الخميس، 4 أكتوبر 2012

أيها السادة . . . الرحمة ليست فوق العدل .


أيها السادة . . . الرحمة ليست فوق العدل .
---------------------------------------
أحياناً . . تتغلب علينا مشاعرنا وعواطفنا – خاصة عند النساء – وتتحكم فى آرائنا وأفكارنا وأفعالنا فى أمور جادة وهامة ، لا تحتمل خلط الأوراق ، بل تستوجب منا إعمال العقل والمنطق بكل حكمة ، ومراعاة الأصول والثوابت الراسخة فى المجتمع ، والبعد عن الميل والهوى ، وإلا كانت العواقب وخيمة والكوارث محققة . . وهنا أتذكر قول حكيم لإبنه وهو يعظه " يا بنى إذا إختلط عليك أمران ، فأنظر أيهما أقرب إلى هواك فخالفه ، لأن الصواب فى مخالفة الهوى " . . أما عن شريعة الله عز وجل فقد جاءت واضحة وقاطعة فى قول المولى عز وجل إلى نبينا محمد – عليه الصلاة والسلام – " وجعلناك على شريعة من الأمر فإتبعها ، ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون " صدق الله العظيم .

ولقد تعجبت كثيراً فى الأيام القليلة الماضية ، أن سمعت أصواتاً متناثرة هنا وهناك ، وطالعت آراءً لبعض المصريين الذين يطلقون على أنفسهم " أنصار مبارك ومؤيديه " ، وهذا حقهم ، فليناصروا من يشاؤوا وليؤيدوا من يريدوا ، ولكن بعيداً عما قضى به شرع الله فى خلقه وبين عباده ، وذلك عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ، فقال رجل من الصحابة : أنصره مظلوماً فكيف أنصره ظالماً ؟ فقال الرسول : بأن تمنعه عن ظلمه ، فإن فى ذلك نصره " صدق رسول الله . . فقد سمعت من يقول : إرحموا مبارك وإعفوا عنه وأصفحوا، من باب مقولة لم يثبت صحتها ، بل ثبت فسادها شرعاً وقانوناً ، وهى مقولة " أن الرحمة فوق العدل ". . ونسى هؤلاء أو تناسوا أن القضاء المصرى قد أدان مبارك فى محاكمة عادلة شهدها العالم أجمع ، وإستوفى فيها حق الدفاع ، وطبق معه القضاة قواعد الرأفة نظراً لكبرسنه ( المادة 17 عقوبات ) ، وقد كانت العقوبة الأصلية هى الإعدام بنص قانون العقوبات .

وأنا أقول . . أننى وبحكم دراستى للقانون والشريعة الإسلامية وأبحاثى فيهما بتوسع وعملى فى مجال القانون على مدى ثلاثين عاماً ، وما زلت أبحث لنيل درجة الدكتوراة فى القانون ، لم أصادف قط رأى واحد بين فقهاء القانون أو الشريعة الإسلامية يقول بأن الرحمة فوق العد ل بل أنهم جميعاً يتفقون على أن الرحمة فى إقامة العدل بين الناس ، لأن العدل هو أساس ملك الله ، والحياة فى القصاص للمجنى عليه من الجانى  كى تهدأ نفوس العباد ويستقيم أمرالمجتمع ، ومن أجل ذلك خلق الله العدل / وقال فى كتابه العزيز " وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " صدق الله العظيم .كما قال سبحانه " ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألبا ب " صدق الله العظيم.
. . . أليس فى ذلك ما يكفى لأن يسمو العدل فوق الرحمة . . إذن تلك مقولة فاسدة بجلاء .

أما عن مبارك وأنصاره ومؤيديه ، فلهم منى كل الإحترام والتقدير ، ولكن بشرط ألا ينال تأييدهم ومناصرتهم لمبارك من شرع الله ولا من ثوابت المجتمع أو أصوله أو قيمه ، فواقع الحال أنه كانت هناك ثورة أو إنتفاضة – كما يحلو لهم تسميتها – وأن هناك دماء لشهداء وقتلى مصريين سالت فى ميادين مصر ، وعاهات وتشوهات أصابت مصريين ، وكان مبارك آنذاك هو الحاكم الآمر الناهى فى هذا البلد ، رأى وسمع وعلم بأن بعضاً من أبناء شعبه يُقتلون ويُذبحون على يد وزير داخليته المجرم السفاح وضباطه وجنوده وبلطجية وزارة الداخلية ، فى السويس والقاهرة والأسكندرية وكل محافظات مصر ، فلم يحرك ساكناً ولم يأمر بمنع قتلهم ، وكان بإستطاعته ذلك . . وكما فى القانون قتل عمدى وقتل خطأ هناك أيضاً قتل بالإمتناع ، إحدى صوره أن يمتنع الحاكم أو صاحب السلطة عن إنقاذ أرواح بعض من رعاياه من القتل رغم قدرته على ذلك إلا أنه لم يفعل ، عندئذ يحق عليه العقاب ، إلا إذا عفا ولى الدم ، وأولوا دم الشهداء عندنا لم يعفوا ، فحق القصاص على مبارك ووزير داخليته – وإن أفلت من العقاب كثير من القتلة – وعقابهم عند الله أشد . . فقد أخطأ مبارك فى حق شعبه عندما سكت على قتلهم ، فظلم نفسه وصدق فى حقه قول الله تعالى " وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " صدق الله العظيم . .
فيا سادة . . جَردوا أنفسكم من الميل والهوى وحَكِموا شرع الله فيكم حتى يفلح أمرنا وينصلح حالنا ، ويا سادة . . شرع الله يوجب القصاص لهؤلاء الشهداء والقتلى كى تهدأ صدور أمهاتهم الثكالى ، هَبوا لو أن لكم شهيداً أو قتيلاً بينهم أكان هذا موقفكم ؟ ويا سادة من قال أن الرحمة بالقاتل أوالساكت على القتل فوق عدل الله ؟ ويا سادة . . الرحمة كل الرحمة فى إقامة العدل بين الناس .    وإلى مقال آخر إن شاء الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق