السبت، 18 أغسطس 2012

هيمنة الحزب الواحد . . قدر مصر المحتوم .

- قبل ثورة 23 يوليو 1952 كانت الحياة السياسية فى مصر زاخرة بالحراك السياسى الفعال والنشط على أرض الواقع ، وكان يوجد تعدد حزبى حقيقى لأحزاب وقوى حقيقية لها قواعد وكوادر فى الشارع السياسى المصرى وبين المواطنين المصريين ، وكان على رأس هذه الأحزاب حزب الوفد الذى كان صاحب الشعبية الأولى بين المصريين وكان يتزعمه سعد باشا زغلول الزعيم المصرى المناضل من أجل الإستقلال والحرية ، كما كان يوجد حزب السعديين وحزب الدستوريين الأحرار والحزب الوطنى الديمقراطى القديم بزعامة مصطفى كامل فضلاً عن حزب مصر الفتاة وكانت هناك جماعة الأخوان المسلمين أيضاً .
- ولم تكن تلك الأحزاب جميعها مجرد لافتات ومقار ، وإنما كانت أحزاباً ذات شعبية ولها أنصار كثيرون بين طوائف الشعب المصرى المختلفة ، صحيح أنها لم تكن على مستوى واحد من الشعبية و التأثير بين الناس ، ولكن كان يجمعها عنصر مشترك هو وجودها الحقيقى والفعلى والمؤثر بين أفراد الشعب المصرى ، وكان تداول السلطة بينها فى العهد الملكى السابق على ثورة يوليه 1952 - فيما يتعلق بتشكيل الحكومات - هو الوضع السائد فى مصر فى ذلك الوقت ، وكان الحزب الفائز بالأغلبية فى الإنتخابات البرلمانية هو الذى يتولى تشكيل الحكومة سواء منفرداً أو بالإشتراك مع غيره من الأحزاب التى لها أعضاء فى البرلمان .
- ولكن بعد قيام ثورة يوليو على يد تنظيم الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر ورفاقه إنقلب الحال تماماً إلى النقيض ، وتلك هى السمة المميزة لحكم العسكريين فى أى بلد ، فهم لا يقضلون الأسلوب الديمقراطى فى إدارتهم لشئون البلاد ، ولا يؤمنون بتعدد الآراء أو إختلافها ، ولا يسمحون بتداول سلطة الحكم مع آخرين ، ومن هذا المنطلق تقرر حينذاك حل جميع الأحزاب السياسية المصرية بدعوى القضاء على الفساد السياسى ، ولم يُسمح لأى حزب أو جماعة بممارسة النشاط السياسى ، وحل محل جميع الأحزاب و القوى السياسية تنظيم واحد أو حزب واحد يتبع الرئيس فقط كان فى بادئ المر هو التنظيم الطليعى ثم حزب مصر الذى ورثه الإتحاد الإشتراكى العربى ، وإستمر الحال على هذا المنوال طوال الحقبة الناصرية ( 1954 - 1970 ) وفى السنوات الأولى من حكم الرئيس الراحل أنور السادات الذى أراد إعادة الحياة الديمقراطية إلى مصر فى منتصف سبعينات القرن الماضى و على طريقته هو ، فأنشأ السادات المنابر الثلاثة آنذاك ( اليمين - الوسط - اليسار ) ، ثم قرر بعد ذلك إعادة تأسيس الحزب الوطنى الديمقراطى برئاسته هو و الذى هرول إليه الجميع فى حينه لا لشئ سوى لأنه حزب الرئيس ، وسُمح لحزب الوفد بالعودة لممارسة نشاطه السياسى مرة أخرى ، وظهر على الساحة السياسية حزبى العمل الإشتراكى برئاسة المرحوم / إبراهيم شكرى ، وحزب التجمع اليسارى ، إلا أن الوضع كان أشبه بمسرحية هزلية يسخر فيها ممثلوها من الشعب المصرى بأكمله ، ووُزعت فيها الأدوار على الأحزاب التى لم لها وجود حقيقى وفعال فى الشارع السياسى المصرى ، وظل الغرض الحقيقى من وراء تشكيل الأحزاب غائباً أو بالأصح مُغيباً وغير مسموح به وهو تداول السلطة والحكم بين كافة الأحزاب السياسية .
- وفى أكتوبر 1981 إنتهى عهد الرئيس الراحل أنور السادات بإغتياله على يد الجماعات الإسلامية المتطرفة ، وبدأ عهد مبارك فى الحكم الذى إستمر قرابة الثلاثين عاماً لم يتغير فيها الحال ، وظل الحزب الوطنى الديمقراطى برئاسة مبارك هو الحزب المهيمن على الحياة السياسية المصرية ، وظلت الأحزاب الأخرى كما هى أحزاباً كرتونية هشة ليس لها أى وجود حقيقى ومؤثر فى الشارع المصرى وليس لأى منها ثمة قوة تنظيمية مؤئرة على الصعيد السياسى ، وكانت القوة الوحيدة المؤثرة و المنظمة والمتغلغلة بين المصريين هى جماعة الأخوان المسلمين التى ظلت عشرات السنين تمارس السياسة تحت عباءة الدين ومن وراء ستار ، وسُميت فى عهد مبارك المخلوع " الجماعة المحظورة " .
- وبعد قيام ثورة 25 يناير 2011 إستطاع الأخوان المسلمون إعتلاء موجة الثورة فى اليوم الثالث لها وأمسكوا بزمامها بفضل إنضباطهم وقوة تنظيمهم وكان لهم ما أرادوا ، فقد تصدروا المشهد السياسى فى مصربين عشية وضحاها وسُمح لهم بتكوين حزب الحرية والعدالة ليكون بمثابة الذراع السياسى لجماعة الأخوان المسلمين ، وإقتحم الأخوان المعترك السياسى بقوتهم الضاربة وإنطلق قطارهم الذى لم يجرؤ أحد على إيقافه فحصلوا على أغلبية ساحقة فى إنتخابات البرلمان بغرفتيه - مجلس الشعب ومجلس الشورى - ثم كان لهم الفوز بمنصب رئاسة الدولة المصرية ولأول مرة فى تاريخهم منذ نشأة الجماعة فى عام 1928 وأعتقد أنهم لن يتخلوا عنه مها كان الثمن أو فداحة الخسارة .
- والآن يبدو الحال واضحاً وجلياً أن الأخوان المسلمين سوف يسيطرون على كل مفاصل الدولة المصرية وعلى كل الوظائف الهامة فيها وعلى كل الوزارات والهيئات والنقابات والجامعات وحتى الأندية الرياضية ولن يتركوا لسواهم إلا الفتات ، مثلما كان حال الحزب الوطنى الديمقراطى منذ نشأته وحتى حله بحكم من القضاء بعد خلع المخلوع مبارك ، وأصبح حزب الحرية والعدالة فى طريقه للسيطرة على كل شئ فى مصر ، والإمساك بزمام كل أمور الدولة مستغلاً فى ذلك ضعف الأحزاب السياسية المزعومة والقوى الوطنية الوهمية وحالة التشرزم التى أصابت ثوار 25 يناير ، وأضحى حكم مصر مرشحاً من جديد وبقوة لهيمنة وسيطرة فصيل سياسى واحد أو حزب منفرد ليعيد التاريخ نفسه ويظل الشعب المصرى أسيراً فى قبضة حاكم واحد ينتمى إلى تيار سياسى واحد - مدنى أو دينى لا يهم - والحصاد المؤكد أن يظل قدر مصر المحتوم مرتهناً بهيمنة حزب سياسى واحد لعشرات أخرى من السنين لا يعلم مداها إلا الله وحده ، و لا عزاء للديمقراطية وتداول السلطة .    
- قبل ثورة 23 يوليو 1952 كانت الحياة السياسية فى مصر زاخرة بالحراك السياسى الفعال والنشط على أرض الواقع ، وكان يوجد تعدد حزبى حقيقى لأحزاب وقوى حقيقية لها قواعد وكوادر فى الشارع السياسى المصرى وبين المواطنين المصريين ، وكان على رأس هذه الأحزاب حزب الوفد الذى كان صاحب الشعبية الأولى بين المصريين وكان يتزعمه سعد باشا زغلول الزعيم المصرى المناضل من أجل الإستقلال والحرية ، كما كان يوجد حزب السعديين وحزب الدستوريين الأحرار والحزب الوطنى الديمقراطى القديم بزعامة مصطفى كامل فضلاً عن حزب مصر الفتاة وكانت هناك جماعة الأخوان المسلمين أيضاً .
- ولم تكن تلك الأحزاب جميعها مجرد لافتات ومقار ، وإنما كانت أحزاباً ذات شعبية ولها أنصار كثيرون بين طوائف الشعب المصرى المختلفة ، صحيح أنها لم تكن على مستوى واحد من الشعبية و التأثير بين الناس ، ولكن كان يجمعها عنصر مشترك هو وجودها الحقيقى والفعلى والمؤثر بين أفراد الشعب المصرى ، وكان تداول السلطة بينها فى العهد الملكى السابق على ثورة يوليه 1952 - فيما يتعلق بتشكيل الحكومات - هو الوضع السائد فى مصر فى ذلك الوقت ، وكان الحزب الفائز بالأغلبية فى الإنتخابات البرلمانية هو الذى يتولى تشكيل الحكومة سواء منفرداً أو بالإشتراك مع غيره من الأحزاب التى لها أعضاء فى البرلمان .
- ولكن بعد قيام ثورة يوليو على يد تنظيم الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر ورفاقه إنقلب الحال تماماً إلى النقيض ، وتلك هى السمة المميزة لحكم العسكريين فى أى بلد ، فهم لا يقضلون الأسلوب الديمقراطى فى إدارتهم لشئون البلاد ، ولا يؤمنون بتعدد الآراء أو إختلافها ، ولا يسمحون بتداول سلطة الحكم مع آخرين ، ومن هذا المنطلق تقرر حينذاك حل جميع الأحزاب السياسية المصرية بدعوى القضاء على الفساد السياسى ، ولم يُسمح لأى حزب أو جماعة بممارسة النشاط السياسى ، وحل محل جميع الأحزاب و القوى السياسية تنظيم واحد أو حزب واحد يتبع الرئيس فقط كان فى بادئ المر هو التنظيم الطليعى ثم حزب مصر الذى ورثه الإتحاد الإشتراكى العربى ، وإستمر الحال على هذا المنوال طوال الحقبة الناصرية ( 1954 - 1970 ) وفى السنوات الأولى من حكم الرئيس الراحل أنور السادات الذى أراد إعادة الحياة الديمقراطية إلى مصر فى منتصف سبعينات القرن الماضى و على طريقته هو ، فأنشأ السادات المنابر الثلاثة آنذاك ( اليمين - الوسط - اليسار ) ، ثم قرر بعد ذلك إعادة تأسيس الحزب الوطنى الديمقراطى برئاسته هو و الذى هرول إليه الجميع فى حينه لا لشئ سوى لأنه حزب الرئيس ، وسُمح لحزب الوفد بالعودة لممارسة نشاطه السياسى مرة أخرى ، وظهر على الساحة السياسية حزبى العمل الإشتراكى برئاسة المرحوم / إبراهيم شكرى ، وحزب التجمع اليسارى ، إلا أن الوضع كان أشبه بمسرحية هزلية يسخر فيها ممثلوها من الشعب المصرى بأكمله ، ووُزعت فيها الأدوار على الأحزاب التى لم لها وجود حقيقى وفعال فى الشارع السياسى المصرى ، وظل الغرض الحقيقى من وراء تشكيل الأحزاب غائباً أو بالأصح مُغيباً وغير مسموح به وهو تداول السلطة والحكم بين كافة الأحزاب السياسية .
- وفى أكتوبر 1981 إنتهى عهد الرئيس الراحل أنور السادات بإغتياله على يد الجماعات الإسلامية المتطرفة ، وبدأ عهد مبارك فى الحكم الذى إستمر قرابة الثلاثين عاماً لم يتغير فيها الحال ، وظل الحزب الوطنى الديمقراطى برئاسة مبارك هو الحزب المهيمن على الحياة السياسية المصرية ، وظلت الأحزاب الأخرى كما هى أحزاباً كرتونية هشة ليس لها أى وجود حقيقى ومؤثر فى الشارع المصرى وليس لأى منها ثمة قوة تنظيمية مؤئرة على الصعيد السياسى ، وكانت القوة الوحيدة المؤثرة و المنظمة والمتغلغلة بين المصريين هى جماعة الأخوان المسلمين التى ظلت عشرات السنين تمارس السياسة تحت عباءة الدين ومن وراء ستار ، وسُميت فى عهد مبارك المخلوع " الجماعة المحظورة " .
- وبعد قيام ثورة 25 يناير 2011 إستطاع الأخوان المسلمون إعتلاء موجة الثورة فى اليوم الثالث لها وأمسكوا بزمامها بفضل إنضباطهم وقوة تنظيمهم وكان لهم ما أرادوا ، فقد تصدروا المشهد السياسى فى مصربين عشية وضحاها وسُمح لهم بتكوين حزب الحرية والعدالة ليكون بمثابة الذراع السياسى لجماعة الأخوان المسلمين ، وإقتحم الأخوان المعترك السياسى بقوتهم الضاربة وإنطلق قطارهم الذى لم يجرؤ أحد على إيقافه فحصلوا على أغلبية ساحقة فى إنتخابات البرلمان بغرفتيه - مجلس الشعب ومجلس الشورى - ثم كان لهم الفوز بمنصب رئاسة الدولة المصرية ولأول مرة فى تاريخهم منذ نشأة الجماعة فى عام 1928 وأعتقد أنهم لن يتخلوا عنه مها كان الثمن أو فداحة الخسارة .
- والآن يبدو الحال واضحاً وجلياً أن الأخوان المسلمين سوف يسيطرون على كل مفاصل الدولة المصرية وعلى كل الوظائف الهامة فيها وعلى كل الوزارات والهيئات والنقابات والجامعات وحتى الأندية الرياضية ولن يتركوا لسواهم إلا الفتات ، مثلما كان حال الحزب الوطنى الديمقراطى منذ نشأته وحتى حله بحكم من القضاء بعد خلع المخلوع مبارك ، وأصبح حزب الحرية والعدالة فى طريقه للسيطرة على كل شئ فى مصر ، والإمساك بزمام كل أمور الدولة مستغلاً فى ذلك ضعف الأحزاب السياسية المزعومة والقوى الوطنية الوهمية وحالة التشرزم التى أصابت ثوار 25 يناير ، وأضحى حكم مصر مرشحاً من جديد وبقوة لهيمنة وسيطرة فصيل سياسى واحد أو حزب منفرد ليعيد التاريخ نفسه ويظل الشعب المصرى أسيراً فى قبضة حاكم واحد ينتمى إلى تيار سياسى واحد - مدنى أو دينى لا يهم - والحصاد المؤكد أن يظل قدر مصر المحتوم مرتهناً بهيمنة حزب سياسى واحد لعشرات أخرى من السنين لا يعلم مداها إلا الله وحده ، و لا عزاء للديمقراطية وتداول السلطة .                               وإلى مقال آخر إن شاء الله .

                              

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق