الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

أيها المصريون . . إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة .


أيها المصريون . . .إذا الشعب يوماً أراد الحياة .
--------------------------------------------

قال تعالى فى كتابه العزيز "وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " صدق الله العظيم . . . وعن أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لأن يحتطب أحدكم حُزمة على ظهره ، خير له من أن يسأل أحداً ،فيعطيه أو يمنعه " صدق رسول الله . . . وعنه أيضاً أنه قال : " اليد السفلى خير من اليد العليا ، واليد العليا هى المنفقة ، والسفلى هى السائلة " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ومنذ  قامت ثورة 25 يناير العظيمة ، التى أشعل شرارتها بعض من شباب مصر المخلصين الأوفياء الأنقياء ، الذين أرادوا لمصرهم الحبيبة الحرية والعزة والكرامة ، ولأبناء شعبها الطيبين الحياة الكريمة والعدالة الإجتماعية . . مرت هذه الثورة وعلى مدى واحد وعشرون شهراً هى عمر الثورة حتى الآن ، بمرحلة إنتقالية مضطربة وغبر مستقرة ، أدارها المجلس العسكرى بلا خبرة سياسية أو إقتصادية سابقة ، وهو الأمر الذى تسبب فى زيادة تدهور أحوال مصر والمصريين فى كافة المجالات ، فضلاً عن تخبط الأحوال السياسية فى الشارع المصرى ، وقد ساعد على هذا التدهور وذلك التخبط ، تفجر المشكلات الإقتصادية والإجتماعية والأمنية ، من فساد سياسى ومالى وإدارى وأخلاقى ودينى ، بالإضافة إلى إنحدار المستوى الإجتماعى لمعظم فئات الشعب المصرى ، وإحتكار فئة قليلة جداً لا تتجاوز نسبتها 2% من المصريين لثروات البلاد ومواردها ، أما أغلبية المصريين ونسبتهم حوالى 98% عاشوا سنوات وسنوات معدومين مهمشين لا وزن لهم ولا قيمة ، وهم أصحاب البلد الحقيقيين ، وأصحاب الثروة والمال ، هذه المشكلات جميعها كانت مكتومة تحت سطح الأرض تغلى وتموج لسنوات وسنوات ، وكانت تطفو على السطح من حين لآخر فى شكل إضرابات وإحتجاجات تنتهى بالقمع البوليسى الأمنى على يد زبانية حبيب العادلى المجرم السفاح وزير داخلية نظام مبارك على مدى اربعة عشر عاماً ، حتى أن عدد الإضرابات والإحتجاجات والإعتصامات بلغ فى عام 2010 وحده حوالى 2000 إضراب وإحتجاج وإعتصام فى كل أنحاء القطر المصرى ، ولكن المصريين يعانون دائماً من ضعف الذاكرة بمرور الوقت ، وربما يعتمد الحكام على ذلك أحياناً كثيرة .

لقد عانى المصريون طويلاً بعد هزيمة 5 يونيو 1967، من سوء الأوضاع الإقتصادية ، بسبب قلة الموارد من ناحية ، وتوجيه معظم الدخل القومى إلى إعادة بناء وتسليح الجيش المصرى ، من أجل الإستعداد لمعركة التحرير وإسترداد العزة والكرامة ، ، والتى شاءت إرادة الله أن ينتصر فيها المصريون نصراً مظفراً فى أكتوبر 1973 على يد الزعيم الراحل / أنور السادات ومعه كوكبة من الأبطال والقادة العسكريين الأكفاء المخلصين لمصر ، فإسترد المصريون عزتهم وكرامتهم بنصر أكتوبر ومعاهدة السلام ، التى أعادت إلى أحضان مصر سيناء الحبيبة بكامل أرضها .
وعقب إغتيال السادات فى أكتوبر 1981 ، تولى الرئيس حسنى مبارك حكم مصر ، ولم يكن أمامه سوى هدف واحد يعمل من أجله ، وطريق واحد يتحتم عليه السير فيه ، هو طريق التنمية الشاملة بكافة جوانبها ، الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ، والنهوض بمستوى التعليم والصحة والخدمات والمرافق والبيئة . . . والحق يُقال أن الرجل إجتهد قدرإستطاعته ، فأنجز الكثير والكثير فى النصف الأول من حكمه ، ولكنه أخفق فى الكثير وأغفل الكثير وعجز عن إقتحام بعض المشكلات ، فى النصف الثانى من حكمه  ، فله الأجر والثواب والشكرعلى ما أنجز ، ولن يبخسه التاريخ ولا نحن المصريون حقه . . . ولكن ظلت مصر تعانى من تفاقم المشكلات وتراكمها ، لا سيما فى السنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك ، الذى إنتهى بتنحيته وتخليه عن الحكم فى فبراير 2011 .
وكان طبيعياً أن تنفجر كل مشكلات مصر وتطفوا على السطح ، من إنفلات أمنى ، وسوء أحوال معيشية ، وتردى فى الخدمات ، وإنحطاط مستوى التعليم والصحة والمرافق والبيئة، فضلاً عن إضطراب شديد فى الشارع السياسى المصرى ، من جراء التشرذم والتفتت والإستقطاب ، وأصبح واضحاً للمصريين أن لا سبيل للخروج من تلك الأزمات المدمرة ، سوى بالعمل والسعى والكد والإنتاج ، لتنهض مصر واقفة على قدميها من جديد .

فيا شعب مصر ويا أيها المصريون . . . مصر لن تنهض إلا بكم ، بسواعد أبنائها ، بعملهم وكدهم وسعيهم ، أنتم فجرتم ثورتها ، فلا تتركوها فريسة للأزمات ، ولا تدعوها تسقط من أيديكم وأمام أعينكم ، و لا تدعوا العالم يسخر منكم ، العالم اليوم هو عالم الأقوياء و الأشداء بالعلم والعمل ، أما الجهلاء و الضعفاء والكسالى والخاملين فلا مكان لهم فيه ، الشمس لا تشرق على منهم تحت الأرض وتحت التراب ، لاترضوا لأنفسكم أن تكونوا تحت التراب ، مشكلاتكم عتيقة ومزمنة ! نعم . .  أزماتكم شديدة وطاحنة ! نعم . .  أورثكم حكامكم تركة ثقيلة من الديون وأغرقوكم فيها حتى رقابكم ! نعم . .  أفسدوا وخربوا ودمروا كل ما طالته أيديهم فى بلدكم الحبيبة مصر ! نعم . .  لم يتقوا الله فيكم حق تقاته وعقابهم عند الله شديد ! نعم . . . . ولكن . . من أنتم ؟ ؟ ومن تكون مصر ؟ ؟ 

أنتم المصريون ، أنتم أحفاد الفراعنة ، بناة الأهرام وأصحاب الحضارة ، صُناع المجد والسؤدد ، قادة العالم إلى النهضة والمدنية ، تاريخكم كله ينطق بالعظمة ويشهد بها ، أنتم حَفرة قناة السويس ، أنتم بناة السد العالى ، أنتم أبطال النصر العظيم فى أكتوبر المجيد ، تاريخكم القديم والحديث زاخر بالإنجازات على يد زعماء ورؤساء خرجوا منكم ومن بينكم ، لن أسُمى أحداً ، وسوف أدع ذلك للتاريخ الذى لن يغفل ذكر أحداً من زعمائكم أو رؤسائكم . . . وبقى السؤال . . . من تكون مصر ؟ ؟ 

مصر أيها المصريون ، هى قلب العالم القديم والحديث ،هى التاريخ بأسره ، هى الزمن ، هى الحضارة ، هى القيادة ، هى الريادة ، هى السيادة ، هى النصر ، هى ميراث الأجداد العظماء ، هى تاج العلاء فى مفرق الشرق . .
                                      وقف الخلق ينظرون جميعاً ، كيف أبنى قواعد المجد وحدى .
                                      و بناة الأهرام فى سالف الدهر ، كفونى الكلام عند التحدى .
                                      أنا تاج العلاء فى مفرق الشرق ، ودراته فرائد عقدى .
                                      أنا إن قدر الإله مماتى ، لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى .

تلكمُ هى مصر . . أيها المصريون . . هُبوا وإنهضوا وإعملوا من أجلها ،ويقيناً وحتماً أن الله معكم ومع عملكم وسعيكم . . وكما قال أبو القاسم الشابى – التونسى قرين ثورتكم - 
             إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة                        فلا بد أن يستجيب القدر .
             و لابد لليل أن ينجلى                               و لابد للقيد أن ينكسر .
                            
                                                                وإلى مقال آخر إن شاء الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق