فكر
الأخوان المسلمين . . . ومقاربة لم أقبلها ! !
---------------------------------------------
بالأمس
قرأت مقالاً بعنوان " د . مرسى وحروب الردة على الدولة العميقة . . نوح
وسفينته وسخرية قومه " للكاتب
المحترم / أشرف أبو النور ، أجرى فيه مقاربة غريبة بين قصة سيدنا نوح وأنصاره من
المؤمنين الصالحين فى مواجهة بقية قومه من الظالمين غير المؤمنين ، وبين قصة
الدكتور / محمد مرسى وأنصاره من الأخوان المسلمين فى مواجهة بقية المصريين من غير
الأخوان عل إختلاف إنتماءاتهم . . . وللحق أقول : أننى لم أتقبل مطلقاً هذه المقاربة
بين قصة نبى معصوم وقصة بشر خطاء ، كما أننى لم أتقبل أن يستمر حال المصريين على
هذا النحو من الإستقطاب والإختلاف والتشرذ م والتفتت إلى شيع ومذاهب . . وعلى
الفور أمسكت بقلمى ، وكتبت عليقاً على المقال ، أود أن أعرضه على قرائى الأعزاء
وأشركهم معى كى يدلى كل منهم بدلوه فى المقال المنشور على صفحة الكاتب المحترم /
أشرف أبو النور وكذا فى التعليق عليه ، مع التأكيد على كل الإحترام والتقدير
للكاتب أشرف أبو النور ورأيه , وإلى حضراتكم تعليقى على المقال :
سيدى
المحترم كابتن / أشرف أبو النور . . طالعت بإهتمام وتحليل مقالك
المُميز المكون من شقين ، الشق
الأول يحوى واقعة تاريخية قديمة هى قصة سيدنا نوح عليه السلام وبناء سفينة النجاة
وموقف قومه منه ، والشق الثانى يحوى واقعة تاريخية حديثة هى قصة الدكتور محمد مرسى رئيس
الجمهورية ومحاولته
إعادة بناء سفينة النجاة مرة ثانية وموقف نصف الشعب المصرى منه ،
أما الشق الثالث الخفى من
المقال ، فهو محاولة جيدة منكم لإعمال القاعدة القانونية التاريخية الثابتة وهى قصة سيدنا
نوح عليه السلام على الوقائع حديثة العهد وهى قصة الدكتور محمد مرسى وإنزالها محل
التطبيق ، وأنا كباحث قانونى أعمل فى مجال القانون ثلاثين عاماً كاملة ، وأزعم
أننى ممن يتناولون السياسة بالفكر والتحليل ، أحترم هذه المحاولة ، ولكننى
أختلف مع سيادتكم بعض الإختلاف ، وأرجو ألا يُفسد الإختلاف فى الرأى للود
قضية كما يقولون . . . أولاً :
فى البداية لتحديد الهوية والإنتماء أحيط سيادتكم علماً بأننى
لست من أنصار مبارك ومؤيديه ،
كما أننى لستُ أخوانياً - ولكن عندما أزفت الآزفة إخترت الدكتور محمد مرسى رئيساً بطريق
الإستبعاد لأحمد شفيق وليس بطريق الإقتناع بالدكتور محمد مرسى - و لا سلفياً ولا
ليبرالياً ولا علمانياً و لا يسارياً و لا ثورياً ولا أى شئ آخر ، ولكننى مصرياً
وطنياً مستقلاً - مثل أغلب المصريين - ولا أنتمى لأى تيار سياسى أو حزب أو جماعة
أياً كانت ، لأننى ومنذ سنوات طويلة أؤمن إيماناً راسخاً عميقاً لم ولا ولن
يتزعزع أبداً ، بأن الأنظمة والحكومات فى عالمنا العربى هى من تصنع آلام
ومعاناة وأزمات الشعوب ، وأن الأحزاب والتيارات والجماعات هى من تجيد
اللعب على الشعوب وإستغلال هذه الآلام وتلك المعاناة من أجل الوصول إلى
سُدة الحكم بأى طريقة كانت - وهى غاية مشروعة ولكن من خلال وسيلة غير مشروعة -
ثم تتغير وتتبدل لغة الحديث مع الشعوب بعد الوصول إلى الحكم ، وللأسف
الشديد هذه هى القاعدة التى تلتزم بها كل الأحزاب والتبارات والجماعات فى مصر ،
ولا ينكر ذلك إلا غافل عن أحوال السياسة فى بلدنا مصر أو مراوغ أو مناور
أو مخادع لنفسه ولغيره ، و أنصحه بأن يقرأ التاريخ السياسى المصرى قراءة
متعمقة ومتأنية وتحليلية ليجد أسباباً للحاضر الذى نحياه وليستكشف
المستقبل الذى ينتظرنا . . . وثانياً : أراك تحاول من خلال المقاربة بين قصة سيدنا
نوح عليه السلام - وهو من
الأنبياء - ومعه المؤمنين الصالحين وفى المقابل منهم بقية قوم
نوح من الظالمين غير المؤمنين ،
وبين قصة الدكتور محمد مرسى - وهو ليس من الأنبياء - ومعه المؤمنين الصالحين من
الأخوان المسلمين وفى المقابل منهم بقية المصريين المنتمين منهم سياسياً وغير المنتمين ،
هكذا تبدو الصورة يا سيدى ، وهو - مع إحترامى وتقديرى - ما أرفضه رفضاً
قاطعاً لا شك فيه ، فمصر ليست فى حاجة إلى المزيد من الإستقطاب ولا المزيد من التشرذم
أو التحزب أو التفتت شيعاً ومذاهباً، مصر فى حاجة إلى التوحد والتآلف لا سيما فى المرحلة الراهنة ،
وبالأمس نشرت مقالاً لى بعنوان " أيها المصريون . . إذا الشعب يوماً أراد الحياة "
وجهت فيه مناشدتى لكل المصريين بإختلاف مشاربهم ومنهم الأخوان وغير الأخوان بالتوحد
والعمل من أجل مصر، أرجو من سيادتكم التكرم بمطالعته . . . وثالثاً : لم يمض على جلوس
الدكتور محمد مرسى على كرسى حكم مصر سوى ثلاثة شهور ونصف ، مازال الرجل يتحسس
طريقة ، ونحن كمصريين حقيقيين نسير وراءه ومن خلفه ، ندعو له بالتوفيق
والنجاح ، لا من أجله ولا من أجل الأخوان المسلمين ، ولا من أجل أى فصيل
سياسى آخر ، ولكن من أجل مصر فقط ولا شئ سواها ، مصر عندنا - نحن المصريين
- فوق الجميع وسوف تظل فوق الجميع وقبل الجميع وبعد الجميع أبد الدهر
، نقف خلف الرجل نسانده ونعضده ونصوب له أخطاءه ، فهو لا يزال حديث العهد
بالحكم ، ومصر دولة جذورها ضاربة فى أعماق التاريخ ، لايسوعبها أى تيار
سياسى ولا دينى ولا ليبرالى ولا علمانى ولا خلافهم ، وأعود مرة أخرى
وأكرر ، عودوا إلى التاريخ ، فحِصوا فيه ومحِصوا لتدركوا أين ستضعون
أقدامكم ، ومنذ يومين كتبت مقالاً بعنوان " مؤسسة الرئاسة . . بين هيئة
المستشارين واليد المرتعشة " ناشدت فيه الرئيس محمد مرسى أن يعيد
النظر فى مستشاريه ، وألا يدع يده ترتعش وهو يحكم مصر ، مصر قوية وشعبها فرعونى
الجذور عَصىّ على أى حاكم ضعيف مهتز يده مرتعشة ، ناشدته أن يكون رئيساً لكل
المصريين وأن يخلع عنه عباءة الأخوان المسلمين ليصير زعيماً وقائداً لهذا
الشعب العظيم ، الرجل يحمل بين طيات صدره وجنباته الخير الكثير لمصر ،
تقبلناه وندعو لمصرنا بالنهوض على يديه . . ولكننى أدعو مَن خلفه من
الأخوان وغيرهم وأقول لهم ، دعوا الرجل يعمل وسط شعبه ، دعوه يتآلف معهم ، و
إرفعوا أيديكم عنه ، لا تكونوا عبئاً على كاهله ، العهد عهده والعصر عصره
والحكم حكمه من بعد حكم الله ، سيحاسبه التاريخ بشدة كما حاسب مَن سبقوه ،
ولن يتهاون معه المصريون الذين إختاروه من غيركم وما كان يصل للحكم بكم
وحدكم ، المصريون بعد مبارك لن يقدر عليهم أحد ، وأنتم تشاهدون بأعينكم
وتسمعون بآذانكم ما يجرى وما يحدث فى الشارع السياسى المصرى ، مصر الآن فى
حاجة إلى زعيم يلملم أطرافها بعد أن تشتت ، إن كنتم تحبونه وتحبون مصر عاونوه
على أن يكون هو ذلك الزعيم ، ومنذ أسبوعين نشرت مقالاً بعنوان "
مصر الأن . . تبحث عن الزعيم " فليكن محمد مرسى هو الزعيم ، و
صدقونى . . لن يحدث ذلك إلا إذا رفعتم أيديكم عنه ولم تقفوا حائلاً بينه وبين شعبه . .
. وأخيراً : أعتذر للإطالة ، ولكن القضية خطيرة لا علاقة لها بمقاربة قصة
سيدنا نوح عليه السلام وقومه من قصة محمد مرسى والمصريين . شتان الفرق
بينهما ، فلا محمد مرسى هو سيدنا نوح عليه السلام ، ولا المؤمنين بنوح هم
أخوان محمد مرسى ، ولا المصريين هم قوم نوح الظالمين ، ولا مصر تحتمل تلك
المقارنات أو المقاربات فى هذا التوقيت بالذات . .
.
مع تحياتى وتقديرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق