مهرجان
البراءة للجميع . . . وقضاء مصر النزيه .
-----------------------------------------------
قال تعالى
فى كتابه العزيز : " وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض قالوا إنما نحن مصلحون
، ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون " صدق الله العظيم . . وقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " لعن الله قوماً ضاع الحق بينهم " . . وقال أيضاً
: " إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق
فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد " . صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم . . فهذا
الآية الكريمة من كتاب الله عز وجل تحدثنا عن الفاسدين المفسدين الذين يُفسدون فى
الأرض ، ويَدعون أنهم يبغون الإصلاح ولكنهم فى حقيقة الأمر يفسدون بين الناس ،
فيقتلون ويسرقون وينهبون وينتهكون الحرمات ويأتون الموبقات ، وأولئك عقابهم عند
الله شديد . . أما حديثا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، فقد أوضحا أن الحق
إذا ضاع بين الناس حلت عليهم لعنة الله وغضبه ، ونزل بهم الهلاك وكانوا من
الخاسرين .
والمُلاحَظ
. . لكل ذى عقل وسمع وبصر فى مصر ، أنه منذ قيام ثورة 25 يناير التى إنتهت بتنحى
الرئيس السابق حسنى مبارك وتخليه عن حكم مصر ، والإطاحة بأركان نظامه وبطانة السوء
التى كانت تحيط به ، والتى لعبت الدور الأساسى فى وصم عهده بالفساد - حتى ولو لم
يكن هو فاسداً - فهو فى كل الأحوال مسئولً عن فسادهم أمام الله يوم القيامة ، لأنه
هو من إختارهم وأولاهم ثقته ، وكان يتعين عليه أن يُحسن إختيار معاونيه كى لا
يُسيئوا له ولعهده وحكمه ، وتلك خطيئة من خطاياه الكبرى . . . أما وأن ماحد ث قد
حد ث وما وقع قد وقع ، وراح الرجل ضحية إستبداد إمرأته وطموح ولده الجامح وفساد
حاشيته ، فإن الحديث عما مضى لا يُفيد ، ولا يبقى إلا درساً وعبرة وعظة لكل حاكم
أن يُحسن إختيار معاونيه ومساعديه وحاشيته ،لأن الحكم حكمه والعهد عهده والشعب
شعبه و" إنها الولاية ، وإنها يوم القيامة لخزى وندامة "
فبعد ثورة
25 يناير وسقوط المئات من الشهداء والقتلى ، والآف من المصابين ، وتحت ضغط شعبى
وثورى ، إضطر المجلس العسكرى الحاكم آنذاك ، أن يُجرى تحقيقات صورية فى أحداث الثورة ، وأحال النائب العام المصرى كل
رموز النظام وكل القيادات الأمنية فى القاهرة والمحافظات إلى المحاكمات الجنائية
العادية ، وكانت – تلك أيضاً – خطيئة كبرى إرتكبها المجلس العسكرى الحاكم ، فلم
يُقَدر المجلس العسكرى أن ثورات الشعوب على الحكام لا يعقبها محاكمات عادية بقضاه
عاد يين فى محاكم عادية وبإجراءات عادية لتصدر أحكاماً عادية يُطعن عليها بطرق طعن
عادية ، وإنما تُشكل لها محاكم خاصة ثورية تعقد محاكمات ثورية بإجراءات ثورية
لتصدر أحكاماً ثورية لا يُطعن عليها ، فقتلة الشعوب واللصوص لا تُجدى معهم محاكمات
عادية بإجراءات عادية يمكنهم معها إفساد التحقيقات وطمس الأدلة والحقائق وتهديد
الشهود أو إغرائهم ، لا سيما وأن كافة الأدلة والحقائق والمعلومات والتحريات تمت
كلها بواسطة الأجهزة الأمنية الفاسدة المتواطئة التى يُحاكم قياداتها وضباطها ،
فبدت محاكمات قتلة الشهداء وإستباحة دمائهم ، كما لو كنا نلعب اللعبة المشهورة
" عسكر وحرامية " ، أو" حاميها حراميها " كما يقولون . . ومن
هنا إتصلت القضايا بالمحاكم والقضاة مهلهلة ، خالية من الأدلة القاطعة الجازمة ،
فكان لزاماً على القضاه مراعاة لضمائرهم وإحتراماً لتاريخهم الناصع المشرف ، أن
يُصدروا أحكامهم بالبراءة فى جميع القضايا ، وبدا الأمر وكأنه مهرجان البراءة
للجميع . . فالعدالة عندهم لا يُضيرها أن
يُفلت من العقاب ألف مذنب ، بقدرما يُضيرها أن يُظلم برئ واحد .
أما قضاة
مصر . . فهم تاج فوق رؤوس المصريين جميعهم عبر تاريخهم الطويل ، تاج مرصع بأشرف
المواقف وأنبلها ، تاج لا ينال من بريقه أن مسته ذرة من تراب أو علقت به شائبة
عابرة ذات يوم من الأيام ، قضاة مصر يعرفون كيف يتطهرون ذاتياً من داخلهم ، دون
وصاية من أحد أو تدخل . . فيا من تنادون بتطهير القضاء . . إرفعوا أيديكم عنه ، إنه
الملاذ الوحيد والملجأ الوحيد والمنجى الوحيد للمصريين ، والنجم الوحيد الذى لا
يزال مضيئاً فى سماء مصر . . عاشت مصر وعاش شعبها الطيب ، وعاش قضاؤها الشامخ
الأبى الطاهر النزيه . . . وإلى
مقال آخر إن شاء الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق