الاثنين، 5 نوفمبر 2012

حبيبتى . . . . جميلة ومُستبدة ومغرورة ! !


حبيبتى . . . . جميلة ومُستبدة ومغرورة ! ! 
----------------------------------------
عرفتُها منذ الصِبا . . كنت أنا فى المرحلة الثانوية ، وكانت هى فى المرحلة الإعدادية ، إنها تقطن فى ذات الحى الذى أعيش فيه ، شاهدتها كثيراً وهى تسير فى طريقها إلى المدرسة ، كانت فتاة جميلة وهادئة ، تبدو عليها علامات التعقل والإتزان ، وكانت عيناها جميلتان مثل عيون المَها ، فيهما بريق يشع ذكاءً وحياة ، وكان قوامها ممشوقاً ، ويبدو من مفاتنها أنها فاقت سنوات عمرها الخمسة عشر ربيعاً . . كنت أرقبها من بعيد ، وأظل أرقبها حتى تختفى عن ناظراى ، ملابسها أنيقة ، خطواتها رشيقة ، أحسبها من عارضات الأزياء ، شاهدتنى ذات مرة وأنا أنظر إليها ، وإلتقت عيناى بعينيها ، ولكنها أشاحت بوجهها عنى فى حياء . .

مرت الأيام ، وإنقضت السنون ، ,أنهيت دراستى الجامعية ، تخرجت من كلية القانون ، وإخترت أن أعمل بالمحاماة ، رغم أن تقدير نجاحى كان عالياً ويُرشحنى للعمل بالنيابة العامة والقضاء ، ولكننى لست ممن يهوون التقيد بالوظائف ، أشعر أنها تقتل فى الشخص طموحاته وتطلعاته ، وتحد من قدراته ومواهبه ، ثم أن العمل بالوظيفة ، هو نوع من تحكم النفس بالنفس ، وأنا وُلدت لأكون حراً طليقاً ، لذلك قررت العمل بالمحاماة ، إنها مجال للنجاح مفتوح ، ويأتى فيا النجاح بقدر العمل والمجهود ، لا وساطة فيها لأحد ، ولا محسوبية من أحد لصالح أحد . . وها أنا اليوم أعمل محامياً منذ عشر سنوات ، وبلغ عمرى الحادية والثلاثين ، إكتسبت بعض الخبرات ، وحققت بعض النجاحات ، وما زال الطريق أمامى طويلاً .

وذات صباح . . ذهبت إلى عملى كعادتى ، دخلت من باب المحكمة ، وإتجهت إلى حجرة المحامين ، فتحت حقيبتى ، وأخرجت منها ملفاتى وأوراقى ، ثم إرتديت روب المحاماة الأسود ذى الشريط الأبيض ، وإتجهت صوب قاعة الجلسات ، كى أؤدى عملى فى إحدى القضايا . . إتجهت عيناى إلى باب القاعة ، فوجدتها واقفة بمفردها ، يا لها من مفاجأة ، إننى لم ألقها منذ سنوات طويلة ، إزدادت جمالاً وأنوثة ، وتأنقاً وتألقاً ، هدوءها لم يفارقها ، وبريق عينيها إزداد إشراقاً ولمعاناً ، إنها الحيوية والأنوثة والجمال فى كامل نضجها ، إجتمت لتخرج لنا هذا الكيان الرائع . . نظرت إلىّ وإبتسمت ، كانت إبتسامتها مفاجأة لى ، فلم يكن قد سبق لنا الحديث سوياً من قبل ، ، بادلتها الإبتسامة ، فألقت علىّ تحية الصباح ورددتها ، وسألتها عن سبب مجيئها إلى المحكمة ، أجابتنى بأن والدها توفى منذ سنوات ، وترك لهم منزلاّ كميراث ، إلا أن شقيقهم الأكبر قد وضع يده على المنزل بأكمله ، ورفض إعطاءهم أنصبتهم ، فلجأوا إلى القضاء ، ليُجرى القسمة بينهم . . سألتنى هى عن أحوالى ، وأنها تعلم أنى عملت بالمحاماة ، ولكنها لم تلتق بى منذ سنوات ، فهمتُ من حديثها أنها لم تتزوج حتى الآن ، ونظرت إلى يديها فلم أجد خاتماً للزواج أو الخطوبة ، إنتابنى إحساس بالإرتياح ، لم أستطع أن أفسره حينها . . علمت منها إسم زميلى الذى يتولى قضيتهم ، وقابلته لأوصيه خيراً بها وأخواتها ، أخبرها هو بما فعلت ، وبعدها بعدة أيام ، قابلتها فى المحكمة ، قالت لى أنها حضرت خصيصاً لترانى وتشكرنى على إهتمامى بها ، تبادلنا النظرات والكلمات ، وأوشك لسانى علىطلب لقائها ، ولكننى فوجئت بها تبادرنى بالسؤال : متى تريدنى وأين ؟ يا لها من أنثى غاية فى الذكاء ، لقد لمحت فى عيناى ما لم ينطق به لسانى ، أربكنى سؤالها لى ، أحست هى بإرتباكى ، إبتسمت وقالت : يالك من محامى ! أراكَ غرقت فى شبر من الماء ، تواعدنا وإلتقينا ، ومنذ اللقاء الأول شعرت أنها قد إحتوتنى بكل شئ فيها ، بجمالها ، وذكائها ، وأنوثتها المتفجرة ، وأناقتها ، ورشاقتها ، وحنانها ، وثقافتها ، ولباقتها فى الحديث ، كلها إحتوتنى ، أحسستُ وأنا معها فى لقائنا الأول ، أنها لملمت كل أجزائى المبعثرة ، ووضعتها بداخل قلبها الصغير ، أبهرنى كل شئ فيها ، وأدهشنى ما لقيته منها ، من الود و الحب ، سكنت إليها نفسى بسرعة . . طلبت هى لقائى فى اليوم التالى ، ثم فى اليوم الثالث على التوالى ، وفى ذلك اليوم أخبرتها أننى سوف أغيب عنها لثلاثة أيام ، أسافر فيها إلى العريش ، كى أحضر محاكمة هناك ، فوجئت بها والدموع تتساقط من عينيها ، وتسألنى : وأنا ماذا أفعل بدونك ؟ إندهشت لبكائها ، وتساءلت : أبهذه السرعة يمكن أن تحب الأنثى ؟ ؟ ولكننى صدقت دموعها ، وهدأت من هول المفاجأة عليها ، ووعدتها أنى لن أغيب ، وأن هذا هو عملى ، وتلك هى حياتى التى دخلت إليها ، وعلينا أن نتحمل الفراق سوياً . . لقد أحببتها كثيراً وتعلق قلبى بها ، تلك الفتاة التى كنت أراها منذ سنوات طويلة ، ونالت إعجابى بشدة ، ولم أكن أعرف عنها شيئاً ، حتى إسمها ما عرفته إلا عندما قابلتها أمام قاعة الجلسات بعد سنوات . . قالت لى آنذاك أن إسمها ياسمين ، ذلك الإسم الجميل الذى كلما مرعليه الزمان إزداد جمالاً وروعة ، هو إسم جميل فى ذاته ، فما بالكم لو إجتمع الإسم الجميل مع الوجه الجميل والعيون الجميلة والشفاه الجميلة والهدوء الجميل والإبتسامة الجميلة والأناقة الجميلة والرشاقة الجميلة ، حتى ساعة الغضب ،الغضبة الجميلة . إنها صارت عندى الجمال كله .

كنت أنظر فى عينيها الجميلتين ، وأطيل النظر ، فتقول لى : لن أغمضهما إلا إذا شبعت من النظر إليهما ، إنهما ما خلقهما الله إلا من أجلك أنت ، كانت تحدثنى فى كل شئ وأى شئ ، كانت ثقافتها ظاهرة ، وكانت تغلبنى فى الكلام ، وتعاكسنى قائلة : يالك من محامى ! ! وكانت تهوى أحياناً نطق الكلمات العربية على الطريقة الإنجليزية ، من اليسار إلى اليمين ، فتقول لى : أحبك أنا ، بدلاً من أنا أحبك . .  كنت أعشق كلماتها وحرفها وحتى سكونها عشقته ، نظراتها إلىّ بحبها وعطفها وحنانها ، كانت تقتلنى حباً فيها ، كتبت فيها شعراً ، وحدثت عنها الدنيا بأسرها ، كنت أزرع فيها شيئاً لم أحصده إلا بعد حين ، ما أدركت قط أن تكرارحديثى عن  جمالها ، وأنوثتها ، وأناقتها ، وذكائها ، وثقتها بنفسها ، وثقافتها ، ولباقتها ، وإحتوائها لى . . حديثى عن كل ذلك ، سوف يجعلها فى يوم من الأيام ، مستبدة  معى ، ومغرورة علىّ ، شأنى شأن كل الناس .

مر عام كامل ، على بَدء علاقتى بها ، وأوشكت أن أكون مستعداً للتقدم لخطبتها . . وذات يوم من الأيام ، طلبت منى اللقاء ، وحددنا الموعد والمكان ، وفى الموعد المحدد ، جاءت حبيبتى وحبيبة قلبى ياسمين ، كانت فى قمة جمالها وأنوثتها وأناقتها وروعتها ، أحسست حين نظرت إليها ، كأنى أنظر إلى إحدى ملكات الجمال ، وقلت فى نفسى : سبحان الله خالق هذا الجمال ، وخشيت فى نفسى أن تحسدها عيناى ، جلست أمامى وإبتسامتها لم تفارق شفتاها ، وأطالت النظر إلىّ ،ثم
قالت : عندى لك خبر يساوى مليون جنيه وأكثر ؟
قلت بلهفة : هاتِ ما عندك يا ياسمين ، يا حبيبتى .
قالت :أتعرف فلان . . . . . صاحب الكوافير الراقى وأستوديو التصوير المشهور جداً ، إن زوجته صديقة أختى ، وقد شاهدنى معها منذ يومين ، أعجبه جمالى جداً وظل يمتدح جمالى طويلاً ، وهو ذاهب إلى باريس الشهر القادم ، ليشارك فى مسابقات تصفيف الشعر للنساء ، وقد إختارنى كى أصطحبه موديلاً معه ، ويشترك بى فى المسابقة ، إنه يرى عيناى جميلة ورائعة .
قلت ( حانقاً ) ماذا تقولين يا ياسمين ؟ ؟ هل حدث لعقلك شئ ؟ عن أى باريس تتحدثين ؟
قالت ( وهى تزهو ) : باريس يا حبيبى ، عاصمة الفن والذوق والجمال فى العالم كله .
قلت : نعم أدرى . . ولكن مالنا نحن وباريس ؟
قالت : كيف ؟ إنها فرصة عمرى ، أن أذهب هناك وسط الجميلات ، وأرى باريس، وسوف يتكفل الرجل بكل نفقات سفرى ، حتى ثمن فستانى وحذائى .
قلت ( متسائلاً ) : وماذا أيضاً يا ياسمين ؟
قالت ( والغرور يملؤها ) : وعندما تفوز تسريحتى ، سوف تنتشر صورى فى كل مجلات أزياء العالم ، وأصبح من جميلات العالم ، وليس جميلات مصر وحدها ، ألست تقول أننى أجمل الجميلات ، وأروعهن ، وأكثرهن أناقة ورشاقة ؟ ألست القائل أنى من حورالعين ؟ أم أنك نسيت؟
قلت : نعم . . أنا قلت كل ذلك ، و ما زلت أقوله ، وسوف أظل أقوله حتى أموت . . ولكن يا حبيبتى ، أنتِ أجمل جميلاتى أنا ، مالى وما لنساء العالم كلهن ؟ أمرهن لا يعنينى فى شئ .
قالت ( مستنكرة ) : أرك لا تفكر إلا فى نفسك ، ولا ترى سواها ،وتريد أن تحرمنى من فرصتى.
قلت: عن أى فرصة تتحدثين يا ياسمين ؟
قالت ( وهى تحلم ) : السفر إلى باريس ، والجلوس بين الجميلات ، والفوز عليهن ، إنها مسابقة عالمية من كل دول العالم ، وقع الإختيارعلى ثلاثة فقط من الدول العربية ، مصرولبنان وسوريا.
قلت : ولو . . ما لنا وما تتحدثين عنه ؟  كيف ستسافرين ؟
قالت على الفور : سأسافر معه وبرفقته ، وأمضى هناك عشرة أيام ثم أعود .
قلت ( غاضباً ) : تسافرين مع رجل غريب سواى ، ولا تعرفينه يا ياسمين ؟ ؟
قالت : وماذا فى ذلك ؟ هل أنا صغيرة ؟ أهلى موافقون ! !
قلت ( متحدياً ) : ولكننى لا أوافق  . .
قالت ( على الفور ) : لأنك لا ترى إلا نفسك ، ولا تحب سواها ، ولا تريد لى أن أصير من جميلات العالم ! !
قلت : وعن أى جمال تتحدثين ؟ إن جمال المرأة نعمة من الله ، ولكنه قد يصبح نقمة عليها . . لعنة تلاحقها ، إذا هى لم تكبح جماح جمالها . .
قالت ( بنفور ) : ما هذه الطريقة التى تحدثنى بها ؟ إننى ما إعتادت منك على ذلك قط . .
قلت : وأنتِ أيضاً يا ياسمين ، لم أعتاد منك التفكير بهذه الطريقة قط . .
قالت ( فى تحدى ) : وأنا لن أقبل أن تضيع منى تلك الفرصة الذهبية .
قلت ( مُحذراً ) : إنكِ تستبدين برأيك معى ، ولن أطاوعكِ أبداً .
قالت ( وهى تتفلت من بين يدي ) : وماذا تملك لى حتى تمنعنى ؟ إنك لم تتزوجنى بعد . . وحمداً لله أنك ما فعلت ، كنت ستتحكم بى ، وتمنعنى من سفرى إلى باريس .
قلت ( محاولاً إنقاذ الموقف ) : إذن . . أتقدم لخطبتكِ ، وأعقد عقد زواجنا هذا الأسبوع .
قالت ( ساخرة ) : تعقد علىّ ؟ إنك تريد أن تمنعنى من السفر بشتى الطرق . . إن كنت تريدنى ، إنتظرنى حتى أعود ! !
قلت ( يائساً ) : ومن أدراكِ وأدرانى أنكِ سوف تعودين ، إن فزتِ وصرتِ من جميلات العالم؟
قالت : أعدك أنى سوف أعود ! !
قلت ( راجياً ) : لا تستبدى برأيك يا حبيبتى ، و لا تقطعى الحبل الذى يربط بيننا ، ولا تبتعدى.
قالت ( فى عناد ) : أنت الذى تقطعه . . لقد فكرت ، ولقد قررت ، ولقد إنتويت أن أسافر معه . . سواء قبلت أنت أم لم تقبل ، وسواء رضيت أم لم ترض ، إنك لا تملك أن تمنعنى . . لقد قررت .
 قلت ( حازماً ) : إذن . . لكِ ما أردت ، ولكن إعلمى أنكِ لو فعلتها ، ما عاد بيننا شئ .
قالت ( وهى واقفة ) : ليكن لك ما أردت ، لم يعد بيننا شئ منذ اليوم ، ولكنى لن أضيع هذه الفرصة أبداً . وإستدارت ومضت راحلة .

مضت . . وتركتنى وحدى . . أحد ث نفسى وتحدثنى : ماذا جرى لحبيبتى  ياسمين ؟ وما هذا الجديد الذى طرأ عليها ؟ هل هى لعنة باريس ؟ أم لعنة جمال ياسمين ؟ ؟
وحينئذ . . تذكرت قولها لى ذات مرة : أنا يا حبيبى جميلة . . وجمالى من ذلك النوع الساحر . . مرآتى تحسدنى على جمالى . . وكل النساء تغرن منى . . وتقلن عنى أنى جميلة ، ومستبدة بجمالى ، والغرور يملأ نفسى . . وأنت قلتها لى وكررتها كثيراً وكثيراً وكثيراً . . وأنا بالفعل جميلة ومُستبدة ومغرورة ! ! ! !                                  وإلى مقال آخر إن شاء الله .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق