الأحد، 11 نوفمبر 2012

عقارب الساعة . . . . لن تعود أبداً إلى الوراء ! !


عقارب الساعة . . . . لن تعود أبداً إلى الوراء  ! !
-----------------------------------------------
سنحت لى الفرصة ، خلال الأيام القليلة الماضية ، أن أطالع العديد من المقالات السياسية ، لدعاة الفكر والثقافة ، ممن يطلقون على أنفسهم " النخبة الشعبوية " ، من مختلف الإتجاهات ، من اقصى اليمين إلى أقصى اليسار . . وكذلك العديد من برامج التوك شو والبرامج الرياضية ، التى ترك القائمين عليها ، ما يعرفونه وذهبوا إلى ما يجهلونه ، وهو الحديث فى الشأن السياسى ، وكأنه أصبح لقمة العيش الهنية ، التى يرتزقون من ورائها . . فصار الجميع يُدلى بدلوه فيما يفهم ويَعى ، وفيما لا يفهم ولا يَعى . . أزعجنى كثيراً ، هذا التشرزم والتشتت والتفتت ، الذى صار هو السمة الغالبة فى حوارات المصريين ، بين بعضهم البعض ، تلك الظاهرة التى تنبئ بأسوأ العواقب ، وأفدح الخسائر ، لمصر وشعبها ، فى الوقت القريب العاجل . . وصرت كأننى أرى السحب تتجمع فى الأفق القريب ، لتمطر فيما بعد ، على رؤوس المصريين جميعاً ، مطراً أسوداً كقطرات القطران ، الذى لن ينجو منه أحد ، إلا من عصم ربى ، بإرادته ومشيئته .

ولقد أفزعنى وروعنى ، أولئك الذين يسمون أنفسهم " أنصار مبارك أو أبناء مبارك " ، وما هم فى الحقيقة من أنصار مبارك ولا من أبنائه ، وإنما هم دعاة هدم وحملة أنقاض ، يحملون فى أيديهم معاول الهدم لمصر وشعبها . . لقد ذكرنى هؤلاء الأنصار وأولئك الأبناء ، بطائفة من المصريين ، طفت على السطح فى أوائل سبعينات القرن الماضى ، عقب وفاة الزعيم الخالد / جمال عبد الناصر ، كانوا يسمون أنفسهم أبناء عبد الناصر ، وأسماهم السادات رحمه الله " مُرتدوا قميص عبد الناصر " . . فقد كانت مصر بعد عبد الناصر ، تعانى من ألمين وحزنين ، ألم وحزن لوفاة الزعيم والقائد ، وألم وحزن لهزيمة الجيش وإحتلال الأرض ، وضياع هيبة مصر.   
بعد وفاة عبد الناصر ، خرج علينا من إدعوا أنهم من المصريين ، وأنهم من أنصار عبد الناصر ومريدوه ، ونسوا أو تناسوا أن الرجل قد مات ، وأن مصر هى الباقية التى لا تموت ، وأن ولاءهم وإنتماءهم ما كان يجب أن يكون إلا لمصر ، لا لعبد الناصر . . إدعى هؤلاء أنهم ورثة عبد الناصر ، ورثة عقله وفكره ، وإخلاصه لمصر وشعبها . . ولكن تلك هى سمة الشعوب المتخلفة ، وقت زوال المرشد وضياع الدليل ، وفقدان ملامح الطريق ، نجدهم يتعلقون بأذيال زعيم أو قائد ، مضى وإنقضى عهده ، أو حِقبة فات زمانها ، وبجهلهم المعتاد ، وغبائهم المتأصل فيهم ، ينسون أن هناك وطناً كان الأولى بهم ، أن يناصروه ويؤيدوه ، وطن فى أزمة وفى شدة ، وفى معترك صعب ، وبدلاً من ذلك ، نجدهم يتمنون لهذا الوطن الخراب والدمار ، ويدعون الله أن ينتقم منه ليل نهار ، من أجل شخص كتب الله عليه الفناء ، ولكن أعود فأقول : تلك سمة الشعوب المتخلفة لا النامية ، لأن من أراد النمو لوطنه ، لا يحمل أبداً ، معاول الهدم والنقض .

إنى أرى مصر الآن . . بفعل الجهل وإنعدام الوعى والفكر ، تتمزق أوصالها ، وتنحل مفاصلها على أيدى أناس متشرزمين ومنقسمين ، إلى فرق وشيع ومذاهب ، والجميع فى نهاية الأمر يتصايحون بالوطنية والمصرية . . أرى مصر الآن وقد تجاذبت أطرافها ، أيدلوجيات وأفكار وأجندات ، بعضها من داخل الوطن ، وبعضها من خارجه . . ولكنها فى جميع الأحوال ، لاتعمل لصالح مصر ولا لصالح شعبها .
إن المصريين الآن . . يعانون الأمّرين ، فى حياتهم اليومية والمعيشية ، غالبيتهم صاروا تحت خط الفقر ، تركهم النظام البائد يتكففون الناس والشعوب من حولهم ، عاش بهم سنوات وسنوات ، يتسول من أرباب العمائم والدشاديش فى دول الخليج العربى ، ويقترض ويستدين من دول الغرب الأوربى ، ويستمنح من أمريكا حليفة إسرائيل ، العدو الصهيونى الأبدى الأزلى لمصر والعروبة والإسلام . . هكذا تركهم النظام البائد ، الذى مضى عهده وولى عصره ، من بعد ما أطاح به المصريون فى ثمانية عشر يوماً فقط لا غير . .

إن مصر الآن . . فى حاجة إلى شعب وفى مخلص لوطنه ، واع بما تمر به من ظروف سياسية وإقتصادية وإجتماعية وأمنية ، فى غاية الصعوبة . . وجاءت الطامة الكبرى ، عندما إستولى الإخوان المسلمون على رأس السلطة فى مصر ، بفضل غياب القوى الوطنية المنظمة ذات الوجود الفعلى والحقيقى فى الشارع المصرى ، وأصبح من الإخوان الرئيس المصرى المنتخب ، صاحب الشرعية الأولى والحقيقية فى البلاد . . ولكنه للأسف الشديد ، جاء ليحكم مصر بيد مرتعشة ، لا تقوى على مواجهة دعاة الفتنة والإنقسام ، ولا دعاة الرجعية والإنهزام ، ولا دعاة العلمانية وإضاعة هوية مصرالإسلامية العربية الفرعونية .

كانت مصر تحلم بالزعيم ، بعد أن حرمها الله من الزعماء ، طيلة ثلاث عقود متصلة ، صحيح كان هناك رئيس لمصر ، ذو يد قوية وقبضة حاكمة ، تعرف كيف تمسك بزمام الأمور ، ولكنها لم تكن يد عادلة ، حانية على البسطاء والمُتعبين من أبناء المصريين ، يد تركت أموال المصريين ومواردهم وثرواتهم ، مُباحة أمام حفنة من اللصوص ، السارقين الناهبين ، أصحاب الذمم الخربة والضمائر الميتة ، حتى قضوا على مصر فى عقود ثلاث من الزمن ، عادت بمصر وشعبها إلى الوراء فى العديد من المجالات . . صحيح أن الرجل كان يعمل ويعمل ، ولكنه كان يعمل بفكر وعقل وأسلوب الموظف بدرجة الرئيس . . كان يُلقى بالتبعات الجسام على رجال حوله ، من روؤساء حكومات ووزراء ومسئولين ، دون أن يحاسبهم أو يعاقبهم ، أخطأ منهم من أخطأ ، وافسد من أفسد ، وسرق من سرق ، ونهب من نهب ، ولم نجد واحداً منهم يُقدم للقضاء ، بتهمة الفساد أو الرشوة أو السرقة ، حتى صارت مصر لا تعرف جريمة الرشوة ، ولا إختلاس المال العام ، وتعطل العمل بنصوصها فى قانون العقوبات ، وكأننا عُدنا إلى عهد خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز ، حفيد الفاروق عمر بن الخطاب ، الذى إختفى الفساد والسرقة فى عهده ، بسبب إستقرار العدل بين الناس ، وليس بسبب التستر على اللصوص والفاسدين ، كما كان فى عهد مبارك . . إن ملفات الفساد التى كانت قد أغلقها النائم العام ، فى العهد البائد ، طفت على السطح مرة أخرى ، لتزكم أنوف المصريين بما فى طياتها ، من روائح نتنة لضمائر ميتة ، وشهوات جامحة ، ونفوس ضعيفة ، إحترفت الفساد والسرقة والسلب والنهب ، فى ظل غياب الحساب والثواب والعقاب ، ولنا المثل والنموذج فى الآلاف من رجال مبارك والحزب الوطنى ، لصوص الوطن ، وسارقى أفراح المصريين .

واليوم أرى . . البعض يترقب ويدعو الله ، وينتظر إجابة الدعاء ، أن يعود الله بمصر ، إلى ما قبل 11فبراير 2011  ، يحدوهم الأمل فى أن يجدوا أنفسهم مرة أخرى ، يغوصون فى بطون المصريين ، يسرقون أموالهم القليلة ، وينهبون ثرواتهم المتواضعة ، ويُدمرون مستقبل أبنائهم وأحفادهم ، ويسرقون أفراحهم ، وليس هناك أشر ولا أبغض ولا ألعن من سارق الفرح هذا . . إنه يقف بعيداً ليتربص بك ، هو فى سكون ، ما دمت أنت فى حزن وهم وغم ، فإذا رآاك وقد ضحكت لك الأيام ، وبدأ الفرح يعرف طريقه إلى حياتك ، إنقض عليك ومعه عصابته من المجرمين ، ليحطموا مصابيحك ، ويُطفئوا أضواءك ، ويُروعوا من جاءوا إليك يشاركوك فرحتك ، ويُحيل حياتك مرة أخرى ، إلى ظلام دامس ، وحزن وضياع . . ذلك هو " سارق الفرح "  ، والذى لن يُمكنه الله أبداً من مصر وشعبها .
أما من يقفون هناك بعيداً ، عند ناصية الميدان ، ميدان التحرير وكل ميادين مصر ،يترقبون وينتظرون ويتحينون الفرصة ، للإنقضاض كما الذ ئب الضارى على الغنم المسالمة ،أو كما سارق الفرح الذى يتحين الفرصة ، لهدم أفراح المصريين ، بثورتهم التى ما جنوا ثمارها بعد. . أقول لهؤلاء جميعاً إرجعوا إلى أحضان مصر والمصريين ، أو إذهبوا بعيداً بعيداً ، حيث الخرائب هناك ، والأوحال هناك ، والمستنقعات هناك ، لتعيشوا فها كما الجرزان . . فلن يسمح لكم المصريون أن تسرقوا فرحتهم . . وإعلموا جيداً ، أن عقارب الساعة لن تعود أبدأ إلى الوراء مرة أخرى . . موتوا بغيظكم ، أو إنتحروا كافرين . .                 وإلى مقال آخر إن شاء الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق