مؤسسة
الرئاسة . . بين هيئة المستشارين واليد المرتعشة .
--------------------------------------------------------
رُوى عن
أبى ذ ر الغفارى رضى الله عنه أنه قال : قلت : يا رسول الله ألا تستعملنى ؟ فضرب
بيده على منكبى ، ثم قال : " يا أبا ذر إنك ضعيف ، وإنها أمانة ، وإنها يوم
القيامة خزى وندامة ، إلا من أخذها بحقها ، وأدى الذى عليه فيها " .
وعن أبى
هريرة رضى الله عنه أن رسول الله قال : " ما بعث الله من نبى ، ولا إستخلف من
خليفة إلا كانت له بطانتان ، بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه ، وبطانة تأمره
بالشر وتحضه عليه ، والمعصوم من عَصم الله " صدق رسول الله صلى الله عليه
وسلم .
منذ أن
تولى الرئيس / محمد مرسى سُدة الحكم فى مصر ، فى أول يوليه 2012م ، عقب إنتخابات
رئاسية ديمقراطية و نزيهة، والمصريون جميعاً ينتظرون ما سوف يفعل لهم أول رئيس
مصرى مُنتخب على مدى تاريخهم الفرعونى الطويل الذى تمتد جذوره لأكثر من سبعة آلاف عاماً
. . لقد وعدهم الرئيس المُنتخب أثناء حملته الإنتخابية بوعود كثيرة ، أقربها زمناً
حل خمس مشكلات مزمنة فى مصر ، هى مشكلات النظافة والأمن والمرور ورغيف العيش
والوقود ، وضرب أجلاً لذلك مائة يوماً من تاريخ تسلمه مقاليد الحكم . . وكعادة كل
الشعوب عقب كل الثورات ، وقف المصريون رافعوا أياديهم وأصابعهم ، يحصون الأيام
عدداً وصولاً إلى المائة يوم الموعودة ، الكل ينتظر بشغف ويتعجل الأيام ، ونسى
الجميع أو تناسوا أن مشكلات مصر مزمنة منذ عقود ، وأن حلها يستعصى على أى حاكم
خلال ألف يوم وليس مائة يوم . . ظن المصريون جميعاً أن الرئيس المُنتخب بيده العصا
السحرية التى سيضرب بها فى الهواء فتمطر السماء ذهباً أو تتفجر الأرض بترولاً ،
وتزرق السماء وتصفو ، وتزدهر الورود وتخضر الأشجار ، ويصير الجو ربيعاً بديعاً
،ويقفز المصريون فى الهواء من فرط سعادتهم يمرحون ويغنون أغنية الراحلة / سعاد
حسنى " الدنيا ربيع والجو بد يع ، أقفلى على كل المواضيع " .
إنقضت المائة
يوم ، ولم يستطع الرئيس المُنتخب أن ينجز من وعوده الإنتخابية خلالها إلا القليل ،
وهذا أمر طبيعى ، فمشكلات مصر مزمنة ، والمائة يوم لا تكفى . . ولكن هناك عاملان أساسيان
آخران ساعدا على عدم الإنجاز الظاهر والواضح ، أولهما : هيئة المستشارين حول
الرئيس الذين تنقص أغلبهم الخبرة والحنكة والدراية بالعمل السياسى على مستوى
الدولة .
وثانيهما :
أسلوب اليد المرتعشة الذى بات واضحاً فى تردد رئيس الدولة فى إتخاذ قرارات حاسمة
وقوية كفيلة بحل الأزمات وإدارة شئون المصريين ، إلى جانب حرص الرئيس الشديد على
عدم إستخدام السلطة التشريعية لإصدار
مراسيم بقوانين عاجلة تحتاج إليها مصر بشدة .
فيا سيادة
الرئيس . . . مصر ليست كأى دولة فى العالم ، وشعبها ليس كأى شعب آخر ، مصر قوية
وشعبها فرعونى الأصل ، مصر مشاكلها كثيرة وتاريخية ومزمنة . . أناشدك يا سيادة
الرئيس ، أن تعيد النظر فى هيئة مستشاريك ، إنهم عقلك الذى تفكر به ، وذراعاك
اللتان تتحرك بهما ، إنهم دون المستوى فى تحمل مسئوليات الدولة ، ودليل ذلك
الأزمات المتتالية التى أوقعوا فيها مؤسسة الرئاسة ، وأبرزها أزمة إعادة مجلس
الشعب ثم أزمة إقالة النائب العام .
ويا سيادة
الرئيس . . مصر تحتاج إلى اليد القوية التىتُمسك بزمامها ، الشعب المصرى حقق
إنجازاته الكبيرة بفضل قوة الحكم ، حتى فى
عهد الرئيس السابق حسنى مبارك ، الذى تميز بالقبضة الحاكمة وقوة القرار السياسى ،
وبصفة خاصة فى السنوات الأولى من حكمه .
مصر الآن .
. فى حاجة إلى قبضة قوية تُحكم السيطرة
على كافة مناحى البلاد ، وتعيد الأمن ، وتحمى الحدود ، وتواجه المشكلات والأزمات .
. مصر الآن فى حاجة إلى حاكم عادل وقوى ، لا إلى حاكم يجنح به مستشاروه نحو
القرارات الخاطئة ، أو ترتعش يداه فتضعف قبضته .
وإلى مقال آخر إن
شاء الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق