إحذروا
أيها الثوار . . . . من فلول مبارك ! !
------------------------------------------
قال الله
تعالى – مُحذراً رسوله الكريم – فى كتابه العزيز : " ومن الناس من يعجبك قوله
فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه وهو ألد الخصام " صدق الله
العظيم . . . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " آية المنافق ثلاث : إذا
حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان " صدق رسول الله . . . . كثيراً فى
حياتنا . . ما نقابل أناساً ، تنطلق ألسنتهم بأحلى الكلمات ، وتنطق شفاههم بأرق
العبارات ، وتعلو وجوههم الإبتسامات ، وتبدو عليهم أمارات المحبة لنا والوفاق ،
وهم فى حقيقة أمرهم من ألد الأعداء ، ويتمنون فى أنفسهم لنا الهلاك . . أولئك هم
المنافقون ، الذين حذر منهم ربنا رسوله الكريم محمد، من فوق سبع سماوات بكلمات
قرآنية ، نزل بها الأمين جبريل على سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ، وأولئك هم
أيضاً من أسماهم القرآن الكريم بالمنافقين ، وبشرهم الخالق جل فى علاه بجهنم وبئس
المصير . . . قال تعالى فى كتابه العزيز : " إن المنافقين كانوا فى الدرك
الأسفل من النار " صدق الله العظيم .
والآن فى
مصر . . أرى أمامى مشهداً غريباً وعجيباً ، رأيته من قبل منذ أكثر من تلاثين عاماً
، أيام أن إجتمع الأضداد ، فى الفكر والأيدلوجيات ، والرؤى والتوجهات ،
والخطط والأهداف ، وتصدروا جميعاً المشهد السياسى المصرى ، وهم خصوم وأعداء
، فى أواخر عهد الزعيم أنور السادات رحمه الله . . وقت أن أخطأ السادات فى حساباته
وتقديراته ، الخطأ الأكبر والخطيئة الكبرى ، وقرر الإفراج عن أعضاء
الجماعات الإسلامية ، وعلى رأسهم الأخوان ، من السجون والمعتقلات ، وفتح لهم
الطريق للعمل الدَعوى والسياسى ، ، وكان السادات كمن يلعب بالنار ، فقد كان
فى تقديره الخاطئ آنذاك ، أنه بذلك إنما يُحدث توازناً فى البلاد ، بين الفكر
الإشتراكى الشيوعى والفكر الإسلامى . . وكانت المفاجأة الكبرى للسادات نفسه ، أن
تخلى كل منهما عن فكره وعن أيدلوجيته ، وإتفقوا معاً عليه ، ووقفوا فى وجهه ،
وأفسدوا الحياة السياسية فى مصر ، رغم إختلافهم الأيدلوجى العميق ، الذى كان
يُدركه السادات تماماً ، ولكنه تغافل عنه ، حتى وجد أمامه مشهداً لا يتكرر ، إلا
فى عالم السياسة وحده ، ذلك العالم القذر البعيد عن المبادئ والأخلاق .
لقد فوجئ
الجميع آنذاك ، وعلى رأسهم السادات رحمه الله ، بأن الأخوان المسلمين الموحدين
بالله والمؤمنين برسوله ، قد وضعوا أيديهم فى أيدى الشيوعيين ، الملحدين الكافرين
بالله ورسوله ، ضد السادات فى آن واحد ، جمعتهم لعبة السياسة القذرة ، ولملمتهم
الأهواء والمطامع ، وأفسدوا على مصر ما كان يأمله لها السادات . . وكان أن إنتهى
إتفاقهم وإجتماعهم ، على أهدافهم الشيطانية ، بمأساة حقيقية عاشتها مصر
والمصريون ، وعانوا منها كثيراً . . لقد آل الأمر فى نهايته إلى إغتيال
السادات نفسه ، طمعاً فى السطو على السلطة ، من أجل فرض أيدلوجياتهم الخاصة بهم
وحدهم ، ولكن الله انقذ مصر من براثن الأخوان المسلمين والشيوعيين فى آن واحد .
واليوم فى
مصر . . أرى أمامى ذات المشهد العجيب والغريب يتكرر مرة أخرى ، ولكن فى هذه المرة
، إجتمع الثوار الأحرار فى ميدان الثورة ، ميدان التحرير ، حيث سالت دماء الشهداء
الأبرياء . . ويا للهول والعجب العُجاب . . لقد إحتشد معهم فى ذات الميدان ،
الفاسدون المُفسدون ، من فلول مبارك المخلوع ، رجال الحزب الوطنى المنحل والمدحور
، والجميع يتصايحون ضد الأخوان هذه المرة . . أترى ؟ هل التاريخ يُعيد نفسه
؟ وكما فعل الأخوان المسلمين مع السادات ووضعوا أياديهم فى أيادى الشيوعيين
المُلحدين ، من أجل الإطاحة بالسادات . . الآن الثوار الأحرار، وضعوا هم أيضاً
أياديهم فى أيادى ملوثة بالدماء ، من أجل الإطاحة بمرسى والأخوان . . وهل أصاب
العمى هؤلاء الثوار إلى هذه الدرجة ؟ أم أنها السياسة لعنها الله ألف مرة ومرة
؟
إن القوى
الثورية فى مصر ، تسعى الآن إلى هدف واضح وظاهر ، هو إستعادة ثورتهم التى إختطفها
منهم الأخوان ، وإختطفوا معها مصر كلها ، وللثوار بعض الحق فى ذلك ، فممارسات
الأخوان ليست فوق مستوى الشبهات ، فى هذا الخصوص ، ويسعى الثوار إلى تحقيق ذلك
الهدف من خلال الإطاحة بالإخوان ورئيس البلاد المُنتخب ، صاحب الشرعية الوحيدة فى
مصر الآن . . . أما فلول مبارك ، فهم أيضاً يسعون إلى هدف واضح وظاهر ، ولكنه
يختلف عن هدف الثوار ، إنهم يهدفون إلى إعادة النظام البائد الفاسد مرة
أخرى ، بكل رموزه وسدنته ، ورجاله اللصوص السارقين لقوت هذا الشعب . . وهم أيضاً
من أجل تحقيق هدفهم الكريه ، يتبعون ذات الوسيلة التى يتبعها ثوار 25 يناير ، وهى الإطاحة
بالإخوان و الرئيس الشرعى المنتخب فى البلاد ، ثم إشاعة الفوضى فى مصر مرة أخرى . .
إنهم فلول ماكرون ، يحاولون إعتلاء أكتاف الثوار، من أجل إسقاط النظام ،
وإعتلاء قمة السلطة فى البلاد مرة أخرى .
لقد أثارت
إعجابى . . كلمات صدرت عن الكاتب والروائى / علاء الأسوانى ، حين كتب بالأمس ،
مُحذراً الثوار من فلول مبارك ، ومُنادياً بأعلى صوته ، أن إنتبهوا يا ثوار مصر
لمكر الماكرين من رجال مبارك . . أراد الرجل أن يدق ناقوس الخطر عالياً ، كى يسمعه
ثوار مصر ، رغم أنه يختلف مع الإخوان فى توجهاتهم وسياساتهم وأطماعهم ، إلا أنه
مثلنا جميعاً – نحن المصريين – يرى أن رجال مبارك وفلوله أشد خطراً على
البلاد من خطر الأخوان .
إن المدعو
أحمد شفيق ، إبن مبارك الفاسد ، قابع هناك خارج البلاد ، فى مخبئه مثل الفئران ،
يخطط ويُدبر ويمول من أمواله الفاسدة وأموال رجال مبارك ، من أجل إسقاط النظام
الحاكم فى مصر ، مستغلين فى ذلك غباء الإخوان وأطماعهم فى محاولة إختطاف مصر ،
ومُستغلين فى ذات الوقت ، حماسة وإندفاع ثوار مصر 25 يناير ، الذين يسعون بكل
جهدهم لإستعادة مصر المخطوفة من يد الإخوان . . ولكن شفيق وعملاؤه ، لا يسعون
إلى ما يسعى إليه الثوار ، وإنما يسعون إلى إستعادة السلطة فى مصر مرة أخرى ،
ليعود شفيق من الخارج ، مُعتلياً سُدة الحكم فى البلاد ، ويعود مرة أخرى نظام
مبارك المخلوع ، ويعود التنكيل بالمصريين والثوار .
إن ثوار
مصر الآن . . فى موقف صعب للغاية ، إنهم يقفون محاصرون بين أطماع الإخوان
فى مصر من ناحية ، وبين مؤامرات الثورة المضادة ودسائسها من ناحية أخرى . . والخوف
كل الخوف ، من أن يضل الثوار طريقهم ، ويضعوا أياديهم الطاهرة فى أيادى الفلول
الملوثة بدماء الشهداء من أقرانهم ، من أجل الإطاحة بالإخوان المسلمين ورئيس
البلاد .
وأنا
أقول لهم : يا ثوار مصر 25
يناير . . تمسكوا بأهدافكم فى إستعادة ثورتكم وإستعادة مصر ، التى إختطفها الإخوان
منكم وأنت غافلون عنها . . ولكن . . إياكم أن تغفل عيونكم عن أولئك المتربصين بكم
وبثورتكم ، من فلول مبارك المخلوع . . لا تدعوا صراعكم مع الإخوان وكرهكم لهم ،
يُنسيكم مكر ودهاء وتدابير ومؤامرت ودسائس الثورة المُضادة ، من رجال النظام
البائد ، الذين لم يفقدوا الأمل حتى اليوم فى إفتراس مصر مرة أخرى . .
إن عدوكم الأول هو الثورة المضادة من الفلول ، وخصمكم من الإخوان
المسلمين ولكنهم ليسوا عدواً لكم . . لا تنسوا أنكم والإخوان كنم شركاء فى
ثورة 25 يناير ، دفعوا معكم أثماناً غالية من أجل إنجاحها . . صحيح أن أطماعهم
غلبت عليهم ، وتلك هى طبيعة السياسة لدى الجميع ، وأرادوا إختطاف مصر لهم وحدهم .
. ولكن . . يجب ألا يُنسيكم طمع الإخوان مكر الفلول ، الذين يتربصون بكم
وبثورتكم وبمصر وبالإخوان فى آن واحد ، وينتظرون ، وتلك فرصتهم أن ينهار الحكم فى
البلاد ، وتعم الفوضى مرة أخرى ، وساعتها سوف ينقضون على حكم مصر ، وربما
ساندهم الجيش هذه المرة ، وسوف تضيع ثورتكم إلى الأبد . . كونوا
حكماء وعقلاء ، مصر الآن لها رئيس مُنتخب لا تطيحوا به ، لأنكم لو فعلتم ، فلن
تستردوا مصر مرة أخرى . . الفلول مُتربصون ، لقد إستوعبوا الدرس جيداً ، والجيش
هذه المرة لن يقف مُتفرجا. . أقول لكم بأعلى صوتى : إحذروا الإخوان ، ولكن
إحذروا أكثر منهم فلول مبارك ! ! !
وإلى مقال آخر إن شاء الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق