الأربعاء، 10 أكتوبر 2012

يا أنصار مبارك . . . إرفعوا أيديكم عن مبارك .


يا أنصار مبارك .  .  . إرفعوا أيديكم  عن مبارك .
-----------------------------------------------
قال تعالى فى كتابه العزيز على لسان سيدنا موسى عليه السلام : " رب إشرح لى صدرى ، ويسر لى أمرى ، وأحلل عقدة من لسانى يفقهوا قولى ، وإجعل لى وزيراً من أهلى ، هارون أخى ، أشدد به أزرى ، وأشركه فى أمرى ، كى نسبحك كثيراً ونشكرك كثيراً . . . . . إلخ " صدق الله العظيم . . فلم يكن سيدنا موسى عليه السلام خطيباً مفوهاً و لا مدافعاً صلباً رغم كونه رسولاً نبياً وكليم الله ، لذا طلب من الله سبحانه وتعالى أن يستعين بأخيه هارون الذى كان خطيباً ومتحدثاً لبقاً ، كمدافع يدافع عن موسى عليه السلام بلسان فصيح قادر على إقامة الدليل والحجة والبرهان بالعقل والمنطق  على براءة موسى ، وكوزير يتشاور معه موسى وقت الحاجة إليه فى أى أمرمن  الأمور .

وقد وددت فى مستهل مقالى هذا أن أوضح بهذه الآية الكريمة ، أن ليس كل صاحب حق لديه المقدرة والكفاءة للدفاع عن نفسه ، وإقامة الدليل والحجة على سلامة موقفه بلسان فصيح قادر على التعبير . . ولقد إسترعى إنتباهى فى هذا الخصوص بعض مقالات كتبها نفر ممن يسمون أنفسهم " أنصار مبارك ومؤيديه " صاغوها بقصد الدفاع عن الرجل فى محبسه ، وليتهم ما فعلوا وظلوا صامتين . . لقد أساءوا إلى الرجل أكثر مما أحسنوا إليه ، وفعلوا كما فعلت الدبة التى قتلت صاحبها بحماقتها من فرط حبها له ، بطريقتهم الخاطئة وأسلوبهم المتعجرف الذى يستفز ويستعدى المصريين - حتى المتعاطفين معه - ضد الرجل ، وهو فى أمس الحاجة إلى من يتعاطف معه ، وقول كلمة حق فى جانبه ، فضلاً عن إفتقارهم إلى الخبرة والحنكة والتعقل والتروى، بالإضافة إلى إنعدام الخطة الذكية فى الدفاع عنه وتوضيح المواقف بطريقة نابهة تجعلهم يتسللون إلى قلوب المصريين قبل عقولهم فى بعض الأوقات ، ويخاطبون عقول المصريين قبل قلوبهم فى أوقات أخرى ، فالمحامى البارع هو من يعرف جيداً متى يخاطب وجدان المحكمة ومتى يخاطب عقلها ، المهم أن يصل إلى البراءة فى كل الأحوال ، وهذه البراعة يفتقرها أنصار مبارك ، وأيضاً وجدتهم لا يملكون المهارة فى الأخذ والرد ، ولا حُسن التوقيت فى إظهار الشدة أواللين ،صاروا  كمن يتخبط تارة هنا وتارة هناك ، وظنوا أن الصراخ قد يحقق لهم الغلبة ، ولكن هيهات هيهات .

يا أنصار مبارك . . إن مبارك الآن فى محبسه فى أمس الحاجة إلى الصوت الهادئ الرزين المتأنى الذى يملك القدرة على تمييز الأمور والتعامل معها بحساسية شديدة ، للرجل تاريخ عسكرى مشرف وناصع لا ينكره أحد ، وكان من أبرز القادة العسكريين فى حرب أكتوبر المجيدة ، أما على المستوى السياسى ، فقد حكم مبارك مصر ثلاثين عاماً إجتهد خلالها قدر إستطاعته وإمكانياته ، أصاب فيها كثيراً ، وأخطأ فيها كثيراً ، وليس من الذكاء والحصافة لمن يدافع عنه أن يبرز إنجازاته فقط دون أخطائه ، فلن يكون آنذاك مقنعاً لأحد ، ولن يكون قد أحسن الدفاع عن مبارك أمام الشعب والتاريخ .
إن مبارك كان بشراً وله أخطاؤه ، ولم يكن يحمل أى فكر سياسى أو أيدلوجى قبل توليه حكم مصر ، وأقر هو بذلك فى العديد من المرات . . وقد شاءت إرادة الله أن يحكم مصر ، ولا يحكم فى مُلك الله أحد إلا بمراد الله ، فعبر بمصر إلى بر الأمان بهدوئه وإتزانه وحلمه وصبره ، فى مرحلة من أخطر وأحرج مراحل تاريخها الحد يث ، وإستطاع أن يبحر بسفينة مصر ثلاثين عاماً وسط أمواج متلاطمة ورياح قوية عاتية فى منطقة ملتهبة وساخنة هى منطقة الشرق الأوسط .

 فيا أنصار مبارك . . الرجل فى محبسه ليس فى حاجة إلى الصراخ والعويل والصوت العالى المرتفع ، ولا إلى لغة التحدى والتعالى والتعصب والإستفزاز ، الرجل الآن فى ذمة التاريخ ، وتاريخه كله على المحك ، لا يحتاج إلى المحامى الفاشل الذى يواصل الصراخ فى وجه القاضى ، فيستعديه ضد المتهم ، وإنما يحتاج إلى المحامى البارع الذى يتحدث بهدوء وحكمة وتعقل ، ويستعطف القاضى للرأفة بالمتهم ومراعاة ظروفه ، كى يصل إلى براءته أو حكم مع وقف التنفيذ . . أتركوا القضية لمن يقدر على الدفاع عن الرجل ممن عاصروه وهم كثيرون وأنا منهم ، لقد أضاعت إمرأته وولده الدلوع جزءً من تاريخه ، وأنتم الآن تضيعون البقية الباقية . . تنحوا جانباً ، وإرفعوا أيديكم عن مبارك . . و كان الله فى عونه من خصومه ومن أنصاره . . وإلى مقال آخر إن شاء الله .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق