يا
أبناء مبارك . . إقرأوا التاريخ ، وتعلموا أدب الحوار ! !
------------------------------------------------------
بالأمس . .
قرأت مقالاً للكاتبة العزيزة / سلوى أحمد ، وهى من أنصار مبارك، بعنوان " لكل
من ظلم مبارك : هكذا ينتقم الله منكم " ، دعت فيه على المصريين بأن ينتقم
الله منهم – كعادتها دائماً – وأظهرت الشماتة والتشفى فى حال الشعب المصرى ، وصبت
جام غضبها على كل طوائف الشعب المصرى ، ولم تستثنى أحداً إلا هى وأنصار مبارك ، وتناست تماماً أن ما يعانى منه المصريون الآن
من مشاكل وأزمات هو نتاج السنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك . . . ولقد أحزننى أن
بضعة آلاف من المصريين – وما هم بمصريين – يسخطون كل هذا السخط على بلدهم و على
أهلهم من أجل قضية خاسرة سوف يحسمها التاريخ لصالح المصريين بلا أدنى شك . . وللحق
أقول أننى لم أتمالك نفسى ، وأمسكت بقلمى كى أعلق على ما قالته الكاتبة العزيزة .
. وأردت أن أشير إلى عنوان مقالها ومطالعته للرجوع إليه ، ثم قراءة تعليقى عليه ،
ولقرائى الأعزاء حرية إبداء الرأى فى المقال والتعليق . . وإلى حضراتكم تعليقى على المقال :
العزيزة /
سلوى . . أذكر أننا فى أعقاب إغتيال السادات مباشرة فى 6 أكتوبر
1981 كنا نشعر جميعاً بالذنب
الشديد لقتل الرجل ، وكأننا مَن أمسك بالبنادق الآلية وضغطنا على الزناد لنقتله ، فنحن مَن
صفقنا له طويلاً عند زيارته لإسرائيل ، والتى كانت السبب الرئيسى والمباشر لإغتياله
، أحسسنا جميعاً وقتها وكأننا مَن قتلناه ، عاشت بداخلنا عُقدة الذنب
فترة من الوقت ، حتى أنى أذكر مقالاً - مازلت أحتفظ به - للكاتب الكبير أنيس
منصور - رحمه الله -وكان
وقتها رئيساً لتحرير مجلة أكتوبر ، وكان صديقاً شخصياً للسادات ، كان
عنوان المقال " نحن جيل
إغتال السادات وإتهم عبد الناصر بالسرقة " كان فى المقال نوعاً من جلد الذات الشديد . . فبعد
وفاة عبد الناصر مباشرة خرج علينا قلة ممن يكرهونه ، وأشاعوا أن السادات عثر فى
خزينة مكتب عبد الناصر - رئيس الجمهورية - على مبلغ مائة ألف جنيه ، وحزن أفراد
أسرة عبد الناصر للتشكيك فى ذمة أبيهم ، وحزن معهم المصريون جميعاً لهذه
الإشاعات ، وأضطر السادات وقتها أن يخرج للشعب مدافعاً عن ذمة عبد الناصر
، وكشف سراً لم يكن المصريون يعرفونه ، وهو أن عبد الناصر إضطر إلى عمل سلفة
على مرتبه لكى يزوج إبنته قبل وفاته ، ولم يكن عبد الناصر أعلنها للشعب
، وسجلها التاريخ لعبد الناصر وسجل له المصريون أنه - رغم هزيمة يونيه -
كان زعيماً طاهر اليد نظيف السمعة . . . أرجوكِ - يا عزيزتى - إقرأى
التاريخ جيداً كى تحسنى الحكم على الأمور لتقيمى الحاضر وتتوقعى المستقبل ، أنا
على يقين من أن كل أنصار مبارك لم يقرأوا شيئاً من التاريخ ، ولا حتى عن
سنوات حكم مبارك نفسه الأولى ، أنا أؤكد لكِم أنكم تدافعون عن الرجل دون
أن تعلموا شيئاً عن سنوات عمله نائباً للسادات وما هى طبيعة المهام التى كان
يكلفه بها ومن علمه السياسة وأدخله من بابها ، أؤكد لكِ أنك لا تعرفى
إسم أستاذ السياسة الذى طلب منه السادات أن يعلم مبارك السياسة ، وأتحداكى
أن تقولى إسمه حالاً إلا إذا عُدتِ لمن هو أعلم منكِ بتاريخ مبارك
وسألتيه ،أنا وأمثالى سبقناكم بسنوات وسنوات ، وهذه السنوات مضروبة × خمسة على
الأقل هى عمر التاريخ الذى قرأناه ، أما أنتم فلم تقرأوا إلا قشوراً
فى جزء - وليس كل - من
تاريخ مبارك ، فما بالكم بتاريخ مصر ، ومن لم يقرأ التاريخ يا عزيزتى
يجب أن يبتعد تماماً عن الحديث
فى السياسة . . الحديث فى السياسة أولى قواعده قراءة تاريخ الشعب الذى تتحدثون عنه ،
أنا لا أستطيع أن أتحدث عن أوباما الرئيس الأمريكى إلا إذا قرأت فى تاريخ الحزب
الديمقراطى الذى خرج منه أوباما ، وقرأت فى تاريخ الشعب الأمريكى كى أعرف كيف
يفكر وكيف يختار وكيف يقرر ، لا كيف يأكل الهامبورجر أو الشيبسى ، أنتم
تتحدثون عن الشعب المصرى و لاتعرفون عن تاريخه سوى القشور التى نشأتم
وترعرعتهم عليها ، تسبون المصريين وأنتم خارج التاريخ . . أنا حزين جداً
لكم وعليكم ، بالأمس أخطأت قدماى وتعثرت - لأول مرة ولن أكررها - فى صفحة
يسمونها أنصار مبارك ولن أقول أنصار الخائن أو العميل لأنى أعرف للرجل قدره
وعلمتنى قراءة التاريخ " أن أعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله
" . تعثرت قدماى فيما يُسمى " آسفين ياريس " هم فعلاً يجب أن يتأسفوا للرجل ، ليس
لما فعله معه المصريون ، ولكن لما يفعلونه هم
به ، وأقول لهم : إنكم تسيئون إلى الرجل أكثر مما تحسنون إليه ،. . وأذكر هنا واقعة حدثت فى
حملة إنتخابات الرئاسة 2005 ، وقتها كان من العقل والحكمة أن يستريح الرجل وقد بلغ 77
عاماً وألا يعاود ترشيحه لولاية خامسة ، ولكن طبخة ولده الدلوع لم تكن قد
نضجت بعد والقوات المسلحة تعارضها والرجل زهد فى الحكم و يرغب فى الإعتزال
، إلتفوا حوله وأقنعوه المرأة والولد والحاشية الفاسدة وأعلنوا ترشحه
ونظموا له حملة إنتخابية يجول فيها محافظات مصر ، والرجل كبير السن
ومنهك ، وضعوا له المكياج وأوقفوه بالساعات أمام الكاميرات ، كنا جميعاً
نشفق عليه لأنه منا - نحن
المصريين - ونريد أن نحفظ له قدره ومعه البقية الباقية من صحته ،
وأذكر وقتها أن أنيس منصور خرج
فيهم صارخاً " يا سادة . . رفقاً بالرئيس " . . صفحة آسفين يا ريس مكتظة بالسباب والشتائم وقلة
الحياء ، ألفاظ خارجة ورسومات مقززة وتعليقات مقيتة وصور تؤذى العين ،
خرجت من الصفحة بعد أن قضيت
بداخلها ساعة كاملة أستكشف ما فيها ومن فيها ، وهل هى فى صالح الرجل أم ضده ، وللأسف الشديد
لا هى فى صالحه و لاهى حتى ضده ، إنها خارج كل القيم والأخلاق والمبادئ . . سُحقاً
لهؤلاء من أنصار . . أين أدب
الحوار ؟ أين الأخلاق ؟ أين إحترام الكبير ؟ أين إحترام الرأى
الآخر ؟ أين الحياء فى إختيار
اللفظ والكلمة ؟ أين العقل والمنطق ؟ شتامون ، سبابون ، لعانون ، إجتازوا كل الخطوط الحمراء
والزرقاء والسوداء ، إن كانوا هم فعلاً أنصار مبارك وأبناؤه وهم على هذه الشاكلة
، فبئس ما صنعت يد الرجل . . ولكننا وقد عاصرناه طويلاً لم نعرفه شتاماً
سباباً لعاناً ، ولن نأخذه بجريرتهم ولا بذنبهم . . . ولكن نقول لهم ، كفى .
. قفوا عندكم . . إلزموا
حدودكم . . أنتم تسيئون لمصر وللرجل ولتاريخه ، الإختلاف فى الرأى
لابد من إحترامه ، الحوار له
آدابه تعلموها أولاً ، أهِلوا أنفسكم للحوار المحترم ثم أخرجوا علينا ، كفاكم ما فعلتم ،
أفسدتم علينا الأيام والشهور والسنين ، أحلتم الزمن الجميل إلى زمن ردئ ، بل إلى زمن
أكثر رداءة . . . إنك لا
تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء
. مع تحياتى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق