تعطى أو تمنح .

ولكن على الجانب الآخر المقابل . . هناك نوع من البشر ، رجال ونساء ، لا يعرفون للعطاء سبيلاً ، ولا للمنح أو البذل طريقاً ، أوهم إعتادوا أن يأخذوا أكثر مما يعطوا ويمنحوا . . أولئك هم الأنانيون الذين يتسمون بحب الذات وعشق النفس ، ولا يرون حولهم إلا رغباتهم هم ومصالحهم هم ، وراحاتهم هم . . أما من عداهم من غيرهم من البشر ، فليذهبوا سُحقاً إلى الجحيم . . هؤلاء سواء كانوا رجالاً أو نساءً ، هم من شرالبرية وأسوأ صنوفها . . وهم أيضاً من أكثر أنواع البشر جلباً لكره الناس ومقتهم  

هكذا كان هو . . وهكذا كانت هى . . وهكذا جمع بينهما القدر ، فجأة بطريق الصدفة ودون سبق تعارف بينهما  . . إلتقيا وتعارفا وربط بينهما الحب فى غضون عدة أيام ، لم يكن يدرى عنها شيئاً ، سوى أنها أعجبته فى رقتها وجمالها وأنوثتها وأناقتها وكلماتها الحلوة الجميلة ، ولم يكن هناك متسع من الوقت إلا للتعارف السريع ، وفعل الحب والغرام معهما فعلته المعتادة ، فإلتقت روحيهما ، ومال قلبيهما ، وتعانقت عيونهما ، وصارا فى أيام قلائل محبين عاشقين كلاهما للآخر .

كان هو منذ اللحظات الأولى لعشقهما ، كون من العطاء والحنان ، كما كان يحلو لها أن تصفه وتناديه ، وفيض من الحب والعشق والغرام والهيام ، وبحر متدفق من حلو الكلمات وجميل المعانى والتعبيرات . . فقد كان مشهوداً له بالقدرة على التعبير والبيان ، وحسن الكتابة بكل صنوف الكلام . . ولم يكن يدخر وسعاً ولا حيلة ، من أجل إدخال البهجة والسرور على نفس محبوبته ، التى كانت تتلقى منه كل الحب والأحاسيس والمشاعر الدافئة ، بنهم وإحتياج شديد ، وأحس هو بذلك ، فضاعف لها العطاء والحنان ، وفاض بكل ما لديه من معسول الكلام ، وحلو الغرام . . ولم لا يفعل ذلك ؟ وهى قد أصبحت بالنسبة له ، هى كل الحياة ، بل هى الحياة نفسها ، بكل ما فيها من جمال وسحر ودلال ، وحلم جميل بغد يملؤه الجمال والروعة والإبداع .   

ولكن . . . مع مرور الأيام تلو الأيام ، ظهرت لديها فى الأفق ملامح عشق نفس وحب ذات ، وبدت تطفو على السطح يوماً بعد يوم ، وصارت هى تصر على نفاذ كل ما تريد ، وتحقيق كل ما ترغب ، بعيداً عما يريده من تدعوه حبيب قلبها وروحها وعقلها . . رويداً رويداً إزداد إصرارها وعناداها من أجل ما تريد ، وصارت ترفض أية تضحيات ولا تنازلات ، ولا تقبل حلولاً وسطية ، تحقق لكليهما بعض ما يريد . . وهنا تأكد له أنها من ذلك النوع من النساء ، الذى لا يرى إلا نفسه ، ولا يشعر إلا بذاته ، ولا يحس بما يحس به شريك حبه وعمره وحياته . . وأصبح كل همها فى الحياة ، كيف تعتصر قلب هذا الحبيب ، كى تخرج منه أقصى ما يمكن أن يعطيه ويمنحه لها ، حتى ولو أغفلت مشاعره وكيانه . . وأصبحت تلك هى طريقتها المعهودة معه . . ومن فرط حبه وعشقه ، لم يكن يملك لها أمراً ولا نهياً .

وفجأة . . بدأ شعور غريب يتسلل إلى أعماق قلبه وفؤاده ، هذا الرجل الكون الفائض من الحنان . . إنه بدأ يشعر بأنها تستنزف عطاءه ، وتعتصر قلبه بكل قسوة وبلا رحمة أو شفقة . . حتى تسللت الأوجاع والآلام والأحزان إلى قلبه ، وملأته تارة بالحيرة من أمرها ، وتارة من لوعة فراقها إن هو أغضبها أو تناسى تحقيق رغباتها . . ولما ملأت الأوجاع قلبه ، وهزت الآلام وجدانه ، صرخ بأعلى صوته قائلاً : أنا موجوع ، أنا مجروح ، أنا مدبوح ، أنا مهموم ، أنا مكلوم .                         وصل إليها صراخه وأنينه ، ولكنها لم تكن تشعر إلا بها ، بها هى فقط وحدها وليس هو . . صحيح أنها أخبرته بأنها تألمت من أجله ، ولكن يبدو أن تألمها ، كان أشبه بتألم جزار أحكم قبضته على شاة ليذبحها ، وكلما حاولت أن تتفلت ، أحكم قبضته عليها أكثر وأكثر ، وهو ماسك بسكينه ، وكله إصرار وعناد على أن يذبحها . . . إلى هذا الحد رآها هو قاسية ، وإلى هذه الدرجة ، كانت هى أنانية لم تشعر هى إلا بذاتها   

والآن . . اليوم . . هما فى مفترق طرق ، والحب بينهما يئن ويبكى . . هى لا تريد أن تلتقى معه فى منتصف طريق ، ولا تريد سوى إرضاء ذاتها وتحقيق رغباتها ، ولا ترى سوى نفسها فى مرآة كئيبة صدئة ، يعلوها التراب ويكسوها الصدأ . . وعجيب الأمر أنها شرعت فى النيل منه ومن حبه لها ، فتارة تصفه بالظالم المتجبر ، وتارة أخرى تصفه بالقاسى المتشدد ، وتارة ثالثة تصفه بالرجل الأنانى المزهو بنفسه ، وهى تعلم تمام العلم ، أنه لا هذا ولا ذلك ولا ذاك ، ولكنه هو الكون من الحنان ، وفضاؤه كله يملؤه الحب والعشق والغرام .

وهو . . هو على الجانب الآخر . . يملؤه الحزن وتسكنه الأوجاع ، وتعصف بقلبه الهموم والآلام ، وهو يرى الحب بينهما يختنق ويختنق ، وعلى وشك أن يحتضر . . حقيقة هو يحبها ويعشقها ، ويحرص على ودها ونيل قربها ، ولكن أنانيتها وعشقها لذاتها فاقا كل حد ، وإقتربت أكثر وأكثر من النيل من قوته ورجولته ، التى حرص عليها طوال حياته ، وما إرتضى قط أن يقترب منهما أحد أياً كان . . فقد أصبحت الحبيبة ، أكثر تمرداً وعناداً ، وأكثر تصميماً وإصراراً ، على الوصول إلى كل مآربها ، وتحقيق كل رغباتها ، حتى ولو أدى ذلك إلى النيل من كرامته وهيبته وعزة نفسه . . وأصبح التحدى هو سمة تصرفاتها ، وصارالعناد والتمرد أساسيان فى ردود أفعالها ، وأصبح كل شئ لديها ، إما أنا أو لا أحد غيرى . . تلك صارت طريقتها فى الحب بينهما

أما هو . . فلا يدرى مخرجاً لما وصل إليه الحال بينهما . . وظل سؤال واحد يراود فكره وعقله : ترى : هل يوافقها ويفعل لها كل ماتريد ، كى ترضى وتهدأ ، أياً كانت المبررات ، وأياً كانت العواقب ؟ ويقف هو خلف الستار مشاهداً ومتفرجاً على ما يدور ويحدث على ساحة العرض ؟ أم يرفض حبها ويقاوم رغبتها فى السيطرة على ما يحقق لها كل ما تريد ، حتى لا تنجرف بعيداً وفق هواها وميولها ؟ وعندئذ قد يفقدها ويفقد حبها له وحبه لها إلى الأبد .

الحيرة تقتله . . والتمرد والعناد يملآن صدرها . . أما الحب بينهما فإنه يئن ويبكى . . قلبه تملؤه الأحزان . . وصدره يختزن الآلام . . وجسده أعيته الأوجاع .             أما الحبيبة فقد إمتطت جواد الأنانية وحب الذات . . وصارت كمن لا تأبه بما سيكون أو بما كان ، من لوعة فراق أو حسرة هجران  .                                                               

                                                               وإلى لقاء آخر إن شاء الله .    

   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق