الأحد، 7 أكتوبر 2012

الغباء السياسى العربى . . . ونظرية المؤامرة .


الغباء السياسى العربى . . . ونظرية المؤامرة .
-------------------------------------------
قال تعالى فى كتابه العزيز : " إن الله لا يُغير ما بقوم ، حتى يُغيروا ما بأنفسهم " صدق الله العظيم . . إن العالم كله من حولنا تتغير أفكاره وتتبد ل أحواله ، وعقول غير العرب إنطلقت فى أفكارها إلى آفاق جديدة أوسع وأرحب ، أعداء الأمس صاروا أصدقاء اليوم ، جمعتهم الرؤى المتوافقة والمصالح المشتركة على هدف واحد هو تحقيق الرفاهية والرخاء للشعوب  . . . كل دول أوروبا التى تناحرت وتصارعت فى الماضى فى الحربين العالميتين الأولى والثانية توحدت وجمعتها المصالح المشتركة فى كيان واحد هو الإتحاد الأوروبى ، ونحن العرب ما زلنا نلف وندور حول أنفسنا فى حلقة مفرغة ، لن نجنى من ورائها شيئاً ، ونبرر عجزنا الدائم وفشلنا المستمروتخلفنا الذى لا يريد أن يفارقنا ولا أن نفارقه ، نبرر ذلك كله بنظرية " المؤامرة والدسائس الأجنبية " . . تلك النظرية التى إخترعها حكامنا الأشاوس كى يشغلوننا بها عن النظر إلى مساوئهم وأخطائهم وخطاياهم ، ونحن من جانبنا إستمرأناها وأحببنا مذاقها الذى وافق هوانا وميلنا إلى الخمول والكسل والتراخى والسلبية فى مواجهة المشكلات ، وبدلاً من أن نكد ونتعب ركن كل منا إلى الراحة ووضع يده على خده وملأنا الدنيا صياحاً بأن العالم كله يتآمرعلينا ولا نملك له شيئاً ، فترتاح بذلك ضمائرنا ، وننام الليل والنهار فى سُبات عميق ، والعالم كله يهرول من حوالينا ولا شأن لنا بما يحد ث . . ولست أدرى ما دخل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا وحتى إسرائيل – عدونا اللدود – بما نحن فيه من العجز والفشل والتخلف ؟ ؟ ما زلنا نعشق تقليد النعامة ، وندفن رؤوسنا فى الرمال كى لا نواجه أنفسنا بأخطائنا وخطايانا .

بالأمس . . قرأت مقالاً لأحد الكتاب والمثقفين والنخبويين العرب ، تحدث فيه كما يتحد ث حكامنا ليبرروا فشلهم وإنشغالهم عن توحيد الصفوف بعروشهم وكراسى حكمهم ، ما زال هؤلاء الكتاب والمثقفين والنخبويين يمارسون الضحك على أنفسهم وعلى البسطاء من شعوب العرب ، ولا يريدوا أن يبينوا لهم الحقيقة ، وهى أننا أهم أعداء أنفسنا وأخطرهم على مصالحنا ، مثلما قال الشاعر العربى الفصيح " نعيبُ زماننا والعيبُ فينا ، وما لزمانِنا عيب سوانا " . . بدلاً من أن يواجهونهم بمساوئهم ، وينزعون من عقولهم فكرة المؤامرة والدسائس الأجنبية التى أعجزت الشعوب العربية ، وعادت بهم إلى الوراء عشرات السنين . . و يستنهضون فى شعوبهم الهمة والتحدى والمواجهة وعدم الخضوع أو الخنوع .
العالم اليوم – يا سادة – كله يتآمر ويتجسس على كله ،  والأمن القومى لكل دول العالم مُخترق ، وها نحن نسمع ونرى كل يوم عن جاسوس يعمل لصالح دولة ضد أخرى ، حتى الدول التى تدعى أنها صديقة تتآمر هى الأخرى بعضها على البعض . . ألم نسمع منذ فترة عن تجسس إسرائيل على أمريكا التى ترعاها وتظلها بحمايتها فى كل وقت وحين ؟ ؟  العالم كله يتآمر على العالم كله ، ومع ذلك الجميع يعمل ويصارع ويكابد ولا يتوقف ، من أجل إثبات الذات والوجود ، وما عادت الدول تعطى إهتماماً لنظرية المؤامرة المزعومة تلك ، بل تهتم بمصالحها ومصالح رعاياها ، والبعثات الدبلوماسية فى كل دول العالم والسفارات والقنصليات الأجنبية ماهى إلا بؤر تجسس لصالح دولة الدبلوماسى على دولة الأرض ، هذا فضلاً عن نظام العولمة الجديد الذى أضحى العالم معه مجرد قرية صغيرة يعرف بعضها البعض ، ويعلم عن شئونه الكثير والكثير .

والآن . . أفيقوا يا عرب كفاكم نوماً ، إنفضوا عنكم نظرية المؤامرة تلك التى ما زلتم تتحدثون عنها ، وتملأون الد نيا بها صياحاً وعويلاً ، وهى وهم كبير وثبت فسادها وعدم صحتها ، العالم اليوم هو عالم الأقوياء فقط ، أما الضعفاء الخانعين الكسالى الخاملين الواهمين  فلا مكان لهم فيه .
هذا هو الوعى السياسى الذى نود أن نتعلمه ونعلمه لأبنائنا وأحفادنا ، كى يجدوا لهم مكاناً فى هذا العالم من بعدنا ، وإلا والله لن تقوم لنا قائمة أبداً ، وسوف تنعتنا الأجيال القادمة والعالم أجمع بالغباء السياسى . . .                      وإلى مقال آخر إن شاء الله .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق