الخميس، 11 أكتوبر 2012

مهرجان البراءة للجميع . . وقضاء مصر النزيه .


مهرجان البراءة للجميع . . . وقضاء مصر النزيه .
-----------------------------------------------
قال تعالى فى كتابه العزيز : " وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ، ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون " صدق الله العظيم . . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله قوماً ضاع الحق بينهم " . . وقال أيضاً : " إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد " . صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم . . فهذا الآية الكريمة من كتاب الله عز وجل تحدثنا عن الفاسدين المفسدين الذين يُفسدون فى الأرض ، ويَدعون أنهم يبغون الإصلاح ولكنهم فى حقيقة الأمر يفسدون بين الناس ، فيقتلون ويسرقون وينهبون وينتهكون الحرمات ويأتون الموبقات ، وأولئك عقابهم عند الله شديد . . أما حديثا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، فقد أوضحا أن الحق إذا ضاع بين الناس حلت عليهم لعنة الله وغضبه ، ونزل بهم الهلاك وكانوا من الخاسرين .
والمُلاحَظ . . لكل ذى عقل وسمع وبصر فى مصر ، أنه منذ قيام ثورة 25 يناير التى إنتهت بتنحى الرئيس السابق حسنى مبارك وتخليه عن حكم مصر ، والإطاحة بأركان نظامه وبطانة السوء التى كانت تحيط به ، والتى لعبت الدور الأساسى فى وصم عهده بالفساد - حتى ولو لم يكن هو فاسداً - فهو فى كل الأحوال مسئولً عن فسادهم أمام الله يوم القيامة ، لأنه هو من إختارهم وأولاهم ثقته ، وكان يتعين عليه أن يُحسن إختيار معاونيه كى لا يُسيئوا له ولعهده وحكمه ، وتلك خطيئة من خطاياه الكبرى . . . أما وأن ماحد ث قد حد ث وما وقع قد وقع ، وراح الرجل ضحية إستبداد إمرأته وطموح ولده الجامح وفساد حاشيته ، فإن الحديث عما مضى لا يُفيد ، ولا يبقى إلا درساً وعبرة وعظة لكل حاكم أن يُحسن إختيار معاونيه ومساعديه وحاشيته ،لأن الحكم حكمه والعهد عهده والشعب شعبه و" إنها الولاية ، وإنها يوم القيامة لخزى وندامة "

فبعد ثورة 25 يناير وسقوط المئات من الشهداء والقتلى ، والآف من المصابين ، وتحت ضغط شعبى وثورى ، إضطر المجلس العسكرى الحاكم آنذاك ، أن يُجرى تحقيقات صورية  فى أحداث الثورة ، وأحال النائب العام المصرى كل رموز النظام وكل القيادات الأمنية فى القاهرة والمحافظات إلى المحاكمات الجنائية العادية ، وكانت – تلك أيضاً – خطيئة كبرى إرتكبها المجلس العسكرى الحاكم ، فلم يُقَدر المجلس العسكرى أن ثورات الشعوب على الحكام لا يعقبها محاكمات عادية بقضاه عاد يين فى محاكم عادية وبإجراءات عادية لتصدر أحكاماً عادية يُطعن عليها بطرق طعن عادية ، وإنما تُشكل لها محاكم خاصة ثورية تعقد محاكمات ثورية بإجراءات ثورية لتصدر أحكاماً ثورية لا يُطعن عليها ، فقتلة الشعوب واللصوص لا تُجدى معهم محاكمات عادية بإجراءات عادية يمكنهم معها إفساد التحقيقات وطمس الأدلة والحقائق وتهديد الشهود أو إغرائهم ، لا سيما وأن كافة الأدلة والحقائق والمعلومات والتحريات تمت كلها بواسطة الأجهزة الأمنية الفاسدة المتواطئة التى يُحاكم قياداتها وضباطها ، فبدت محاكمات قتلة الشهداء وإستباحة دمائهم ، كما لو كنا نلعب اللعبة المشهورة " عسكر وحرامية " ، أو" حاميها حراميها " كما يقولون . . ومن هنا إتصلت القضايا بالمحاكم والقضاة مهلهلة ، خالية من الأدلة القاطعة الجازمة ، فكان لزاماً على القضاه مراعاة لضمائرهم وإحتراماً لتاريخهم الناصع المشرف ، أن يُصدروا أحكامهم بالبراءة فى جميع القضايا ، وبدا الأمر وكأنه مهرجان البراءة للجميع  . . فالعدالة عندهم لا يُضيرها أن يُفلت من العقاب ألف مذنب ، بقدرما يُضيرها أن يُظلم برئ واحد .

أما قضاة مصر . . فهم تاج فوق رؤوس المصريين جميعهم عبر تاريخهم الطويل ، تاج مرصع بأشرف المواقف وأنبلها ، تاج لا ينال من بريقه أن مسته ذرة من تراب أو علقت به شائبة عابرة ذات يوم من الأيام ، قضاة مصر يعرفون كيف يتطهرون ذاتياً من داخلهم ، دون وصاية من أحد أو تدخل . . فيا من تنادون بتطهير القضاء . . إرفعوا أيديكم عنه ، إنه الملاذ الوحيد والملجأ الوحيد والمنجى الوحيد للمصريين ، والنجم الوحيد الذى لا يزال مضيئاً فى سماء مصر . . عاشت مصر وعاش شعبها الطيب ، وعاش قضاؤها الشامخ الأبى الطاهر النزيه . . .         وإلى مقال آخر إن شاء الله .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق