أيها
السادة . . . الرحمة ليست فوق العدل .
---------------------------------------
أحياناً .
. تتغلب علينا مشاعرنا وعواطفنا – خاصة عند النساء – وتتحكم فى آرائنا وأفكارنا
وأفعالنا فى أمور جادة وهامة ، لا تحتمل خلط الأوراق ، بل تستوجب منا إعمال العقل
والمنطق بكل حكمة ، ومراعاة الأصول والثوابت الراسخة فى المجتمع ، والبعد عن الميل
والهوى ، وإلا كانت العواقب وخيمة والكوارث محققة . . وهنا أتذكر قول حكيم لإبنه
وهو يعظه " يا بنى إذا إختلط عليك أمران ، فأنظر أيهما أقرب إلى هواك فخالفه
، لأن الصواب فى مخالفة الهوى " . . أما عن شريعة الله عز وجل فقد جاءت واضحة
وقاطعة فى قول المولى عز وجل إلى نبينا محمد – عليه الصلاة والسلام – "
وجعلناك على شريعة من الأمر فإتبعها ، ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون " صدق
الله العظيم .
ولقد تعجبت
كثيراً فى الأيام القليلة الماضية ، أن سمعت أصواتاً متناثرة هنا وهناك ، وطالعت
آراءً لبعض المصريين الذين يطلقون على أنفسهم " أنصار مبارك ومؤيديه " ،
وهذا حقهم ، فليناصروا من يشاؤوا وليؤيدوا من يريدوا ، ولكن بعيداً عما قضى به شرع
الله فى خلقه وبين عباده ، وذلك عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "
أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ، فقال رجل من الصحابة : أنصره مظلوماً فكيف أنصره
ظالماً ؟ فقال الرسول : بأن تمنعه عن ظلمه ، فإن فى ذلك نصره " صدق رسول الله
. . فقد سمعت من يقول : إرحموا مبارك وإعفوا عنه وأصفحوا، من باب مقولة لم يثبت
صحتها ، بل ثبت فسادها شرعاً وقانوناً ، وهى مقولة " أن الرحمة فوق العدل
". . ونسى هؤلاء أو تناسوا أن القضاء المصرى قد أدان مبارك فى محاكمة عادلة
شهدها العالم أجمع ، وإستوفى فيها حق الدفاع ، وطبق معه القضاة قواعد الرأفة نظراً
لكبرسنه ( المادة 17 عقوبات ) ، وقد كانت العقوبة الأصلية هى الإعدام بنص قانون
العقوبات .
وأنا أقول
. . أننى وبحكم دراستى للقانون والشريعة الإسلامية وأبحاثى فيهما بتوسع وعملى فى
مجال القانون على مدى ثلاثين عاماً ، وما زلت أبحث لنيل درجة الدكتوراة فى القانون
، لم أصادف قط رأى واحد بين فقهاء القانون أو الشريعة الإسلامية يقول بأن الرحمة
فوق العد ل بل أنهم جميعاً يتفقون على أن الرحمة فى إقامة العدل بين الناس ، لأن
العدل هو أساس ملك الله ، والحياة فى القصاص للمجنى عليه من الجانى كى تهدأ نفوس العباد ويستقيم أمرالمجتمع ، ومن
أجل ذلك خلق الله العدل / وقال فى كتابه العزيز " وإذا حكمتم بين الناس أن
تحكموا بالعدل " صدق الله العظيم .كما قال سبحانه " ولكم فى القصاص حياة
يا أولى الألبا ب " صدق الله العظيم.
. . . أليس
فى ذلك ما يكفى لأن يسمو العدل فوق الرحمة . . إذن تلك مقولة فاسدة بجلاء .
أما عن
مبارك وأنصاره ومؤيديه ، فلهم منى كل الإحترام والتقدير ، ولكن بشرط ألا ينال
تأييدهم ومناصرتهم لمبارك من شرع الله ولا من ثوابت المجتمع أو أصوله أو قيمه ،
فواقع الحال أنه كانت هناك ثورة أو إنتفاضة – كما يحلو لهم تسميتها – وأن هناك
دماء لشهداء وقتلى مصريين سالت فى ميادين مصر ، وعاهات وتشوهات أصابت مصريين ،
وكان مبارك آنذاك هو الحاكم الآمر الناهى فى هذا البلد ، رأى وسمع وعلم بأن بعضاً
من أبناء شعبه يُقتلون ويُذبحون على يد وزير داخليته المجرم السفاح وضباطه وجنوده
وبلطجية وزارة الداخلية ، فى السويس والقاهرة والأسكندرية وكل محافظات مصر ، فلم
يحرك ساكناً ولم يأمر بمنع قتلهم ، وكان بإستطاعته ذلك . . وكما فى القانون قتل
عمدى وقتل خطأ هناك أيضاً قتل بالإمتناع ، إحدى صوره أن يمتنع الحاكم أو صاحب
السلطة عن إنقاذ أرواح بعض من رعاياه من القتل رغم قدرته على ذلك إلا أنه لم يفعل
، عندئذ يحق عليه العقاب ، إلا إذا عفا ولى الدم ، وأولوا دم الشهداء عندنا لم
يعفوا ، فحق القصاص على مبارك ووزير داخليته – وإن أفلت من العقاب كثير من القتلة –
وعقابهم عند الله أشد . . فقد أخطأ مبارك فى حق شعبه عندما سكت على قتلهم ، فظلم
نفسه وصدق فى حقه قول الله تعالى " وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون
" صدق الله العظيم . .
فيا سادة .
. جَردوا أنفسكم من الميل والهوى وحَكِموا شرع الله فيكم حتى يفلح أمرنا وينصلح
حالنا ، ويا سادة . . شرع الله يوجب القصاص لهؤلاء الشهداء والقتلى كى تهدأ صدور
أمهاتهم الثكالى ، هَبوا لو أن لكم شهيداً أو قتيلاً بينهم أكان هذا موقفكم ؟ ويا
سادة من قال أن الرحمة بالقاتل أوالساكت على القتل فوق عدل الله ؟ ويا سادة . .
الرحمة كل الرحمة فى إقامة العدل بين الناس .
وإلى مقال آخر إن شاء الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق