الجمعة، 12 أكتوبر 2012

يا سيادة النائب العام . . . نسألك الرحيلا .


يا سيادة النائب العام . . . نسألك الرحيلا .
--------------------------------------
قال تعالى فى كتابه العزيز : " إن الله لا يغير ما بقوم ، حتى يغيروا ما بأنفسهم " صدق الله العظيم . . . ففى هذه الآية الكريمة يحثنا المولى عز وجل على السعى إلى تغيير أنفسنا ، داخلها وخارجها ، والتغيير لن يشعر به المجتمع بأسره إلا إذا بدأ كل إمرئ بنفسه وأهل بيته وذويه ، ليتسع نطاق التغيير ويعم المجتع كله ، وعندئذ يتحقق وعد الله عز وجل لنا بأن يعيننا على إتمام التغيير الذى ننشده بعون من عنده ومدد ، وما بالنا أن يأتى العون والمدد من العزيز الحكيم القدير

وعندما أشعل شباب مصر المخلصين شرارة ثورة 25 يناير ، ما كانوا يقصدون إلا هدف واحد وغاية واحدة لا بديل عنها هى التغيير ، ذلك التغيير الذى عبرت عنه كافة مطالبهم ، التغيير فى كل مناحى حياتهم ، وفى كل ربوع وطنهم الحبيب مصر ، التغيير فى أحوالهم المعيشية ، وفى التعليم والصحة وتوزيع الثروات والموارد على جميع أفراد الشعب المصرى ، التغيير فى أسلوب تعامل الحاكم معهم ، بل وفى نظام الحكم ذاته من نظام شمولى عسكرى بوليسى قمعى إلى نظام ديمقراطى مدنى يقوم على التعددية الحزبية وتداول السلطة ويحمى الحريات ويُعلى كلمة القانون فى ظل سيادة حقيقية للشعب . . كانت هتافات المصرين أثناء الثورة تتمحور حول كلمة التغيير فى كل شئ وأى شئ ، كى تتجدد حركة الحياة بهم ومعهم ولهم ، وتتحرك المياه التى ظلت راكدة عدة سنوات – لاسيما السنوات العشرالأخيرة من حكم مبارك – التى ضعف فيها النظام وترهل ، وتسرب الوهن والضعف إلى مفاصله ، وتلك هى سنة الحياة وناموس الكون فى تغييرالأشخاص والسياسات وتجديد الدماء التى تجرى فى شرايين الوطن بدماء أخرى شابة فتية ، تقدر على حمل الراية وإكمال المشوار ، فلو دامت الدنيا لأحد ما كانت وصلت إلى غيره .

وبعد نضال وكفاح وألم ومعاناة ودماء وشهداء ، تحقق للمصريين أول مطالبهم للتغيير ،بتنحى  الرئيس السابق حسنى مبارك وتخليه عن حكم مصر – تسليماً بالأمرالواقع وحقناً لدماء أبناء شعبه الذين بدا إصرارهم على إحداث التغيير واضحاً مهما كلفهم الأمر من تضحيات – فتحية للرجل فى محبسه أن تفهم الأمر وتصرف بحكمة وعارض رغبات إمرأته وولده ,وإنحاز فى نهاية الأمر إلى أبناء شعبه ، وغلبت عليه مصريته التى تأبى على من يحكم مصر أن يقتل شعبها . . . ولكن للأسف الشديد بعد ما إحتفل المصريون بتحقق أول مطالبهم ، نظروا حولهم فوجدوا دماءً سالت فى ميادين مصر كلها ، ووجدوا الشهداء قد قاربوا الأ لف شهيد ، والجرحى والمصابين بلغوا عدة آلاف ، وكأنهم كانوا فى معركة حربية ضارية لإسترداد وطنهم . . . وبدأ المصريون مشوارهم الطويل فى كل محاكم مصر من أجل القصاص للشهداء والمصابين ممن قتلوهم وأصابوهم  ، ووجه الجميع أبصارهم إلى محامى الشعب المصرى الأول ، إلى سيادة النائب العام المصرى ، الذى كان يتعين عليه أن يتقدم بإستقالته بعد ثورة 25 يناير ليفسح الطريق لنائب عام جديد ، لم ترتعش يده عند إتخاذ قرار إتهام ضد أى من أعوان النظام السابق ، ولم يتأثر بالضغوط  من أجل حفظ البلاغات المقدمة ضد يوسف والى وعاطف عبيد وإبراهيم نافع وسمير رجب وحسن حمدى وغيرهم ممن أفسدوا عهد مبارك .  . ولكن سيادة النائب العام أبى ألا يرحل ، وظل فى منصبه يمارس عمله ، متحدياً إرادة المصريين فى ميدان التحرير التى تنادى برحيله ، وظل يشرف بنفسه على التحقيقات فى قضايا قتل المتظاهرين ، ويرسلها إلى المحاكم الجنائية فى قضايا مهلهلة ، خاوية من الأدلة الدامغة والأسانيد القانونية التى تكفى لإدانة القتلة السفاحين ، فصدرت أحكام البراءة تلو بعضها البعض ، براءة كل من يعلم المصريون أنهم قتلة أبنائهم . . واليوم – وبعد كل ما حد ث -  يرفض النائب العام المصرى أن يترك منصبه بعد صدور القرار بإقالته ، محتمياً بحصانته التى منحها له الشعب المصرى ، وتناسى سيادته أن تلك الحصانة مًنحت له لحماية أبناء الشعب المصرى ، وليس لإهدار دمائهم ، وإطلاق سراح القتلة والمجرمين من رموز النظام السابق وقياداته الأمنية . . . فيا سيادة النائب العام المصرى ، مصر تشكرك على ما فعلت لها ومن أجلها ، ونحن المصريون نقدر لك كل مجهوداتك فى محراب القضاء الشامخ ، و كفانا ما حد ث ، ونسألك الرحيلا ! ! ! وإلى مقال آخر إن شاء الله . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق