الثلاثاء، 9 أكتوبر 2012

وا أسفاه . . راح الزمن الجميل بكل ما فيه ومن فيه .


وا أسفاه . . راح الزمن الجميل بكل ما فيه ومن فيه .
------------------------------------------------
قديماً . . قالوا : " الزمن بأهله وناسه " ، يُروى أن رجلاً سأل الإمام على بن أبى طالب – كرم الله وجهه – قائلا: يا إمام . . لم كثرت الفتن فى عهدك ، ولم تكثر فى عهد عمر بن الخطاب ، فرد عليه الإمام على قائلاً : لأن عمر كان أميراً على أمثالى ، أما أنا فأمير على أمثالكم . . وهذا يدل على أن المسلمين فى عهد عمر بن الخطاب كانوا أفضل ممن هم فى عهد الإمام على بن أبى طالب ، ولذا كثرت الفتن والمؤامرات والدسائس فى عهد الإمام على ، وصارعهده أسوأ من عمر

وإذا إنتقلنا إلى الوقت الحاضر ، فسوف نلاحظ أن حال المصريين – بصفة عامة وفى كل شئ – قد إختلف كثيراً كثيراً عن حالهم فى الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضى ، وقد بدأ هذا الإختلاف مع بداية الثمانينات ، حيث بدت ملامح التراجع واضحة فى الأفق لكل ذى بصروبصيرة ، وبدأ الشعب المصرى يدرك أن سنوات الإنتصارات والبطولات والإنجازات فى كل المجالات قد ولت وذهبت إلى غير رجعة ، وأن سنوات الإخفاقات والإحباطات والأزمات بدأت تطل برأسها على مصر وشعبها .
فعلى مستوى الزعامة والقيادة التى إعتاد المصريون عليها طيلة ثلاثون عاماً هى أفضل وأعظم وأجمل ثلاثة عقود ( 1952 – 1981 ) عاشها الشعب المصرى على مدى تاريخه الحد يث منذ عهد محمد على باشا وحتى كتابة هذه السطور ، بدا واضحاً للجميع أن زمن الزعماء الحقيقيين قد ولى إلى غير رجعة ، الزعماء الذين إلتحموا بشعبهم وما إنفصلوا عنه يوماً قط ، حلموا لبنى وطنهم مصر وحلموا معهم ، بدأوا معهم الطريق سيراً على الأقدام ، إستنهضوا فيهم الهمة والتحدى ، وحولوا أحلامهم إلى واقع وحقيقة ( قوانين الإصلاح الزراعى – مجانية التعليم – تأميم قناة السويس – بناء السد العالى – حرب أكتوبر– بناء دولة المؤسسات – تحرير سيناء الغالية . . . . إلخ ) كانت الأحلام معهم تتعاظم ، وكانت المشروعات القومية والإنجازات تتسابق  . . وفجأة وجد المصريون أنفسهم بلا زعيم ، وجدوا موظفاً بدرجة رئيس يعتلى كرسى الحكم فى القصر الجمهورى ، تقبلوه رئيساً لهم ولكن لم يحلموا معه بشئ ، كثيراً ما كان يصيبهم بالصدمة بدعوىالصراحة ، كان خطابه لهم أجوف ، كلمات بلا روح ، قتل فيهم الحلم وأضعف العزيمة ، ما شعروا قط أنه منهم وأنهم منه ، إنفصل عنهم وأحاط نفسه بحاشية فاسدة ضربت المثل السئ لشباب الوطن ، كانوا سارقين ناهبين لصوص تحت سمعه وبصره . . وا حسرتاه . . لقد فقد المصريون الزعيم . . أين الأب الروحى لهم؟ أين رب العائلة ؟ أين المرشد والدليل ؟ ؟ ؟

ولأن الشعوب عندما تنطلق – كعادتها – فهى تنطلق فى كل الميادين ، عاش المصريون سنوات الزمن الجميل فى كل شئ ، فى الريادة بين الشعوب والأمم ، فى الثقافة والأدب ، فى الفن والطرب ، فى الرياضة ، فى الأخلاق والقيم ، فى الوحدة الوطنية بين مسلمى مصر ومسيحييها . . .فى كل المجالات عاش المصريون مع أعلام ورموز وشخصيات هم من أفضل من أنجبت مصر ، وكان لهؤلاء الفضل فى أن يرتقى المصريون فى كل شئ ويكون لهم السبق والريادة بين غيرهم من الشعوب . . عاش المصريون ثلاثون عاماً من البطولات والإنجازات ، أعقبها ثلاثون عاماً – لا أقول كلها إخفاقات – ولكن المؤشرات كانت فى هبوط دائم فى كل شئ بلا إستثناء ، وأدت فى النهاية إلى ما نحن فيه من التراجع والإنحدار والتدنى وفقدان السبق والريادة حتى بين أشقائنا العرب . . وقد شاءت إرادة الله عز وجل أن نحيا أنا وجيلى من المصريين بعضاً من سنوات الزمن الجميل ، عاصرنا الزعامات ( عبد الناصر والسادات ) وإستمتعنا بالأدب الجميل والفن الجميل والطرب الجميل وحتى اللعب الجميل حتى وصل بنا قطارالزمن الجميل إلى محطته الأخيرة ، وصرنا اليوم نشعر أننا نحيا فى زمن غير زماننا ، مع أناس آخرين أغلبهم لانعرفهم ولا يعرفوننا ، فقد تغير كل شئ وتبدل كل شئ ، وياليته تغير وتبدل إلى الأفضل بل إلى الأسوأ ، عِشنا الزمن الجميل بكل ما فيه ومن فيه ، وشاءت إرادة الله أن نحيا الزمن الردئ بكل ما فيه ومن فيه ، وصرنا مع كل صباح ومساء نردد فى أعماقنا قولة واحدة  " وا أسفاه . . . لقد راح الزمن الجميل بكل ما فيه ومن فيه " . . . فاللهم لا إعتراض ، اللهم لا إعتراض . . . . وإلى مقال آخر إن شاء الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق