المرأة فى الحب . . . وإنكسار الإرادة .
----------------------------------
شاءت إرادة
الله العلى القدير أن يخلق بنى الإنسان من عظام ولحم ودم ، ويزودهم بالعديد من
الحواس ، والكثير من العواطف والمشاعر ، وبعض من الغرائز ، كى يكتمل بناؤهم ،
ويكونوا مُهيأين للحياة ، ويؤدوا رسالتهم التى خلقهم الله من أجلها ، وهى إعمار
الكون من خلال عبادتهم لله عز وجل ، هذه العبادة لله التى لن تكتمل إلا با لتقارب
والتآلف والإندماج فيما بينهم ، وكذلك
بعمل الإنسان وسعيه الدائم والمستمر ، من
أجل إستمرار الحياة على وجه الأرض حتى تقوم الساعة . . قال تعالى فى كتابه العزيز
: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن
يطعمون ، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين " صدق الله العظيم .
وقد خلق
الله سبحانه الرجل – لحكمة يعلمها – تغلب عليه قوة العقل والإرادة ، وخلق المرأة
تغلب عليها قوة العاطفة ، كى يستطيع كل منهما أن يؤدى دوره فى الحياة على أكمل وجه
. . والمرأة بإعتبارها كائن عاطفى ورقيق وحنون ، تميل بها عاطفتها ومشاعرها
أحياناً إلى أبعد مدى ، فالمرأة عندما تحب ويتمكن الحب من قلبها ، ويسيطرعليها
الميل والهوى ، وتتقارب وتتآلف مع من تحب وتطمئن إليه وتأمن فى جواره ، فإنها تصبح
راضية مرضية ، إن هى باعت الد نيا وما فيها من أجل إسعاد محبوبها . . فالمرأة
بطبيعتها كائن يحب الخضوع ويهوى الإستسلام لمن تعشقه وتنسجم معه ، وهى فى هذا تختلف
عن الرجل كلياً وجزئياً ، لذلك تجد أنها – فى الغالب الأعم من النساء – أكثر وفاءً
وإخلاصاً من الرجل ، فهى عندما تحب رجلاً تحبه بكل جوارحها ، وتفتح له باب قلبها
وتدعوه للدخول ، ثم تغلق باب قلبها عليه وتعطيه المفتاح الذهبى ليبقى فى حوزته ،
وليسكن هو بداخل قلبها ينعم به نعيماً لا يشاركه فيه أحد ، يتنقل بين حجراته
الأربع بحرية تامة ، يلهو فيه ويلعب وعندما يتعب ينام ويستريح ، ويظل على هذا
النحو فى جو من الحب والعشق ، والرقة والعذوبة ، والعطف والحنان ، لا يجده فى أى
قلب آخر .
وفجأة . .
بعد سبات طويل وعميق ، تستيقظ الحسناء من غفوتها الجميلة ، وتفتح عينيها لتبصر
حالها ، فتجد أنها قد سَلمت وإستسلمت لمن تهواه ، وأنها أصبحت مُحتلة بكل ما فيها
، كالمدينة التى يحتلها المستعمر فيقيم الأسوار وينصب الأسلاك ويُشيد الأبراج فى
جنبات مدينته كى لا يدخلها أحد ، هكذا أضحت الحسناء حين أحبت وحين خضعت وحين
إستسلمت . . ولكن ما أحلاه من حب ، وما
ألذه من خضوع ، وما أروعه من إستسلام ، تحطمت فيه كل أسوارها ، ودُكت معه كل
حصونها وقلاعها ، حتى أرضها وسمائها ما عادت تمتلكها ، باعت كل شئ من أجل حبها ،
وضحت بكل شئ من أجل حبيبها . . ولكنها بين السعادة والنشوة ، نسيت أن هناك شئ ما ،
ما كان يجب أن تفرط فيه أوتتنازل عنه أو تضحى به أبداً مهما حدث . . ذلك الشئ هو
إرادتها التى تحطمت وإنكسرت على صخورحبها وهواها ، إنه إنكسار الإرادة ، وإلى
الأبد .
إن حب
المرأة يلغى كل الحدود ، ويُسقط كل الأنظمة الحاكمة ، ويُطيح بكل العروش ، وما زال
التاريخ يحتفظ فى ذاكرته بقصص وحكايات ملوك وملكات ، ضحوا جميعاً بعروشهم من أجل
حبهم / منهم الملكة كريستينا ، إحدى ملكات التاج البريطانى ، التى ضحت بالعرش
والتاج من أجل الحبيب . . فعندما تحب المرأة ترضى بإنكسار إرادتها ، وهو إنكسار
إرادة إختيارى يأتى من داخلها ، تنسى معه كبرياءها ،وترضى لنفسها أن تتلاشى فى رجل
تحبه ويحبها ، ثم بعد ذلك لا شئ يهم . . إنه إنكسار الإرادة الذى تحلم معه المرأة
بأن تجد الحب والحنان والدفء فى أحضان الحبيب ، وتسعى جاهدة مخلصة أن تنال رضاه ،
بعد أن ضحت من أجله بكل شئ ، حتى إرادتها ما عادت تعنى لها شيئاً . . ما أسعدها لو تحقق لها ما تصبو إليه ، وما
أتعسها لو إنكسرت إرادتها أمام رجل لا يستحق تضحيتها . . وعندئذ تكون حياتها كلها
قد تحطمت وإنكسرت ، لا إرادتها فحسب ! !
! وإلى مقال آخر إن شاء الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق