يا
سيادة النائب العام . . . نسألك الرحيلا .
--------------------------------------
قال تعالى
فى كتابه العزيز : " إن الله لا يغير ما بقوم ، حتى يغيروا ما بأنفسهم "
صدق الله العظيم . . . ففى هذه الآية الكريمة يحثنا المولى عز وجل على السعى إلى
تغيير أنفسنا ، داخلها وخارجها ، والتغيير لن يشعر به المجتمع بأسره إلا إذا بدأ
كل إمرئ بنفسه وأهل بيته وذويه ، ليتسع نطاق التغيير ويعم المجتع كله ، وعندئذ
يتحقق وعد الله عز وجل لنا بأن يعيننا على إتمام التغيير الذى ننشده بعون من عنده
ومدد ، وما بالنا أن يأتى العون والمدد من العزيز الحكيم القدير
وعندما
أشعل شباب مصر المخلصين شرارة ثورة 25 يناير ، ما كانوا يقصدون إلا هدف واحد وغاية
واحدة لا بديل عنها هى التغيير ، ذلك التغيير الذى عبرت عنه كافة مطالبهم ،
التغيير فى كل مناحى حياتهم ، وفى كل ربوع وطنهم الحبيب مصر ، التغيير فى أحوالهم
المعيشية ، وفى التعليم والصحة وتوزيع الثروات والموارد على جميع أفراد الشعب
المصرى ، التغيير فى أسلوب تعامل الحاكم معهم ، بل وفى نظام الحكم ذاته من نظام
شمولى عسكرى بوليسى قمعى إلى نظام ديمقراطى مدنى يقوم على التعددية الحزبية وتداول
السلطة ويحمى الحريات ويُعلى كلمة القانون فى ظل سيادة حقيقية للشعب . . كانت
هتافات المصرين أثناء الثورة تتمحور حول كلمة التغيير فى كل شئ وأى شئ ، كى تتجدد
حركة الحياة بهم ومعهم ولهم ، وتتحرك المياه التى ظلت راكدة عدة سنوات – لاسيما
السنوات العشرالأخيرة من حكم مبارك – التى ضعف فيها النظام وترهل ، وتسرب الوهن
والضعف إلى مفاصله ، وتلك هى سنة الحياة وناموس الكون فى تغييرالأشخاص والسياسات
وتجديد الدماء التى تجرى فى شرايين الوطن بدماء أخرى شابة فتية ، تقدر على حمل
الراية وإكمال المشوار ، فلو دامت الدنيا لأحد ما كانت وصلت إلى غيره .
وبعد نضال
وكفاح وألم ومعاناة ودماء وشهداء ، تحقق للمصريين أول مطالبهم للتغيير ،بتنحى الرئيس السابق حسنى مبارك وتخليه عن حكم مصر –
تسليماً بالأمرالواقع وحقناً لدماء أبناء شعبه الذين بدا إصرارهم على إحداث
التغيير واضحاً مهما كلفهم الأمر من تضحيات – فتحية للرجل فى محبسه أن تفهم الأمر
وتصرف بحكمة وعارض رغبات إمرأته وولده ,وإنحاز فى نهاية الأمر إلى أبناء شعبه ،
وغلبت عليه مصريته التى تأبى على من يحكم مصر أن يقتل شعبها . . . ولكن للأسف
الشديد بعد ما إحتفل المصريون بتحقق أول مطالبهم ، نظروا حولهم فوجدوا دماءً سالت
فى ميادين مصر كلها ، ووجدوا الشهداء قد قاربوا الأ لف شهيد ، والجرحى والمصابين
بلغوا عدة آلاف ، وكأنهم كانوا فى معركة حربية ضارية لإسترداد وطنهم . . . وبدأ
المصريون مشوارهم الطويل فى كل محاكم مصر من أجل القصاص للشهداء والمصابين ممن
قتلوهم وأصابوهم ، ووجه الجميع أبصارهم
إلى محامى الشعب المصرى الأول ، إلى سيادة النائب العام المصرى ، الذى كان يتعين
عليه أن يتقدم بإستقالته بعد ثورة 25 يناير ليفسح الطريق لنائب عام جديد ، لم
ترتعش يده عند إتخاذ قرار إتهام ضد أى من أعوان النظام السابق ، ولم يتأثر بالضغوط من أجل حفظ البلاغات المقدمة ضد يوسف والى
وعاطف عبيد وإبراهيم نافع وسمير رجب وحسن حمدى وغيرهم ممن أفسدوا عهد مبارك . . ولكن سيادة النائب العام أبى ألا يرحل ، وظل
فى منصبه يمارس عمله ، متحدياً إرادة المصريين فى ميدان التحرير التى تنادى برحيله
، وظل يشرف بنفسه على التحقيقات فى قضايا قتل المتظاهرين ، ويرسلها إلى المحاكم
الجنائية فى قضايا مهلهلة ، خاوية من الأدلة الدامغة والأسانيد القانونية التى
تكفى لإدانة القتلة السفاحين ، فصدرت أحكام البراءة تلو بعضها البعض ، براءة كل من
يعلم المصريون أنهم قتلة أبنائهم . . واليوم – وبعد كل ما حد ث - يرفض النائب العام المصرى أن يترك منصبه بعد
صدور القرار بإقالته ، محتمياً بحصانته التى منحها له الشعب المصرى ، وتناسى
سيادته أن تلك الحصانة مًنحت له لحماية أبناء الشعب المصرى ، وليس لإهدار دمائهم ،
وإطلاق سراح القتلة والمجرمين من رموز النظام السابق وقياداته الأمنية . . . فيا
سيادة النائب العام المصرى ، مصر تشكرك على ما فعلت لها ومن أجلها ، ونحن المصريون
نقدر لك كل مجهوداتك فى محراب القضاء الشامخ ، و كفانا ما حد ث ، ونسألك الرحيلا !
! ! وإلى مقال آخر إن شاء الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق