الغباء
السياسى العربى . . . ونظرية المؤامرة .
-------------------------------------------
قال تعالى
فى كتابه العزيز : " إن الله لا يُغير ما بقوم ، حتى يُغيروا ما بأنفسهم
" صدق الله العظيم . . إن العالم كله من حولنا تتغير أفكاره وتتبد ل أحواله ،
وعقول غير العرب إنطلقت فى أفكارها إلى آفاق جديدة أوسع وأرحب ، أعداء الأمس صاروا
أصدقاء اليوم ، جمعتهم الرؤى المتوافقة والمصالح المشتركة على هدف واحد هو تحقيق
الرفاهية والرخاء للشعوب . . . كل دول
أوروبا التى تناحرت وتصارعت فى الماضى فى الحربين العالميتين الأولى والثانية
توحدت وجمعتها المصالح المشتركة فى كيان واحد هو الإتحاد الأوروبى ، ونحن العرب ما
زلنا نلف وندور حول أنفسنا فى حلقة مفرغة ، لن نجنى من ورائها شيئاً ، ونبرر عجزنا
الدائم وفشلنا المستمروتخلفنا الذى لا يريد أن يفارقنا ولا أن نفارقه ، نبرر ذلك
كله بنظرية " المؤامرة والدسائس الأجنبية " . . تلك النظرية التى
إخترعها حكامنا الأشاوس كى يشغلوننا بها عن النظر إلى مساوئهم وأخطائهم وخطاياهم ،
ونحن من جانبنا إستمرأناها وأحببنا مذاقها الذى وافق هوانا وميلنا إلى الخمول
والكسل والتراخى والسلبية فى مواجهة المشكلات ، وبدلاً من أن نكد ونتعب ركن كل منا
إلى الراحة ووضع يده على خده وملأنا الدنيا صياحاً بأن العالم كله يتآمرعلينا ولا
نملك له شيئاً ، فترتاح بذلك ضمائرنا ، وننام الليل والنهار فى سُبات عميق ،
والعالم كله يهرول من حوالينا ولا شأن لنا بما يحد ث . . ولست أدرى ما دخل أمريكا
وبريطانيا وفرنسا وروسيا وحتى إسرائيل – عدونا اللدود – بما نحن فيه من العجز
والفشل والتخلف ؟ ؟ ما زلنا نعشق تقليد النعامة ، وندفن رؤوسنا فى الرمال كى لا
نواجه أنفسنا بأخطائنا وخطايانا .
بالأمس . .
قرأت مقالاً لأحد الكتاب والمثقفين والنخبويين العرب ، تحدث فيه كما يتحد ث حكامنا
ليبرروا فشلهم وإنشغالهم عن توحيد الصفوف بعروشهم وكراسى حكمهم ، ما زال هؤلاء
الكتاب والمثقفين والنخبويين يمارسون الضحك على أنفسهم وعلى البسطاء من شعوب العرب
، ولا يريدوا أن يبينوا لهم الحقيقة ، وهى أننا أهم أعداء أنفسنا وأخطرهم على
مصالحنا ، مثلما قال الشاعر العربى الفصيح " نعيبُ زماننا والعيبُ فينا ، وما
لزمانِنا عيب سوانا " . . بدلاً من أن يواجهونهم بمساوئهم ، وينزعون من
عقولهم فكرة المؤامرة والدسائس الأجنبية التى أعجزت الشعوب العربية ، وعادت بهم إلى
الوراء عشرات السنين . . و يستنهضون فى شعوبهم الهمة والتحدى والمواجهة وعدم
الخضوع أو الخنوع .
العالم
اليوم – يا سادة – كله يتآمر ويتجسس على كله ، والأمن القومى لكل دول العالم مُخترق ، وها نحن
نسمع ونرى كل يوم عن جاسوس يعمل لصالح دولة ضد أخرى ، حتى الدول التى تدعى أنها
صديقة تتآمر هى الأخرى بعضها على البعض . . ألم نسمع منذ فترة عن تجسس إسرائيل على
أمريكا التى ترعاها وتظلها بحمايتها فى كل وقت وحين ؟ ؟ العالم كله يتآمر على العالم كله ، ومع ذلك
الجميع يعمل ويصارع ويكابد ولا يتوقف ، من أجل إثبات الذات والوجود ، وما عادت
الدول تعطى إهتماماً لنظرية المؤامرة المزعومة تلك ، بل تهتم بمصالحها ومصالح
رعاياها ، والبعثات الدبلوماسية فى كل دول العالم والسفارات والقنصليات الأجنبية
ماهى إلا بؤر تجسس لصالح دولة الدبلوماسى على دولة الأرض ، هذا فضلاً عن نظام
العولمة الجديد الذى أضحى العالم معه مجرد قرية صغيرة يعرف بعضها البعض ، ويعلم عن
شئونه الكثير والكثير .
والآن . .
أفيقوا يا عرب كفاكم نوماً ، إنفضوا عنكم نظرية المؤامرة تلك التى ما زلتم تتحدثون
عنها ، وتملأون الد نيا بها صياحاً وعويلاً ، وهى وهم كبير وثبت فسادها وعدم صحتها
، العالم اليوم هو عالم الأقوياء فقط ، أما الضعفاء الخانعين الكسالى الخاملين
الواهمين فلا مكان لهم فيه .
هذا هو
الوعى السياسى الذى نود أن نتعلمه ونعلمه لأبنائنا وأحفادنا ، كى يجدوا لهم مكاناً
فى هذا العالم من بعدنا ، وإلا والله لن تقوم لنا قائمة أبداً ، وسوف تنعتنا
الأجيال القادمة والعالم أجمع بالغباء السياسى . . . وإلى مقال آخر إن شاء الله
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق