الجمعة، 12 أكتوبر 2012

الزعيم والرئيس . . . بينهما فرق شاسع وكبير .


الزعيم والرئيس . . . بينهما فرق شاسع وكبير .
--------------------------------------------
بالأمس جمعنى لقاء مع بعض الأصدقاء ، وكالعادة دار بيننا حوار قانونى  فى البداية بحكم التخصص والعمل ، شأننا فى ذلك شأن الأطباء والمهندسين والمعلمين وغيرهم ، وتدريجياً إنتقل الحوار وبدون أن ندرى إلى نقاش سياسى ، تناولنا فيه كل أحوال مصر من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها ، وبدون ترتيب مسبق وجد الحاضرون أنفسهم متفقين على أن مصر الآن بحالتها الراهنة فى حاجة ماسة إلى زعيم يقودها إلى غد أفضل لا إلى رئيس يؤدى عمله بإجتهاد وبأسلوب روتينى عادى . . وعلى الفور – كعادتى دائماً – قررت أن أكتب مقالاً أوضح فيه الفرق بين الزعيم والرئيس ، برؤية موضوعية بحتة ، وبصرف النظر عن أى أشخاص أو أسماء ، سواء ممن رحلوا أو ممن يزالون على قيد الحياة .
ورجعت إلى أوراقى أبعثرها وأبحث بينها عن مقال قرأته من حوالى ثلاث سنوات تقريباً للكاتب والمفكر الكبير / فهمى هويدى تحدث فيه عن الرئيس والزعيم ، ومقال آخر للكاتب والروائى / إحسان عبد القدوس حول ذات الموضوع ، نُشرفى مجلة والدته السيدة / روزاليوسف فى 1987 ، وبعد مجهود شاق عثرت على مقال فهمى هويدى ولم أعثرعلى مقال إحسان عبد القدوس . . . وللأمانة أقول أن ما سأكتبه إستقيت بعضه من مقال المفكر الكبير / فهمى هويدى وأضفت إليه بعضاً من أفكارى الخاصة .

وبادئ ذى بَدء . . فإن الفرق بين الزعيم والرئيس كبير للغاية ، لذلك ليس كل رئيس زعيماً ،  فقلة من الحكام هم الذين إتصفوا بالزعامة ، رغم أن رؤساء كثيرون تمسحوا فى الزعامة  . .  الرئيس وظيفة فى حين أن الزعامة دور ورسالة ،  والرئيس يمشى على الأرض وغارق فى الواقع أما الزعيم فيظل مشغولاً بالحلم ومشدوداً إليه ، والرئيس يملك سلطاناً يفرض به إرادته على الناس أما الزعيم فإنه يملك قوة معنوية يؤثر بها على الناس ، والرئيس مسنود بقوة القانون والدستور أما الزعيم فمسنود بقوة المجتمع وثقة الناس ومحبتهم ، والرئيس لحظة فى التاريخ أما الزعيم فهو إن لم يصنع التاريخ فإنه يحفر إسمه على جدرانه ، والرئيس إذا ترك منصبه يتحول إلى فرد عادى كسائر الناس أما الزعيم فهو يظل فى قلوب الناس ومحمولاً على أكفهم طوال الوقت ، والرئيس يحتاج دائماً إلى كرسى الرئاسة ليجلس عليه أما الزعيم فليس فى حاجة إلى كرسى إذ تظل قامته كما هى بالكرسى أو بدونه .
ومن الرؤساء من يشغلون مناصبهم ثم يغادرونها ولا يذكر الناس لهم إلا أنهم كانوا جزءاً من جغرافية المكان ، أما الزعماء فإنهم يظلون جزءاً من التاريخ أثناء شغلهم للمنصب أو بعد مغادرتهم له ، لذلك فإن الرؤساء يموتون بمضى الوقت فى حين أن الزعماء يظلون أحياءً طول الوقت ، فالرؤساء لهم مدة صلاحية طالت أم قصرت أما الزعماء فصلاحيتهم ممتدة بطول الزمن

إن الزعماء فى تاريخ الشعوب والأمم لايتكررون كثيراً ، فالرؤساء عديدون أما الزعماء فهم قليلون نادرون ، لأن الزعامة لا تُكتسب ، وإنما هى موهبة فطرية من الخالق سبحانه وتعالى لأشخاص بعينهم ، شاءت إرادته أن يكونوا زعماءً لشعوبهم ، يحلمون معهم ولهم ، ويشاركونهم أفراحهم وأطراحهم ، ويشعرون بآلامهم وأحزانهم وأوجاعهم ، لا يرضون لأنفسهم أن تمتلأ بطونهم وبطون شعوبهم خواء ، أو يسكنوا القصور وشعوبهم تلتحف السماء ، يعشقون الأوطان وأهلها ولديهم الحلول السحرية للمشكلات والأزمات ، يعرفون كيف يلهبون حماس المواطنين ويستنهضون همتهم ، يفكرون ويخططون ويتقدمون الصفوف سيراً على الأقدام من أجل تحويل الأحلام والآمال والطموحات إلى حقائق  يعيشها الناس ، يتكلمون كثيراً كى يتواصلوا مع الجماهير ولكنهم  يفعلون أكثر مما يتكلمون ، لديهم القدرة على حشد الشعوب حول مشروعات قومية عظيمة وحالمة ، يبثون الأمل والتفاؤل فى نفوس البشر لغد مشرق أفضل . . . هؤلاء هم الزعماء ، القادة ، الحالمون ، المنقذون ، المخلصون ، الذين تبكى لرحيلهم الشعوب ، وتدمى القلوب ، وتشرد العقول ، من هول فراقهم . . .     وإلى مقال آخر إن شاء الله .               ( إهداء للكاتبة العزيزة / سلوى أحمد ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق