السبت، 6 أكتوبر 2012

ذهب عبد الناصر والسادات ومبارك . . وبقيت مصر .


ذهب عبد الناصر والسادات ومبارك . . وبقيت مصر .
--------------------------------------------------
ما زلت أتذكر الأجواء التى عاشتها مصر – وطننا الحبيب – فى أعقاب إغتيال الزعيم الراحل أنور السادات ، فى يوم نصره وعُرسه وبين جنوده وجيشه ، على يد المتأسلمين المتشددين ، وأتذكر كيف أن تلك الحادثة أصابت الشعب المصرى كله بالصدمة المفاجئة ، وهو الشعب الطيب الذى لم يعتد رؤية مشاهد الإغتيالات السياسية على هذا النحو الدرامى والمسرحى المفجع ، عاش الشعب المصرى تلك الحادثة وكأنه يشاهد فيلماً أسوداً ذو مشهد واحد ، هو مشهد النهاية لنضال زعيم عاش لمصر ومات من أجلها ، قاد حرب تحرير الأرض بشجاعة وجسارة ، وإقتحم معترك السلام بمكر ودهاء ، كما أتذكر كيف صمت الجميع آنذاك من هول الصدمة والخوف من المجهول . . وفجأة وقبل أن يوارى السادات التراب ، إنطلق صوت وحيد هو صوت المطربة المصرية الأصيلة الفنانة العظيمة – صوت مصر – لتواسى شعب مصر فى فجيعته ، وتمنحه الأمل فى غد أفضل ، فجاءت أغنيها الوطنية " مصر نعمة ربنا " التى لم يسمعها كل الشباب والفتيات تحت الثلاثين عاماً منذ ذلك الحين ، بكلماتها الجميلة " مصر نعمة ربنا ، مصر جنة حبنا ، مصر عاشت قبلنا ، ومصر باقية بعدنا ، مصر باقية بعدنا " وكأنها تصرخ فينا وتقول :أفيقوا يا شعب مصر من صدمتكم ، إخلعوا عنكم رداء الحزن والأسى ، لقد ذهب عنكم السادات ورحل ، كما ذهب كثيرون من قبله ورحلوا ، ولكن مصر عاشت قبل الجميع وباقية بعد الجميع .

ومن قبل السادات . . ما زلت أتذكر كيف كانت الفجيعة الكبرى ، التى حلت بكل طوائف الشعب المصرى ، عندما خرج عليهم صوت أنور السادات – نائب رئيس الجمهورية -  لينعى إليهم خبر رحيل زعيمهم وزعيم الأمة العربية بأسرها جمال عبد الناصر، ومن هو جمال عبد الناصر فى قلوب وعقول المصريين ؟ إنه الرجل من أعز الرجال ، ومن أغلى الرجال ، ومن أشجع الرجال ، ومن أخلص الرجال ، ومن أطهر وأنزه الرجال . . إنه الرجل الذى حلم للمصريين وحلموا معه ، فإنطلق بهم إلى الأمام وإنطلقوا برفقته ، أحس بالفقراء من بنى وطنه وشعر بمعاناتهم ، وحاول قدر إستطاعته تخفيف آلامهم ، لم يكن يطيق أو يتحمل أن يعانى أو يتألم الناس ، حتى فى أقسى لحظات الهزيمة والإنكسار ، فى أعقاب نكسة يونيه 1967 ، وكان الجيش المصرى فى أمس الحاجة إلى المال والسلاح لإعادة البناء . . قرر الزعيم والقائد جمال عبد الناصر فجأة أن يقتطع من ميزانية السلاح مبلغاً من المال لشراء ياميش رمضان للمصريين ، كى يرفع معنوياتهم ويخفف من آلامهم وأحزانهم ، وإعتبر المتخصصون فى علم الإدارة العامة – بعد ذلك بسنوات – قراره هذا قراراً رشيداً ، رغم الحاجة الشديدة إلى المال لشراء السلاح وإعداد الجيش للمعركة القادمة . . ولكن . . هذا هو الزعيم وتلك هى الزعامة ! !
وفجأة مات عبد الناصر، وشعر المصريون باليتم من بعده ، ذهب عبد الناصر ، وبقيت مصر .

وجاء مبارك من بعد السادات وعبد الناصر، فحكم مصر ثلاثين عاماً ، إجتهد قدر إستطاعته وأنجز الكثير، ولكن أخطاءه فى سنوات حكمه الأخيرة كانت أكثر، فخرج عليه ملايين المصريين فى ثورة 25 يناير وإضطر إلى التنحى عن الحكم فى 11 فبراير 2011 ، وإنتهى عهد مبارك ، وذهب كما ذهب من قبله السادات وعبد الناصر ، وبقيت مصر .
ورغم كل شئ سوف تظل مصر باقية ، بحضارتها وتاريخها وأبناء شعبها الطيبين المخلصين ، فمصر لم تُخلق إلا لتعيش ، مصر كبيرة والكبير لا يموت ، قد يمرض ويسقم ولكنه يعود ، فيتعافى وينهض قوياً كما كان ، مصر أكبر من الجميع وأكبر من كل زعمائها وقادتها ، وأكبرمن كل ملوكها الفراعنة وسلاطينها الجبابرة ، مصر أكبر من رمسيس الثانى ومن توت عنخ آمون ، ومن محمد على باشا ، ومن جمال عبد الناصر ، ومن السادات ، ومن حسنى مبارك ،ومن محمد مرسى ، والدليل على ذلك أنهم ذهبوا جميعاً وسيذهبون وبقيت مصر ، ماتوا ورحلوا جميعاً وسيرحلون وعاشت مصر . . مصر باقية . . مصر باقية .      وإلى مقال آخر إن شاء الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق