وا
أسفاه . . راح الزمن الجميل بكل ما فيه ومن فيه .
------------------------------------------------
قديماً . .
قالوا : " الزمن بأهله وناسه " ، يُروى أن رجلاً سأل الإمام على بن أبى
طالب – كرم الله وجهه – قائلا: يا إمام . . لم كثرت الفتن فى عهدك ، ولم تكثر فى
عهد عمر بن الخطاب ، فرد عليه الإمام على قائلاً : لأن عمر كان أميراً على أمثالى
، أما أنا فأمير على أمثالكم . . وهذا يدل على أن المسلمين فى عهد عمر بن الخطاب
كانوا أفضل ممن هم فى عهد الإمام على بن أبى طالب ، ولذا كثرت الفتن والمؤامرات
والدسائس فى عهد الإمام على ، وصارعهده أسوأ من عمر
وإذا
إنتقلنا إلى الوقت الحاضر ، فسوف نلاحظ أن حال المصريين – بصفة عامة وفى كل شئ –
قد إختلف كثيراً كثيراً عن حالهم فى الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن
الماضى ، وقد بدأ هذا الإختلاف مع بداية الثمانينات ، حيث بدت ملامح التراجع واضحة
فى الأفق لكل ذى بصروبصيرة ، وبدأ الشعب المصرى يدرك أن سنوات الإنتصارات
والبطولات والإنجازات فى كل المجالات قد ولت وذهبت إلى غير رجعة ، وأن سنوات
الإخفاقات والإحباطات والأزمات بدأت تطل برأسها على مصر وشعبها .
فعلى مستوى
الزعامة والقيادة التى إعتاد المصريون عليها طيلة ثلاثون عاماً هى أفضل وأعظم
وأجمل ثلاثة عقود ( 1952 – 1981 ) عاشها الشعب المصرى على مدى تاريخه الحد يث منذ
عهد محمد على باشا وحتى كتابة هذه السطور ، بدا واضحاً للجميع أن زمن الزعماء
الحقيقيين قد ولى إلى غير رجعة ، الزعماء الذين إلتحموا بشعبهم وما إنفصلوا عنه
يوماً قط ، حلموا لبنى وطنهم مصر وحلموا معهم ، بدأوا معهم الطريق سيراً على
الأقدام ، إستنهضوا فيهم الهمة والتحدى ، وحولوا أحلامهم إلى واقع وحقيقة ( قوانين
الإصلاح الزراعى – مجانية التعليم – تأميم قناة السويس – بناء السد العالى – حرب
أكتوبر– بناء دولة المؤسسات – تحرير سيناء الغالية . . . . إلخ ) كانت الأحلام
معهم تتعاظم ، وكانت المشروعات القومية والإنجازات تتسابق . . وفجأة وجد المصريون أنفسهم بلا زعيم ، وجدوا
موظفاً بدرجة رئيس يعتلى كرسى الحكم فى القصر الجمهورى ، تقبلوه رئيساً لهم ولكن
لم يحلموا معه بشئ ، كثيراً ما كان يصيبهم بالصدمة بدعوىالصراحة ، كان خطابه لهم
أجوف ، كلمات بلا روح ، قتل فيهم الحلم وأضعف العزيمة ، ما شعروا قط أنه منهم
وأنهم منه ، إنفصل عنهم وأحاط نفسه بحاشية فاسدة ضربت المثل السئ لشباب الوطن ،
كانوا سارقين ناهبين لصوص تحت سمعه وبصره . . وا حسرتاه . . لقد فقد المصريون
الزعيم . . أين الأب الروحى لهم؟ أين رب العائلة ؟ أين المرشد والدليل ؟ ؟ ؟
ولأن الشعوب
عندما تنطلق – كعادتها – فهى تنطلق فى كل الميادين ، عاش المصريون سنوات الزمن
الجميل فى كل شئ ، فى الريادة بين الشعوب والأمم ، فى الثقافة والأدب ، فى الفن
والطرب ، فى الرياضة ، فى الأخلاق والقيم ، فى الوحدة الوطنية بين مسلمى مصر
ومسيحييها . . .فى كل المجالات عاش المصريون مع أعلام ورموز وشخصيات هم من أفضل من
أنجبت مصر ، وكان لهؤلاء الفضل فى أن يرتقى المصريون فى كل شئ ويكون لهم السبق
والريادة بين غيرهم من الشعوب . . عاش المصريون ثلاثون عاماً من البطولات
والإنجازات ، أعقبها ثلاثون عاماً – لا أقول كلها إخفاقات – ولكن المؤشرات كانت فى
هبوط دائم فى كل شئ بلا إستثناء ، وأدت فى النهاية إلى ما نحن فيه من التراجع
والإنحدار والتدنى وفقدان السبق والريادة حتى بين أشقائنا العرب . . وقد شاءت
إرادة الله عز وجل أن نحيا أنا وجيلى من المصريين بعضاً من سنوات الزمن الجميل ،
عاصرنا الزعامات ( عبد الناصر والسادات ) وإستمتعنا بالأدب الجميل والفن الجميل
والطرب الجميل وحتى اللعب الجميل حتى وصل بنا قطارالزمن الجميل إلى محطته الأخيرة
، وصرنا اليوم نشعر أننا نحيا فى زمن غير زماننا ، مع أناس آخرين أغلبهم لانعرفهم
ولا يعرفوننا ، فقد تغير كل شئ وتبدل كل شئ ، وياليته تغير وتبدل إلى الأفضل بل
إلى الأسوأ ، عِشنا الزمن الجميل بكل ما فيه ومن فيه ، وشاءت إرادة الله أن نحيا
الزمن الردئ بكل ما فيه ومن فيه ، وصرنا مع كل صباح ومساء نردد فى أعماقنا قولة
واحدة " وا أسفاه . . . لقد راح
الزمن الجميل بكل ما فيه ومن فيه " . . . فاللهم لا إعتراض ، اللهم لا إعتراض
. . . . وإلى مقال آخر إن شاء الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق